ممالك تنقرض واخرى تفرض نفسها والوعد الصادق آت!
* محمد صادق الحسيني
من معلولا الى صنعاء الى شوارع المنامة وحاراتها الى مدن العراق الى سيناء الى طرابلس لبنان : اللاعب والفاعل واحد ، انه ذلك الذي خطفت التحولات الكبرى النوم من عينيه ولم يعد قادرا على مواكبة تسارع الاحداث ومفاجآتها، فقرر “الحرد” حتى على الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي !
لاشئ في الافق يوحي بانه يمكن ان يتعلم من تجارب الماضي او انه بصدد اجراء مراجعات يمكن ان تطور من رؤيته او منهجيته في التعامل مع المستجدات ، لانه لا يملك ديناميكية القدرة على التحول الذاتي كما يقول مطلعون من داخل السور العالي الذي يفصل هذا اللاعب الوحيد المتبقي هناك وحيدا ومعزولا و الذي يصر على البقاء في العالم الافتراضي الذي بناه لنفسه في الوقت الذي نزل فيه الجميع “ليمشوا في الاسواق وياكلوا الطعام ” كما ينبغي ان تكون الناس والاشياء !
العالم يتغير جيو استراتيجيا والبحار تتلاطم و المصالح تتقارب واللاعبون الذين باتوا كثرا على المسرح الدولي بدأوا يتقنون فن تنظيم الاختلاف بعد ان اتقنوا فن التعاون والائتلاف الا هذا اللاعب المصر على البقاء خارج دائرة المعقول !
فواشنطن تتجه رويدا رويدا للاذعان بان عليها الافساح بالمجال لدخول لاعبين جدد كبار ومتوسطين وصغار الى المسرح الدولي مهما اختلفت معهم لانها ادركت ولو متأخرا بان نجمها يأفل شيئا فشيئا وان لاعبين محترفين اعتلوا المسرح الدولي رغم انفها بفضل اتقانهم فنونا جديدة ليس اقلها فن ديبلوماسية حياكة السجاد !
وموسكو تتجه رويدا رويدا لاخذ موقع متميز لها على المسرح الدولي لانها اتقنت فن التقدم المنظم والمؤتلف مع الآخر وكيفية ملئ الفراغات الناتجه عن انكفاءة الامبراطورية المصابة بالشيخوخة المبكرة والتي حاولت قيادة العالم احاديا فما قدمت الا الخراب الشامل والفوضى والهرج والمرج واثبتت انها ربان فاشل !
في هذه الاثناء ظهرت طهران التي اتقنت فن اللعب مع الكبار بانها قادرة رغم كل اشكال الضغوط والحصار بانها تمسك بخيوط عديدة في المعاطلتين الاقليمية والدولية ما يكرسها شيئا فشيئا لتأخذ مقعدها الثابت والمستقر في نادي الدول والقوى الكبرى دون استئذان من احد !
القاهرة بدورها وبعد ان اثبتت انها تتقن فن تجديد دماء ثورتها وابقاء حيوية مجتمعها تحت كل الظروف هي الاخرى اثبتت بانها قادرة قريبا الخروج من قوقعتها التي ادخلها فيها جماعة الاسلام الامريكي لترى النور قريبا مجددة دورها التاريخي والرائد عربيا وافريقيا واسلاميا !
حتى انقرة ورغم حيرتها وارتباك خطواتها وتخبطها بين ماضي هويتها و مجهول مستقبلها لكنها رغم ذلك تتجه نحو ائتلافات جديدة محاولة استعادة بعض ما تبقى من ماء وجهها بسبب خطيئة المشاركة في سفك الدم السوري و نهب تراث و صناعة بلاد الشام الجريحة من خلال التوجه لحليفي دمشق المنتصرة في الميدان اي اعادة رسم خطوط سياسة صفر مشاكل عبر كل من طهران وبغداد !
وحدها الرياض مصرة على استحضار التاريخ الغابر والبقاء في الدرعية دون تغيير رافضة بذلك رياح التغيير والتحول الاجباري في حياة الامم !
فهي من جهة تريد استحضار ايام تلك الحقبة التاريخية في العام ١٨٠٤ م ، في محاولة منها للانتقام من اسطنبول و بيروت والقاهرة التي تشاركت في طردها من تخوم الشام !
وهي من جهة اخرى مصممة على استبدال عدو الامة التاريخي والمجمع عليه لدى جمهور الامة اي العدو الصهيوني بعدو وهمي لا وجود له الا في اذهان صناع قرار الدرعية الجديدة مقررين بذلك التوحد والتماهي مع اسرائيل ضد الجارة ايران رغم جسامة مثل هذا الارتكاب الاستراتيجي الخطير !
وهذا الذي نقول لم يعد مجرد ادعاء عليها بعد ان سمعنا جميعا التصريح الشهير للامير الوليد بن طلال بانه اذا ما هاجمت اسرائيل ايران فانه سيقف الى جانب اسرائيل مدعيا بالطبع انه يتكلم باسم اهل السنة والذين لم يفوضوه اصلا في حكم الجزيرة العربية فما بالك في النطق باسمهم من طنجة الى جاكارتا! !
بل على العكس تماما فالذين التقوا الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في بيروت الاسبوع الفائت وهم كثر وهو القادم من جولة خليجية ومن القاهرة المتجددة التي مر ذكرها ينقلون عنه كلاما كبيرا :
ان من حق ايران ليس فقط ان يكون لها موطئ قدم على المتوسط بل وان تدافع عنه بكل ما اوتيت من قوة وهذا هو شأن مصر التي من حقها ان تكون في قلب تطورات المشرق العربي وجزء لا يتجزأ من الامن القومي لبلاد الشام !
اما اولئك المدعون بعداوة العرب والمسلمين لايران يضيف هيكل ودائما على لسان زواره :
فهؤلاء افاقون و مخادعون و مزيفون لحقائق التاريخ والجغرافيا وهم انما يروجون لهذا الكلام لانهم فقدوا وظيفتهم التاريخية التي كلفوا فيها خلال القرن الماضي وهم في طريقهم الى الانقراض نعم الى الانقراض والخروج من المسرح السياسي !
هذا الكلام السياسي الهام لهيكل ياتي في الواقع تأكيدا لما تعتقده قطاعات واسعة جدا من اطياف الامة و قواها الحية بان المنطقة ورغم الجراح العميقة النازفة فيها فانها ذاهبة نحو النصر المؤكد على عدو الامة الاوحد الا وهو الصهيونية العالمية متمثلة بقاعدتها المتقدمة اي اسرائيل وان هذا هو الوعد الصادق المنصوص عليه في كتاب الله وهو الذي لطالما وعدنا به سيد المقاومة في اكثر من مناسبة والذي تؤكد كل الاحداث والوقائع بانه سينبثق من بين ثنايا انتصارات شامنا الحبيبة ، شام العزة والكرامة ومعراجنا المقدس الى السماء بعد ان اقتربت مهمة تطهيرها من الغزاة المتسللين اليها في جنح الظلام من نهايتها المحتومة .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق