التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أبريل 25, 2024

السفينة الأمريكية الاستراتيجية تحترق وجهود الإطفاء تخفق.. أربع فرضيات محتملة 

نشوب الحريق في السفينة يمكن أن يكون أكبر عدو لها في ظروف مختلفة؛ سواءً أكان ذلك في وقت الحرب بسبب هجوم العدو أو في وقت السلم وبسبب الإهمال، ويمكن أن يؤثر أدنى حريق بسرعة على السفينة بالكامل ويجعلها خارج التشغيل تمامًا.

في هذه الأيام التي تحاول فيها وسائل الإعلام المعادية وأجهزة المخابرات جعل قضية الحرائق في إيران أزمةً ذات عواقب اجتماعية وأمنية مختلفة، کان الحريق من نصيب “يو إس إس بونهوم ريتشارد” وهي سفينة برمائية هجومية أمريکية، والتي احترقت في قاعدة بحرية قبالة ساحل “سان دييغو” بكاليفورنيا أمام ملايين المشاهدين.

وتظهر لقطات تلفزيونية أن السفينة تعرضت لأضرار بالغة، ومن المرجح أن تخرج السفينة بشکل نهائي من المخزون التشغيلي للبحرية الأمريكية. قبل مناقشة أبعاد هذا الحريق، دعونا نتعرف على هذه السفينة.

“يو إس إس بونهوم ريتشارد” سفينة برمائية هجومية من طراز “واسب”، تبلغ قيمة كل واحدة منها حوالي 1.5 مليار دولار. هذه السفينة المعروفة بالکود LHD-۶، هي السفينة السادسة في فئتها وتوجد ثماني من هذه السفن في أمريكا.

تزن هذه السفينة أكثر من 40 ألف طن ويبلغ طولها 257 مترًا وعرضها 31 مترًا. والطاقم القياسي لهذه السفينة هو حوالي 1200 شخص، ويمكن أن تحمل ما يصل إلى 1678 من مشاة البحرية. ودخلت السفينة الخدمة في 15 أغسطس 1998.

بالإضافة إلى القوات المسلحة والمعدات المدرّعة، يمكن للسفينة أيضاً أن تحمل مجموعةً متنوعةً من طائرات الهليكوبتر للنقل والهجوم والنوع العمودي من الجيل الخامس من مقاتلات “إف 35”. وتشمل الطائرات الأخرى التي تحملها هذه السفينة عادةً، مروحيات مثل ۷۰ AH-۱Z، UH-۱Y، CH-۵۳E، SH و۲۲ MV.

وبحسب نوع المهمة، يختلف عدد الطائرات المحمولة في هذه السفن. وفي الوقت نفسه، وفقًا للنماذج المختلفة في هذه السفينة، من الممكن نقل وإطلاق نماذج مختلفة من الحوامات وسفن الإنزال أيضاً. ومن بين هذه السفن، الحوامات من سلسلة LCAC التي تبلغ سعتها الاستيعابية 60 طنًا. وفي مهام الغارات الجوية، السفينة قادرة علی استيعاب وإطلاق مقاتلات “إيه في-8 بي هارير” و”إف 35 بي”.

وفيما يتعلق بأنظمة الرادار، تم تجهيز هذه السفن بأنظمة مثل رادار البحث الجوي AN/SPS- ۴۹ ورادار البحث السطحي ۶۷ AN/SPS وفي قسم دفع السفن من طراز “واسب”، تم تجهيزها بتوربينين غازيين “إل إم 2500″، تم تصنيعهما بواسطة شركة جنرال إلكتريك، والتي توفر سرعةً نهائيةً تبلغ 41 كم/ساعة لهذه السفينة. ويبلغ مدى هذه السفن إذا تحرکت بسرعة حوالي 33 كيلومترًا في الساعة، حوالي 17 ألفًا و600 كيلومترًا.

وفي مرحلة الدفاع الجوي أو أنظمة الدفاع، تم تجهيز هذه السفينة بمجموعتين من قاذفات صواريخ “ريم 116” قريبة المدی، ومجموعتين من قاذفات “ريم 7″، واثنتين من أنظمة الدفاع القريب “فالانکس”، ومدافع 25 مم 38 مم. كما تم تركيب عدة رشاشات من عيار “کاليبر 12.7” ملم على هذه السفينة.

تلعب هذه السفن دورًا مهمًا في نقل قوات مشاة البحرية الأمريكية، وتعتبر مهمةً واستراتيجيةً للجيش الأمريكي خلال أي عمليات برمائية. ولدى أمريكا حاليًا سفن من طراز “واسب” و”أمريكا” لهذا الغرض.

ماذا حدث لـ “يو إس إس بونهوم ريتشارد”؟

في الوقت الحاضر، وبالنظر إلی أن الحادث لم ينته بعد، لا يمكن تحديد السبب الدقيق للحادث، ولكن وفقًا للمعلومات الأولية، بدأ الحريق في الجزء السفلي من السفينة وسُجِّل منذ البداية صوت العديد من الانفجارات.

وعندما بدأ الحريق، تم إرسال فرقة الإطفاء الخاصة بالسفينة إلى مكان الحادث، مع وحدات من القاعدة البحرية المضيفة، وبالطبع فرقة إطفاء المدينة، لكن الحريق لايزال مستمراً.

ووفقًا للمعلومات المتاحة، كانت السفينة المعنية موجودةً في هذه القاعدة منذ عام 2018، وهي تقضي فترة إصلاحها وتحديث نصف عمرها.

في البداية، ظهرت قوارب الإطفاء حول السفينة وحاولت إطفاء الحريق برش المياه من الخارج. وفي الوقت نفسه، أعلن قائد السفينة أن السفينة ستعود إلى البحر بعد إخماد الحريق وإجراء إصلاحات كبيرة.

وبحسب البحرية الأمريكية، أصيب 18 شخصاً من طاقم السفينة بسبب المشاركة في عمليات مكافحة الحرائق، وتم نقلهم إلى المستشفى. كما تم إخلاء منطقة على بعد كيلومتر ونصف حول السفينة، ولا يُسمح إلا بتواجد أفراد الإطفاء والإنقاذ في المنطقة، ويُطلب من بقية الموظفين المغادرة.

ولكن ، وصل الحريق إلى جسر القيادة والسطح الرئيس للسفينة، وأذابه بالكامل من الداخل. شدة الضرر كبيرة جداً لدرجة أنه من غير المحتمل أن تكون هذه السفينة تستحق الإصلاح ماليًا بعد إطفاء الحريق. وفي مثل هذه الحالات، عادةً ما يتم تقدير تكلفة إصلاح السفينة، وعندما يتجاوز الرقم المطلوب حدًا معينًا، يتم تحديد السفينة بأنها لا قيمة لها للإصلاح وتصبح قديمةً.

لقد تدمَّر قسم جسر القيادة المحلية حيث توجد معظم أنظمة الرادار والأنظمة الإلكترونية الحساسة، ويتم فيه قيادة السفن وعمليات الطيران مع التحكم في أنظمة الأسلحة، ومع تدمير هذا القسم، من الواضح أن السفينة قد تعرضت لأضرار بالغة، وستكون على الأرجح خارج الخدمة إلى الأبد.

بينما عادةً في مثل هذه الأحداث داخل إيران، هناك كمية كبيرة من الأخبار التي تضخها وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية التي تمولها أمريكا وحلفاؤها، لتضخيم الحادث وتغطيته ثانيةً فثانية، ولكن في هذا الحادث الذي تسبب في خسائر تصل إلى عشرات بل مئات الملايين من الدولارات للجيش الأمريكي، فلا يوجد مثل هذا السلوك الإعلامي.

ومن ناحية أخرى، في الأحداث التي تقع داخل إيران، تتكرر باستمرار مفردات مثل نقص الإمکانات وضعف الإدارة، في الشبكات الاجتماعية وخبراء وسائل الإعلام الأجنبية، ولكن فشل الجيش الأمريكي ومراکز الإطفاء في إخماد حريق هذه السفينة من البر والبحر بعد 12 ساعة، لا يؤدي إلى مثل هذه التحليلات من قبل الخبراء ووسائل الإعلام هذه، ليتضح أن أهم شيء من أي رسالة في هذه الأحداث، هو إعادة ضخ “احتقار الذات” و”استصغار النفس” في صفوف الشعب الإيراني ووسائل الإعلام المحلية.

أربع فرضيات لدراسة الحادث

أما فيما يتعلق بماهية الحدث وسببه وکيفية وقوع الانفجار على متن سفينة “بونهام ريتشارد” الليلة الماضية، فقد تم طرح العديد من الاحتمالات ودراستها، ولكن يمكن دراسة أربع فرضيات على الأقل بشكل أكثر جديةً من الفرضيات الموجودة الأخرى، نوجزها فيما يلي:

الفرضية الأولی هي: بسبب تورط الجيش في القمع العنيف وغير المسبوق للاحتجاجات الأخيرة المناهضة للعنصرية في أمريكا، وبالنظر إلی الانقسامات الاجتماعية العميقة في أمريكا، أقدمت بعض العناصر الاحتجاجية داخل الجيش الأمريكي علی هذا الإجراء.

وبالطبع، بالنظر إلى سياسة القمع المستمرة في أمريكا ، يمكن أن تستمر هذه الإجراءات بشكل عفوي في مواضيع أخرى وتنتقل إلى مجالات أخرى.

الفرضية الثانية هي: لأن التنافسات الحزبية في هذه الفترة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية أصبحت في ذروتها، بسبب الظروف الخاصة لهذا البلد وسلوكيات ترامب المتناقضة والمكلفة، وجعلت من الصعب جدًا التنبؤ بنتيجة الانتخابات، فإن وقوع مثل هذه الأحداث يمكن أن يغير مصير الانتخابات بشكل جاد. ولذلك، من الممكن أيضًا تصور إمكانية تخطيط وتنفيذ هذا الإجراء في سياق المنافسات الحزبية، لأنه كانت هناك حالات مماثلة في الانتخابات السابقة، مما يعزز هذه الفرضية.

والفرضية الثالثة هي: الأحداث الأخيرة في أمريكا ، وخاصةً الاحتجاجات الضخمة، وكذلك موجة المعارضات لإدارة ترامب بسبب عدم قدرتها على احتواء تفشي کورونا، وضعت ترامب في وضع هش للغاية وقللت بشكل كبير فرصه في الفوز بالانتخابات. حيث تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن منافسه الديمقراطي “جو بايدن” يتقدم عليه بنسبة 7 في المئة.

ووفقاً لذلك؛ يمكن أن يكون انفجار السفينة الأمريكية إجراءً من قبل إدارة ترامب، لإضفاء الطابع الأمني علی الأجواء والسماح بمزيد من الهجمات على المعارضين وقمع أكثر حدةً للاحتجاجات، خاصةً وأن ترامب أظهر في السنوات الأربع الماضية أنه لن يتردد في أي إجراء للحفاظ على منصبه.

أما الفرضية الرابعة فهي: يمكن أن يكون الانفجار والحريق في السفينة الأمريكية، نتيجةً لعملية إلكترونية تمت من خارج هذا البلد، أو تنفيذ عملية خاصة، لأن حكومة أمريكا وبسبب اتخاذ إجراءات مماثلة ضد دول أخرى، يجب أن تتوقع بطبيعة الحال أن تتعرض للانتقام. لذلك، يمكن التوقع أن مصدر الانفجار والحريق في السفينة الأمريكية كان عمليةً عبر الإنترنت أو عمليةً خاصةً ذات أصل رمادي.

بالإضافة إلى هذه الفرضيات، فإن ما جعل الأجواء أكثر غموضاً حول هذا الحادث، هو رد فعل أمريكا على حالات مماثلة، حيث حاولت الإدارة الأمريكية المراوغة عبر الإخفاء وعدم الكشف عن المعلومات الدقيقة.

ومن بين هذه الحالات، يمکن الإشارة إلی تحطم طائرة تجسس أمريكية من طراز E-11A في ولاية “غزنة” بأفغانستان في يناير من هذا العام، حيث على الرغم من المتابعة الحثيثة لوسائل الإعلام والرأي العام داخل وخارج الولايات المتحدة، رفض البيت الأبيض والبنتاغون حتى الآن تقديم شرح دقيق وواضح للحادث وتداعياته.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق