زيارة الاربعين: الحشود المليونية تغطي مئات الكيلومترات من الطرق في اضخم مسيرة راجلة عرفها التأريخ
تقرير / احمد خلف
امتلأت مئات الكيلو مترات في البلاد بالحشود المليونية الزاحفة صوب كربلاء التضحية والفداء حيث مثوى ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام لاحياء ذكرى الاربعينية في مشهد مهيب يعبر عن مدى الولاء والارتباط بالعترة النبوية الطاهرة وتحديا لارهاب الجماعات التكفيرية واجرامهما الدنيء الذي لا يميز بين طفل وشيخ كبير طاعن في السن او امرأة و شاب .
الزيارة المليونية التي شارك فيها زوار عرب واجانب وتميزت هذا العام بضخامتها رافقتها اجراءات امنية مشددة غير انه قد تخللتها بعض الخروقات التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من زوار الاربعينية ما ادى الى بروز دعوات للاجهزة الامنية الى تكثيف نشاطها لاحباط المخططات الارهابية .
فقد دعا ممثل المرجعية الدينية العليا السيد احمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة الماضية، الحكومة الى الايعاز الى القوات الأمنية المكلفة بحماية الزائرين ان تبذل جهدا مضاعفا للحيلولة دون استهدافهم من قبل العصابات الارهابية “، مؤكدا ان “القوات الأمنية تواجه عدوا خسيسا وجبانا ويستغفل الأبرياء ويقتلهم باعتداءات إرهابية دنيئة”.
واوضح ان ” اعمال الارهابيين الدنيئة على مسيرة العشق الحسيني ستزيد من حماسة المؤمنين في المشاركة بمراسم الزيارة الاربعينية وانه كلما زاد التفجير زدنا اصرارا وعقيدة.
وفي السياق ذاته طالب النائب عن التحالف الوطني خالد الاسدي الحكومة بالاسراع في انقاذ زائري الامام الحسين عليه السلام من الاستهدافات التي يتعرضون لها.
وذكر الاسدي ان ” قضية استهدف زائري الامام الحسين {ع}، ليست جديدة ولا ترتبط بهذا الزمن، وانما هي قديمة”، مبينا ان “الزوار كأمامهم الحسين {ع} مستهدفون دائما”.
وشدد على ضرورة “ملاحقة الجماعات التي تستهدف الزائرين المتجهين نحو كربلاء “.
فيما ادانت وزارة حقوق الانسان التفجيرات الارهابية التي تسهدف زوار الاربعينية.
وذكر بيان للوزارة انه “لا يزال زوار الإمام الحسين يواجهون المجزرة تلو الاخرى من خلال الفئات التكفيرية الحاقدة على المدنيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم ” ، مشيرا الى ان” قتل الناس تحوّل إلى خط فقهي اسلامي تنطلق مفرداته من الجهل بالإسلام في مفاهيمه الشرعية ومن التخلّف الذي يختزنونه {التكفيريين} في وجدانهم المريض وكأنهم يثأرون بذلك من إنسانية المجتمع”.
واضاف ان ” البعض يتحدث في الاعلام إن هناك تشجيعاً لهؤلاء من قِبَل بعض الجهات العربية التي تدفع بالمتطرفين الحاقدين إلى العراق ليمارسوا جرائمهم الوحشية ضد الأبرياء”.
وتابع البيان “إننا في وزارة حقوق الانسان ندين هذه المجازر الوحشية التي قام بها الحاقدون على الإنسانية في مدينة كربلاء المقدسة، التي تضم جسد الإمام الحسين {ع} سبط رسول الله وحبيبه والصفوة الطيبة من أهل بيته وأصحابه”، مؤكدا ان من قاموا ويقومون بهذة الإعمال الشنيعة لا يمثلون أي دين او مذهب او قومية ومن غير المحسوبين على الانسانية”.
ودعا البيان ابناء الشعب العراقي إلى “عدم القيام بالافعال التي ينتظرها منهم الظالمون وهي إثارة الفتنة الطائفية المذهبية للوصول إلى الحرب الأهلية، وإلى الصبر على الجراح والأخذ بأسباب الوحدة الوطنية”.
واستغربت وزارة حقوق الانسان في بيانها “صمت الدول الكبرى والمنظمات الدولية، وعدم استنكارها أو تعليقها على هذه المجازر التي لا تأخذ طابع الحقد التكفيري فقط، بل تمثل جريمة بحق الانسانية كلها واعتداءً وحشياً على القيم والمفاهيم والأعراف، فضلاً عن كونها عدواناً على أبرياء ومؤمنين مسالمين انطلقوا لزيارة سبط الرسول الأكرم {ص} بدافع حبهم له والتزامهم الدين الإسلامي الحنيف.
وبالرغم من بشاعة الجرائم الارهابية التي ارتبكت بحق زوار الاربعينية الا انها لم تثن عزيمة المؤمنين في التوجة الى مرقد الامام الحسين {ع} بل انها اصبحت عاملا محفزا واشعلت روح الحماسة في نفوس الملايين من اجل المشاركة في مسيرة العشق الحسيني التي اثبتت الايام انها تزداد حجما واتساعا كلما زادت الضغوط المسلطة عليها من قبل الانظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم البلاد طيلة العقود والقرون السالفة ..
فالـتأريخ يروي لنا احداثا كثيرة عن ظلم الحكام لزوار مرقد الامام الحسين عليه السلام في محاولة بائسة منهم لايقاف زحف الجموع المؤمنة صوب ابي الاحرار ولاسكات صرختهم المدوية الخالدة المزلزلة لعروش الطغاة الا وهي {لبيك يا حسين}.
فقد حاول الوالي الاموي الحجاج الثقفي {المعروف بتجبره وطغيانه} ايقاف توافد المؤمنين الى قبر الامام الحسين {ع} من خلال اصدار اوامر بقطع يد أو رجل كل من يتوجه لزيارة الامام الحسين، غير ان محبي العترة النبوية الطاهرة لم يذعنوا او يخشوا هذه العقوبة الوحشية واصطفوا في طوابير قطع اطرافهم كتأشيرة مرور لزيارة سبط الرسول الاعظم {ص} ، واستمرت معاناة محبي الامام الحسين طيلة فترة الحكم الاموي ولكن بنسب متفاوتة اعتمادا على تساهل او غلظة الحاكم الاموي ووالي الكوفة .
واستمرت معاداة زوار الامام الحسين فضيقت عليهم الدولة العباسية وفرضت عليهم اتاوات مالية وقامت بالتنكيل بهم وتشديد العقوبات عليهم وهددتهم بالاعتقال في سجن مظلم يقع تحت الارض يدعى {المطبق}، بل وصل الامر الى انه يتم هدم قبر الامام الحسين عليه السلام وذلك في عصر الحاكم العباسي المتوكل.
كل هذه المآسي التي مرت والالام التي رافقتها غير انها لم تطفئ وهج الحب المتقد في مهجة شعب عشق قائد حر ،فتنقضي الايام وتتهاوى العروش وتزول دولا وتقوم اخرى ، وتبقى مسيرة زيارة الاربعين قائمة وبمسار سرمدي يأبى الانقطاع والزوال مهما حاول الظالمون اعاقته ، يستمد قوته من المبادئ التي غرسها الامام الحسين عليه السلام بثورته العظيمة ضد اهل الظلم والانحراف الذين توهموا بان قتله سيكبت مظاهر الرفض والاستنكار لافعالهم المشينة، فاذا بدمائه الطاهرة تتحول نبراسا مشعا في طريق الثائرين على مدى العصور ، يستضيؤون بانواره الربانية في طريق محاربة الظلم والظالمين واسترداد الحقوق المستلبة.