التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الإعتراف بيهودية إسرائيل = إشعال محرقة للشعب الفلسطيني .. 

 

الدكتور حسن عبد ربه المصري

حتى اللحظة الراهنة يمكن القول ان وزير خارجية أمريكا لم يعرض على الطرفين الفلسطينيى والإسرائيلي إتفاق اطار مكتوب ومحدد الملامح ، يمهد الطريق للإتفاق على مبادئ لإتفاق سلام بين الطرفين .. كل ما تناوله مع الطرفين على حدة هو عبارة عن مجموعة من ” المبادئ الشفهية ” التى يحق لكل منهما ان يتداولها مع مستشاريه لكي يدخل عليها بعض التحسينات والتعديلات ، أما الوثيقة المكتوبة فيقال انها ستعرض عليهم الشهر القادم !! بعد ان يتلقى الفريق البحثي الذي يعمل مع جون كير نتائج استطلاعات الرأي العام على مستوى الداخل هنا وهناك والخارج العربي والإسلامي والغربي ..

قبل نحو أربعة اشهر كان التكتيك الذي خطط كيري لإتباعه يهدف للتوصل الى ” إتفاق ” يضع بداية حقيقية وموثقة ومعترف بها ” لحل الصراع الفلسطينيى / الإسرائيلي ” خلال فترة زمنية محددة يوافق عليها الطرفان وفق جدول زمني ، لكن المعوقات التي وضعتها في طريق دولة الاحتلال والعنصرية جعلته ينحرف كثيرا عن هدفه هذا ويحصر رؤيته في ” إطار اتفاقي / Framework  ” يرسم بشكل هلامي مسيرة ثنائية لا يعلم أحد الى أين تنتهي ؟؟ ومتى ؟؟ وكيف ؟؟ ..

التسريبات الإعلامية شئ ، والحقائق التى يجب أن يُتفق عليها شئ آخر ..

ما يشاع أنه أخبار مؤكدة جرت على على لسان كبار مرافقي جون كيري ، تحدثت خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين عن ” إمكانية قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ” مع تعديلات ضرورية تسمح بتنازل الجانب الفلسطينيى عن مساحات من أراضي الضفة ” المقام عليها المستعمرات لا يمكن الإستغناء عنها ” مقابل مساحات مساوية في صحراء النقب أو داخل الخط الأخضر .. وتحدثت عن القدس الموحدة لحساب إسرائيل مع السماح للفلسطينيين بأن يكون لهم مقر شبه دائم في الجانب الشرقي من المدينة إما في أبو ديس أو العزيزية .. وركزت على وجود عسكري إسرائيلي على إمتداد ضفة نهر الاردن لفترة 10 أو 15 عام .. وإعتراف فلسطينى بإسرائيل كـ ” دولة لليهود فقط ” مع التفكير في وضع بعض الضمانات التى تحفط لفلسطيني 48 حقوقهم ..

الحقائق كلها تجمع على أن هذه التسريبات ليس آتية من المجهول بل هي ما إتفق عليه كيري مع رئيس وزارء دولة الاحتلال لكي يُفرض على الجانب الفلسطينى بالقوة المادية والمعنوية  دون أي مقابل .. فلا الدولة المجزأة بين الضفة والقطاع سيكون لها قوام ولا وجود فعلي ، ولا حدود عام 1967 سوف تكون شرعية ، ولا تبادل الأراضي سيعيد الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى التى اقرتها مواثيق الأمم المتحدة ، ولا القدس التي سرقها الشعب الإسرائيلي ستمنح الإعتراف بالعاصمة الفلسطينية .. أما التواجد الإسرائيلي الأحتلالي بطول نهر الاردن فهو تكريس للإحتلال ، لأن إسرائيل لن تحترم في المستقبل الخطوات التى يقال أن الإتفاق المرتقب سيحدد جدول زمني واضح للخلاص منه ..

في رأي ..

يمثل مطلب الإعتراف بإسرائيل دولة يهودية عندي ، المحرقة التى تخطط إسرائيل وأمريكا لإشعالها لكي تتخلص الأولى من بقايا ما يربطها بأرض فلسطين المحتلة ويمنحها صك إستكمال مخطط ابعاد من بقي من شعبها داخل اراضيه المحتلة ومن ثم ونهب ثرواته !! وتمنح الثانية فرصة للإبتعاد بنفسها إستراتيجيا ونهائياً عن هذا الملف الشائك شديد التعقيد ..

ماذا تعني مطالبة الشعب الفلسطيني الإعتراف بيهودية دولة إسرائيل ؟؟ ..

تعني في المقام الأول الموافقة على إلغاء كافة ما بقي من حقوق فلسطينية على مستوى الأراض المحتلة والمغتصبة ..

ويعني إيضا التسليم بما أبتدعته وروجت له إسرائيل منذ سنوات طويلة ولم يتحقق حتى الآن ونعني به ” حق اليهود التوراتي في أرض الميعاد ” ..

ويعني التسليم بحق دولة الإحتلال في البقاء والتمدد فوق كل شبر من إرض فلسطين التاريخية ، وما يحمله ذلك من اعتراف بعنصرية الدولة ..

ويعني الموافقة على تفعيل القانون العنصري الإسرائيلي الذي يمنح أي يهودي في أي مكان من العالم حق الإقامة فوق أراضي الشعب الفلسطيني المحتلة منذ عام 1948 و عام 1967..

ويعني إلغاء حق الفلسطينين في العودة الى أراضيهم المحتله كما أقرته قرارت مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة ..

ويعني التنازل عما إرتكبته دولة الإحتلال الإسرائيلي من جرائم على إمتداد ما يقرب من سبعة عقود تتوزع بين القتل والتشريد والترويع والطرد والإقصاء ..

حق العودة هو عماد هذه الحقوق جميعاً ..

حق العودة بهذا المعنى إذا سقط يُمثل محرقة الشعب الفلسطينى ..

” محرقة الشعب الفلسطينيى ” مؤامرة أمريكية تخطط إدارة الرئيس باراك أوباما لأن تشعلها بوقود فلسطينيى عربي مشترك ..

هذه المؤامرة لا يجب أن ينسينا أن صفة اللآجئ الفلسيطينى وحقه في العودة مؤسسة على أرضية صلبة تدعمها بنود القانون الدولي وتصونها القرارات الأممية ..

يضاف الى ذلك أن حق العودة ليس مفصولاً عن الحق في التعويض كما ينص على ذلك قرار الأمم المتحدة رقم 194 لسنة 48 ، لأن البعض يظن أن اللآجئ الفاسطينيى مخير بين أمرين :

أ – إما العودة الى أرضهم وديارهم التي طردوا منها ..

ب – وإما الحصول على تعويض بدلاً من ذلك ..

وهذا خطأ .. لأن اللاجئ الفلسطيني من حقه العودة + الحصول على التعويض المناسب مقابل ما تعرض له من تشريد وإبعاد وإيذاء ..

علينا أن نذكر القوم هنا وهناك بأن الشخصية الفلسطينية ” شخصية أصيلة لا تزول ولا يتنازل عنها ، وهي منقولة من الآباء الى الأبناء ، وأنها غير قابلة للفقدان بسبب الإحتلال الصهيوني ولا بسبب العيش في الشتات ولا بسبب ما يتعرض له حاملوها من نكبات ” ..

سوابق إحترام المجتمع العالمي والرأي العام العالمي للاجئين شاهد عيان على حق الفلسيطينى في العودة والتعويض معاً .. ملفات لاجئي البوسنة وتيمور الشرقية وكوسوفو ورواندا وغيرها التى لا زالت مسجلة في وكالات الأمم المتحدة تبرهن على أحقية الشعب الفلسطيني في العودة الى أرضه التي هُجر وطرد منها غصبا عن ارادته ، وتؤكد على حقه في الحصول على التعويض الملائم من سلطة الإحتلال العنصري التي ترفض الإنصياع لقرارات المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة والإتفاقات الدولية ..

إسرائيل لا تريد عقد إتفاق سلام مع الشعب الفلسطينيى ، لأنها تخطط بمساعدة واشنطن للإحتفاظ بما تحت يدها من أراضي محتلة ومغتصبة أقامت عليها مستعمرات إستيطانية بالمخالفة للمواثيق الدولية التي شاركت الولايات المتحدة في صياغتها عندما كانت تقف بالمرصاد للأستعماريين البريطانيين والفرنسيين في انحاء متفرقة من العالم بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية ..

إسرائيل تعمل على تكريس قوائم إستعمارها لكافة أراضي فلسطين التاريخية وتعمل جاهدة بمساعدة واشنطن على ان يمتد تواجدها الى ضفاف نهر الأردن ، لأنها لو تمكنت من نشر قواتها هناك بترتيب من وزير خارجية أمريكا لمدة 10 او 15 عاما ، فلن تترك هذه الأرض مهما صدر في حقها من قرارات أممية ، ولنا في إحتلالها للأراضي بعد عام 1967 خير مثال على ما نقول ..

رئيس وزراء إسرائيل يواصل رفضه القاطع لكافة الأطروحات الشفهية التي سربها الفريق الأمريكي و المتعلقة بالقدس وبتبادل الأراضي ، ولم يبارك إلا أمرين .. نشر قوات إسرائيلية على ضفة نهر الاردن و ضرورة الإعتراف بيهودية دولته الإحتلالية ..

أخيرا ..

على من يستعد لإعلان إعترافه بيهودية دولة الإحتلال والعنصرية ، أن يعي أنه سيوافق بموجب هذا الصك على إشعال محرقة الشعب الفلسطينيى ..

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق