الحركات الشبابية الثقافية
قال افلاطون” نحن مجانين اذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون اذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤعلى التفكير”.
التفكير بعملية الخلق المتجدد هي ما تظهر حاضرا على أيدي الشباب الذين أراهم يعيدون إنتاج الحياةباشكال إبداعية عبر أفكار تحاول أن تعطي إشعاعها في مجالات لا تحصى ما بين المسرح والشعر والقصة والتشكيل والبحث والنحت والسينما، أسماء تتواتر في تشكيلات وتجمعات ومنتديات وجمعيات، تحمل صفة الشباب وتتمحور حول صنع الحياة بجمال وإبداع وتميز.. أراهم يوم جمعة ” المتنبي” وهم يقرؤون القصائد ويقدمون المسرح المرتجل وينشدون للوطن وتفترش المساحات لوحاتهم التشكيلية والفوتوغرافية.
شباب من كلا الجنسين يجمعهم حس الإبداع، أسمع عن مهرجان العراق الدولي الثالث للفيلم القصير، الذي أنتج فيه الشباب أفلاما بميزانيات بسيطة، ووسائل إنتاج بدائية، لكنها مميزة ببصمة متجددة في الفكرة والتناول والتنفيذ.. وأقرأ عن المسابقة التي جرت تحت تسمية “المجرشة” وهو لون شعري كتب فيه العديد من رموز الحركة الشعرية الشعبية العراقية، حيث يتناغم خمسة وثلاثون وزنا شعريا مطواعا بين قرائح الشباب الذين قدموا صورا شعرية مدهشة برعاية من سبقوهم من الرواد في هذا المجال من دون أن يتبرموا بأي نقد أو تصويب أو ملاحظة.
وأقرأ إصدارات الشباب ما بين القصة والرواية والشعر، بعد ان وجدوا الطريق سالكا إلى دور النشر فامتلأت الرفوف بكتب، لا بد أن تحظى برعاية النقاد واهتماماتهم، وهو ما أخذ أولى خطواته الفعلية سواء في جلسات المتنبي أو اتحاد الأدباء أو النوادي الاجتماعية ضمن اهتماماتها الثقافية والأدبية .
وأتابع المسرح الشبابي ومسرح “البانتومايم”، فأكتشف مواهب جميلة ومهمة وبرؤى معاصرة تستوحيثيمتها التعبيرية من واقع العراق ومستجداته الأمنية والاجتماعية والسياسية معلنين حبهم للعراق والتصاقهم بأرضه.
طاقات شبابية مهمة بدأت تعطي برامج دورية في تنشيط المشهد الثقافي والأدبي المحلي وتترك تأثيراتها في تنشيط الحياة العامة في العراق، وكل ما تحتاجه هو الرعاية الحقيقية من المؤسسات الرسمية والخاصة في تقديم التسهيلات التنظيمية والمكانية والإعلامية واللوجستية لتكون معقولة في التخطيط والتنفيذ.. ومن هذه الأفكار الشبابية المتجددة، سيبدأ البلد بإفراغ طاقات الشباب في المسالك السلمية الآمنة، نابذين كل مظاهر العنف والتخلف والأفكار المتكلسة التي تحاول أن تفعل فعلها في تمزيق النسيج الاجتماعي للعراق.
ومعروف ان الطاقات الشبابية هي النواة للدولة العصرية الحديثة التي يحاول بها المجتمع تنمية مفاصله الحيوية وتجديد أساليبه ومناهجه لتكون مواكبة لفعل التغيير المطلوب إيجابيا عبر الافادة الحكيمة من تلك الطاقات، وعدم إهدار ثروة وجودها إذ يشير الواقع الإحصائي إلى ان نسبة الشباب في العراق هي النسبة الأكبر من نسب الكهول، وهو ما تستغله البلدان في تنمية مواردها البشرية حسب احتياجات مجتمعاتها.
أفكار الشباب وبرامجهم الثقافية والفنية والعلمية والفكرية هي الطاقة الكامنة والمتحركة، التي على المجتمع اليوم معرفة كيفية التعامل الإيجابي معها، وتأكيد أهميتها في خلق بيئة صحية لنماء الطاقات المتجددة في جميع الميادين. وتهمنا أيضا الإشارة إلى ما يؤكده علماء النفس بأن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به قد تظهر أكثر قوة عند الشباب، نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه، والواقع يشهد تعقيدا مركبا في حاجياته وصعوبة تحقيق متطلباته، لذا يبدو أمرا حتميا أن تبادر المؤسسات للقضاء على مسببات أي ظاهرة إحباط متنامية أو أفكار مرتجلة أو فنطازية أو غير متوافقة مرحليا ومجتمعيا، حتى لاتتنامى ظواهر مرفوضة في مجتمع بات يعاني من عديد من المستجدات السلبية، وما على الطاقات الإيجابية إلا النمو باطراد فكري وعلمي وثقافي وفني ليحقق المجتمع تميزه الدائم عبرهم في كل زمان ومكان.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق