فليعلموا ان ايران هي ايران
ما ان جف حبر اتفاقية جنيف بين ايران ودول (5+1) والذي قيمها العالم بانها انتصار للارادة الايرانية وحقوقها المشروعة خاصة في مجال تخصيب اليورانيوم، حتى ثارت ثائرة الغرب وعلا صراخه حيث بدأ المسؤولون الاميركيون وفي مقدمتهم الرئيس اوباما ووزير خارجيته جان كري بتفسير الاتفاقية على مقاساتهم بان الاتفاقية لا تتضمن حق ايران بتخصيب اليورانيوم وانه يجب وقف العمل بمنشأة اراك التي لا تحتاجها ايران.
وبعدها بايام خرج علينا جان كري وفي حديثه امام الكونغرس باسطوانة جديدة وهو ادخال شروط غير نووية على الاتفاقية النووية البحتة من قبيل قضايا حقوق الانسان والصواريخ ووقف ايران دعمها لسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وحماية امن الكيان الصهيوني وغيرها من الخزعبلات التي تتناقض تماما مع روح اتفاقية جنيف.
و بعد ان وقعت اميركا اتفاقية جنيف يبدو انها أحست بالغبن لانها وطيلة العشر سنوات الماضية طبلت كثيرا ووضعت حتى بعض الشروط المستحيلة لوقف البرنامج النووي الايراني لكنها سرعان ما أفلست امام المنطق الايراني الذي فتح صدره لمناقشة أي موضوع يطرح على الطاولة ليبرهن للعالم اجمع بان برنامجه النووي سلمي تماما ولا انحراف فيه وهذا ما خرجت به جميع فرق التفتيش الدولية التي زادت المنشات الايرانية ليومنا هذا.
ورغم تحفظات القيادة الحكيمة والثاقبة التي تتمثل بسماحة الامام الخامنئي على التعامل مع الغرب على انه طرف غير موثوق به ولايمكن التعويل على وعوده والتزاماته الا انه فسح المجال امام الرئيس روحاني والفريق المفاوض للتعامل والتعاطي مع الغرب بجدية ومصداقية حتى نثبت للعالم مرة اخرى ان الاخير غير جاد وغير صادق في نواياه لحل الملف النووي وهذا ما اشارة اليه سماحة الامام القائد الشهر ا لماضي بانه من الخطأ التصور بان مشكلتنا مع اميركا هي القضية النووية واذا حلت هذه القضية يوما، فهل تتصورون ان المشكلة انتهت لا انهم سيطرحون عشرات القضايا والذرائع كقضية حقوق الانسان والصواريخ والمقاومة وكذا وكذا. وفعلا صدقت نبوءة الامام القائد ولم تدخل بعد الاتفاقية حيز التنفيذ.
ان اميركا العدوة اللدود لايران هي في الواقع عدوة للاسلام الثوري الاصيل الذي لايسمح لها بنهب ثروات المسلمين والهيمنة على بلادهم ومقدراتهم وان ايران لا تبخل ببذل الغالي والنفيس في هذا المجال وهذا هو الذي يؤرق اميركا ويزيد من غضبها وعدائها لايران. اما النووي فمجرد ذريعة لا اكثر وهذا ما ثبت لحد الان على ارض الواقع، فمشكلة ايران الرئيسة مع اميركا انها خرجت عن بيت الطاعة وشجعت الاخرين على هذا السلوك المقدس والوطني والاستقلالي الذي يحفظ كرامة الشعوب وعزتها ورفعتها. وهذا ما لايمكن ان ترضخ اليه واشنطن بهذه السهولة ما لم يتهشم رأسها بصخرة الشعوب المقاومة والتحررية.
فما اقدمت عليه اميركا عبر وزارتي الخارجية والخزانة مساء الجمعة باضافة 19 شركة وشخصية ايرانية على لائحة الحظر المفروض على ايران تعتبر خطوة طائشة وغير مدروسة وتتناقض اساسا مع ما اتفق عليه في جنيف وهي بالتالي ستتحمل وزر عملها اللامسؤول وتداعيات ما يحدث عن ذلك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يجري في الخارجية الاميركية؟ أهي لعبة قذرة ام توزيع ادوار ففي الوقت الذي يدعو جان كري الكونغرس بعدم التصويت لحظر جديد على ايران، نرى الخارجية الاميركية تقدم على هذه الخطوة الغبية واللامشروعة!!
أي كانت هذه اللعبة لقد وقف العالم الحر وشعوبه المتحررة على حقيقة ساطعة طالما سعت القوى الاستكباية الظالمة ان تطمسه بان ايران لا تلتزم بالقوانين والاتفاقيات الدولية واذا بها اليوم قد نسفت هذه الاتفاقية بشربة ماء ولم تستطيع الحفاظ على ما ماء وجهها ان بقي لها شيء منه فاليوم انكشف امرها بانها دولة لا مصداقية ولااعتبار لمواثيقها وانها دولة هزيلة وضعيفة تتخذ قراراتها تحت ضغوط بعض الاطراف الداخلية والخارجية الموتورة واللامسؤولة. اما ايران التي اوقفت تفاوض خبراءها مع (5+1) واستدعتهم الى طهران للتشاور هي خطوة رادعة اولى تلحقها خطوات مناسبة بحيث يندم الجانب الاميركي على فعلته الحمقاء ويتحمل المزيد من الذل والهوان ليتسكع عبر الوسطاء عند بوابة طهران متوسلا اليها للعودة الى مائدة المفاوضات وعندها لكل حادث حديث!
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق