التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

’هبة شعبية’ في اليمن تطالب بحكم ذاتي لحضرموت 

علي عبد سلمان

صنعاء ـ وسام محمد

تشهد المحافظات اليمنية الجنوبية حالة من التوتر الشديد بعد ساعات “الهبة الشعبية” التي بدأت بعد صلاة الجمعة، من أجل السيطرة على محافظة حضرموت، وطرد قوات الجيش والأمن منها، بعد انتهاء المهلة التي حددتها قبائل حضرموت للحكومة اليمنية.

واحتشد عشرات الألاف في مدينة المكلاء وفي مدن جنوبية أخرى، وبدأت عملية السيطرة على المباني الحكومية وشوهد علم الجنوب فوق مبنى ادارة أمن المكلا، وشهدت دعوة “الهبة الشعبية” استجابة واسعة، والتي خرج فيها الجنوبيون للمطالبة باخراج قوات الجيش والأمن من المحافظة، وتسليم حضرموت لأبناءها، لكي يديروها بأنفسهم، على خلفية مقتل زعيم قبلي برصاص قوات الجيش.

وتتهم قبائل حضرموت الجيش بأنه قتل زعيم قبيلة الحموم الشيخ سعد بن حبريش ومرافقيه، مطلع الشهر الجاري، عند مدخل مدينة سيئون في محافظة حضرموت.

وكانت أقرت الهيئة التنسيقية، لـ “الهبة الشعبية” جملةً من التدابير والإجراءات العملية التي من شأنها إنجاح الـ “هبة” وتحقيق أهدافها المعلنة. ودعت في بيان لها إلى الاحتشاد بعد صلاة الجمعة في ساحة الهبة الشعبية بالمكلا وكل ساحات الهبة الشعبية في الحواضر، ثم تنطلق وفود رمزية إلى مراكز الأمن العام بالمديريات وتسليمها رسالة بصيغة موحدة مضمونها إعلان الولاء للهبة الشعبية”. وقال البيان ان “الاعتصام العام في ساحة الهبة الشعبية من الساعة الرابعة عصراً، والتفاعل مع برامج الهبة وفق خطة الهيئة التنسيقية..”، كما أكد البيان “منع إدخال القات إلى حضرموت ابتداءً من 20 ديسمبر، وإغلاق أسواقه في كل مناطقها”.

في غضون ذلك، بدأ الجيش اليمني يوم الاربعاء الماضي بالانتشار في مدن حضرموت وبقية المدن الجنوبية الأخرى، في ظل مخاوف من سيطرة القبائل على هذه المدن، وفرض سيطرتهم عليها، خصوصاً ان دعوة “الهبة الشعبية” لاقت استجابة واسعة بين شرائح المجتمع الحضرمي والجنوبي كافة.

وتشهد المحافظات الجنوبية في اليمن، حالة من التأجيج المستمر والتوتر، منذ مقتل شيخ قبيلة الحموم خلال حملة لمكافحة حمل السلاح، مطلع الشهر الجاري، وزاد من حدة التوتر أن السلطات اليمنية قالت بعد الحادثة أن القتيل من “تنظيم القاعدة”، وهو ما أعتذرت عنه لاحقاً، إلاّ ان الاعتذار لم يخفف من احتقان الشارع الجنوبي، حيث دعت قبائل حضرموت الى عقد مؤتمر باسم “التحالف القبلي لأبناء حضرموت” لمواجهة الحكومة، التي لم تسارع الى تسليم قتلة الشيخ بن حبريش.

وطالبت القبائل خلال المؤتمر وعدة لقاءات عقدتها خلال الأيام الماضية بتسليم قتلة بن حبريش ومرافقيه وإخراج قوات الجيش من مدن المحافظة وإسناد مهام الأمن إلى قوى أمنية مشكلة من رجال أمن ينتمون لحضرموت، وهو ما لم تستجب له حكومة صنعاء بشكل فعلي.

وفي ظل هذه الاجواء، فشلت مساعي مصالحة قادها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بعد أن شكّل لجنة وساطة للتفاوض مع رئيس تحالف قبائل حضرموت والعودة إلى التحكيم القبلي.

مساعي فاشلة

الى ذلك، وحول مساعي السلطات اليمنية في احتواء “الهبة الشعبية” في حضرموت، قالت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” الخميس، أن “اللجنة الرئاسية المكلفة بالتحقيق في ملابسات حادثة مقتل الزعيم القبلي سعد بن حمد بن حبريش ومرافقيه، التقت في مدينة سيئون بأعضاء مجلسي النواب والشورى ومدراء عموم المديريات ومكاتب الوزارات والعلماء والشخصيات الاجتماعية والأعيان وجمع من المواطنين، في محاولة لاحتواء تداعيات مقتل بن حبريش خلال اشتباكات بين مرافقيه وجنود نقطة أمنية في سيئون قبل أسابيع وهو ما أدى إلى مقتل أربعة جنود واثنين من مرافقي الزعيم القبلي”.

وكانت اللجنة الرئاسية قد شكّلت برئاسة نائب وزير الداخلية اللواء الركن علي ناصر لخشع وتحت اشرافه “للتحقيق في حادثة مقتل بن حبريش، ومتابعة القضايا والمطالب الحقوقية المشروعة التي تهم كل ابناء حضرموت دون استثناء”. وهي المطالب التي أعلن عنها المؤتمر القبلي الحاشد الذي عقد في العاشر من الشهر الجاري في وادي نحب بحضرموت لمناقشة تداعيات مقتل بن حبريش، ودعا المؤتمر إلى تسليم المهام الأمنية إلى أبناء محافظة حضرموت وإخراج المعسكرات من المدن، خلال مدة تنتهي الجمعة، وفي حال لم تستجب السلطات فإن ابناء حضرموت، سيخرجون في “هبة شعبية” ستتولى تنفيذ هذه المطالب بنفسها.

مخاوف من توسع الاحتجاجات واستقلال جنوب اليمن

وقال رئيس اللجنة الرئاسية ان “اللجنة الامنية في حضرموت اتخذت قرارا بإعادة النظر في خارطة نقاط التفتيش وإبقاء النقاط التي تحمي امن ابناء المنطقة، على ان يتولى أبناء حضرموت قيادة تلك النقاط وتخضع تلك النقاط لأوامر مدراء عموم المديريات”. وهو القرار الذي أصبح متأخراً كونه يأتي قبل يومين فقط من انتهاء المدة المحددة. ولفتت اللجنة إلى أنها أتخذت “قراراً بنقل مقرات معسكرات القوات المسلحة من المدن” غير ان هذا القرار سيتم الاعلان عنه يوم السبت القادم، أي بعد انطلاق الهبة الشعبية بيوم واحد، الأمر الذي قد يفسر عدم جدية السلطات الأمنية في تنفيذ مطالب أبناء حضرموت، وأنها فقط تسعى لكسب مزيد من الوقت، لتتمكن من استقطاب زعماء القبائل واغرائهم بالمال لثنيهم عن المضي قدما مع خيار الهبة الشعبية.

 

قلق النفط

وفي السياق، وعلى الرغم من أن حلف قبائل حضرموت طمأنوا في بيانهم الأخير “الخبراء والعاملين الأجانب في مختلف الشركات النفطية والمقيمين في حضرموت، بأنهم ضيوف وليسوا مستهدفين”، الا ان شركات النفط العاملة في محافظة حضرموت تتخوف من تفاقم الوضع الأمني في المحافظة على خلفية اندلاع الهبة الشعبية، خصوصاً مع وجود معلومات نشرتها وسائل اعلام يمنية تشير إلى أن اللواء علي محسن الأحمر القائد السابق لما كان يعرف بـ”الفرقة الأولى مدرع” في الجيش اليمني، بعث برقيات إلى الشركات النفطية العاملة في حضرموت يطمئنها ويؤكد “ان القبضة الأمنية في حضرموت تحت السيطرة في ظل الحالة الشعبية العابرة”.

ففي حال صحة هذه المعلومات التي اطلقها اللواء الأحمر الذي لا يزال يتمتع بنفوذ قوي داخل الجيش اليمني، ويشغل منصب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية، فإنها ستثير سخط أبناء حضرموت، الذين يرفضون أي تواجد عسكري داخل المحافظة، والذين يحتفظون للأحمر بسمعة سيئة، كونه من أبرز القادة العسكريين الذين اجتاحوا الجنوب، خلال حرب صيف 1994م وهو ايضاً ممن أمعنوا في نهب ثروات الجنوب واذلال أبنائه.

 

وضع صعب

تأتي هذه الأحداث في ظل وضع صعب تعيشه اليمن، حيث أعلنت مؤخراً إدارة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن نحو 18 مليوناً من سكان اليمن الذين يبلغ عددهم 25 مليوناً بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وقالت الأمم المتحدة إن “عشرة ملايين يمني يعيشون في ظل انعدام تام للأمن الغذائي، مع عجز حكومة البلاد عن التصدي لهذه المشكلة”. يرافق هذا وضع امني منفلت، وعملية سياسية لا تزال تتأرجح، بين الفشل، ومحدودية التأثير الذي تمارسه في الشارع اليمني.

وتصاعدت وتيرة العنف في اليمن خلال الاسابيع الاخيرة، خصوصاً مع الهجوم الكبير الذي استهدف مجمع وزارة الدفاع في الخامس من كانون الاول/ديسمبر، وأسفر عن مقتل 56 شخصاً واصابة نحو 200 اخرين، واعلنت “القاعدة” مسئوليتها عنه.

كما أن استهداف خطوط الكهرباء لايزال مستمرا بالتوازي مع استهداف انابيب النفط، التي قدرت خسارتها  بـ 4,75 مليار دولار بين اذار/مارس 2011 واذار/مارس 2013. وفي الشمال، تستمر الحرب بين جماعة السلفيين، وجماعة الحوثيين.

يشار الى ان محافظة حضرموت تعد بأنها أكبر محافظة يمنية من حيث المساحة، فهي تحتل 36% من مساحة اليمن، وعاصمتها مدينة المكلاء التي تصنف بأنها من أهم المدن اليمنية ويأتي ترتيبها من حيث الأهمية بعد مدينتي صنعاء وعدن، وتتميز حضرموت بطول ساحلها المطل على البحر العربي حيث يبلغ طول ساحلها حوالي 450 كم، كما تحتل جزءاً كبيراً من صحراء الربع الخالي، وتحدها من الشمال المملكة العربية السعودية، وتوجد في حضرموت عدد من الأبار النفطية، وقرابة 50 قطاع نفطي.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق