الإرهاب الوهابي يتمدد من العراق إلى المغرب.. وأوروبا تترقب؟
قالت وكالة “رويتر” في تقرير لها إنه وبعد أكثر من عامين على مقتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة ساعدت الاضطرابات التي أعقبت أحداث “الربيع العربي” تنظيمه أو بالأحرى التنظيمات المنبثقة عنه والتي استلهمت فكره على إحراز تقدم. فمنذ أسبوعين سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام التابع للقاعدة على معظم مدينة الفلوجة بوسط العراق لينتصر بعد هزيمته على أيدي القوات الأمريكية ومقاتلي العشائر المحلية منذ نحو عشرة أعوام. ويخشى مسؤولون غربيون من أن تقتطع الجماعات المرتبطة بالتنظيم ملاذات لنفسها في ليبيا وسورية وغرب إفريقيا وربما أفغانستان حين تنسحب قوات حلف شمال الأطلسي.
لكن خبراء ومسؤولين أمنيين يقولون إن الجيل الجديد يختلف كثيرا عن الجماعة المحكمة التي خططت لهجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
وأضاف التقرير: الجماعات مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام وحركة الشباب الصومالية أو القاعدة في المغرب الإسلامي لديها في الأساس أهداف محلية وهي أقل اهتماما “بالعدو البعيد” الغربي.
وفي تسجيل فيديو نشر على موقع يوتيوب في 17 ديسمبر/ كانون الأول تدرسه أجهزة المخابرات الغربية يظهر رجل ملثم يحمل مسدسا وبلكنة بريطانية يدعو المسلمين البريطانيين للانضمام له في سورية “أرض الجهاد”. لكن الرجل الذي لم تعرف هويته لا يذكر مهاجمة الغرب ولو مرة.
وقال ريتشارد باريت الذي رأس فريقا للأمم المتحدة لمتابعة القاعدة وطالبان حتى العام الماضي ويعمل حاليا في مجموعة سوفان للاستشارات “عدد الذين يقاتلون تحت لواء القاعدة الآن أكبر من أي وقت مضى على الأرجح… لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم يقاتلون من أجل الشيء نفسه أو حتى في نفس الجانب”.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام رفع رايته في مدينة الفلوجة العراقية الشهر الماضي فإن جماعات إسلامية منها جبهة النصرة وهي إحدى خصومه أجبرته على الانسحاب من مقره في حلب ثاني أكبر مدينة في سورية.
وكشفت خطابات عثر عليها في مكان إقامة بن لادن عام 2011 أنه كان يسعى جاهدا للسيطرة على التنظيمات التابعة للقاعدة وشعر بالقلق من أن تنظيم القاعدة في العراق المعروف حاليا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام يقتل الكثير من المدنيين مما يؤثر سلبا على الرأي العام للمسلمين.
وجاء خليفته أيمن الظواهري ليفتح تنظيم القاعدة أكثر ليحتضن جماعات مثل الشباب الصومالية ويواجه حاليا نفس النوعية من المشاكل. وفي خطاب له العام الماضي دعا الدولة الإسلامية في العراق والشام إلى ترك سورية لجبهة النصرة وهو الطلب الذي تجاهله التنظيم.
وقالت نيللي لحود الباحثة في مركز الأكاديمية العسكرية الأمريكية لمكافحة الإرهاب التي فحصت وثائق بن لادن “معظم من يعلنون الآن انتماءهم للقاعدة ما كان سيسمح لهم بالانضمام للحركة (قبل 11 سبتمبر)”. لكن رؤساء أجهزة المخابرات الغربية لديهم مخاوف. ويقول مسؤولون إن مئات المسلمين من بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية وكذلك عدد أصغر من الأمريكيين يقاتلون في سورية وحدها ويجب مراقبتهم عند عودتهم.
وقال جون سويرز رئيس جهاز المخابرات البريطاني (إم.آي.6) أمام لجنة برلمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني “علينا أن نتعامل مع ظهور وتضاعف القاعدة في عدد من الدول الجديدة.. لا شك أن التهديد يتزايد”.
ويقول معظم المسؤولين والخبراء إن أكبر تهديد من الإسلاميين المتشددين لأهداف في الغرب يأتي من هجمات محدودة بالبنادق أو القنابل أو السكاكين على غرار تفجيري بوسطن في 15 ابريل/ نيسان الماضي وقتل جندي بريطاني في وولويتش في لندن في 22 مايو/ أيار.
ويقول جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (إم.آي.5) إن أكثر من نصف 34 مخططا أحبطها بين تفجيرات لندن التي وقعت في السابع من يوليو/ تموز 2005 وهجوم وولويتش انطوت على أشخاص داخل البلاد. لكن في معظم الحالات كان هناك تماس مع جماعة جهادية أجنبية.
وكان مايكل اديبولاجو وهو أحد رجلين بريطانيين من أصل نيجيري قتلا الجندي لي ريجبي قد اعتقل في كينيا عام 2010 للاشتباه في سفره للتدريب مع مقاتلي حركة الشباب في الصومال.
وربما يعتبر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب -بصلاته بتنظيم القاعدة المركزي وحماسه لمهاجمة الغرب- الأقرب لنموذج القاعدة القديم على الرغم من أنه يوجه معظم تركيزه لمعارك محلية في اليمن والسعودية.
واستثمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على وجه الخصوص قدرا لا بأس به من طاقته في التواصل من خلال المواقع الالكترونية والمنتديات. حتى داخل دوائر المخابرات هناك خلاف متزايد بشأن طبيعة التهديد.
ويقول نايجل انكستر النائب السابق لرئيس جهاز (إم.آي.6) ويرأس حاليا وحدة التهديدات الدولية بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية “الجميع يسألون أنفسهم نفس السؤال: هل لايزال الحديث عن القاعدة باعتباره تنظيما وحيدا له معنى؟ وإن لم يكن ما الذي نتعامل معه؟”
وثبتت فعالية الدعم اللوجستي والمخابراتي الأمريكي نسبيا في هزيمة القاعدة في جزيرة العرب في اليمن وحركة الشباب في الصومال واشتمل الدعم في بعض الأحيان على هجمات بطائرات بلا طيار. وفي مالي تعاونت واشنطن مع قوات فرنسية وإقليمية لإجبار تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على الانسحاب من أجزاء من البلاد. لكن لم يذهب هدف حرمان هذه الجماعات من الأراضي التي تسيطر عليها أكثر من هذا.
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن أعداد المنتمين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لم تنخفض. كما أن هناك معارضة متزايدة للإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة من هذا النوع.
ويشير البعض إلى أن اسم القاعدة ربما يضلل القوى الغربية عن حقيقة ما تكون في أحيان كثيرة صراعات محلية. ويقولون إن ما حدث في الفلوجة مبعثه الأساسي الغضب بين العشائر المحلية من حكومة بغداد.
ويقول بروس هوفمان الأستاذ في جامعة جورج تاون والمسؤول الأمريكي السابق “يريد كثيرون الترويج لتراجع قلب تنظيم القاعدة ويجدون عزاء في الاعتقاد بأن.. ما نراه الآن في إفريقيا والشام ليس جزءا من إستراتيجية كبرى”!!.