التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

الإرهاب القادم من سوريا يرعب أوروبا 

الدكتور حسن عبد ربه المصري *

كشفت ملفات المسائل الحيوية التي قيل أن الإدارة الاميركية تتداولها مع حلفائها لأجل وضع أجندة مؤتمر جنيف / 2 الخاص بالقضية السورية قبل إنعقادة ببضعة أسابيع ، عن تخوف عكسته واشنطن وبعض العواصم الأوروبية ودار الحديث حوله بين الأجهزة الأمنية همساً في أول الأمر ثم بلغ الآذان بعد أن تعددت التلميحات والتصريحات ومشاريع القرارات..

في البداية وأثناء الترتيب لعقد المؤتمر ، دعت وزارة الخارجية الاميركية الحكومتين التركية والعراقية علي وجه التحديد الى وقف تسلل عناصر تنظيمات ” الدولة الإسلامية في العراق والشام ” و ” جبهة النصرة ” وكذا ” الجبهة الإسلامية ” عبر حدودهما الى الأراضي السورية لما يمثله ذلك من تنامي دور الإرهابيين ضمن دائرة الصراع الدائر هناك..

قالت صحيفة واشنطن بوست في أواخر شهر نوفمبر الماضي أن العناصر الإرهابية المنتمية لهذه المنظمات قاموا ويقومون بقتل وإعدام بعض قادة القوات المنشقة عن الجيش السوري الحر ، وخطفوا ويخطفون العشرات من صغار الضباط والآباء المسيحيين والصحفيين والإعلاميين بعد أن نجحوا في الإستيلاء على مخازن اسلحتهم وعلى عدد من القرى والمدن التي كانوا يسيطرون عليها مثل الرقة وأعزاز وغيرها..

ووصفت تقارير إستخباراتية ان هذه العمليات أرهابية بالدرجة  الأولى..

على ماذا تبرهن هذه الأقاويل؟؟..

تبرهن على أن السياسة الاميركية فيما يتعلق بالشأن السوري خاطئة !! لأنها هي السبب المباشر وراء تمدد نشاط هذه الجماعات الإرهابية المرتبط بتنظيم القاعدة الذي مهما جاء على لسان زعيمه المتوج أيمن الظواهري من رفض وشجب لأسلوب هذه التنظمات ، إلا أن القرائن كلها تبرهن أنها – أي التنظيمات – تأتمر بأمره وتعمل وفق توجيهاته وأنها تخطط للإنتقال من داخل الأراضي السورية الى دول الجوار لتنفيذ الخطة الشيطانية التي تهدف الى اقامة دولة الخلافة في الشام ثم تنطلق منها الى مصر والسودان والشمال الأفريقي..

كشف تقرير أعده المعهد الملكي البريطاني للدفاع I. H.S. Jeans ونشر في منتصف شهر سبتمبر الماضي ، أن الجهاديين والمتشددين الذين يحاربون تحت راية تنظيم القاعدة فوق الأرض السورية يصل عددهم الى نحو 10 آلاف مقاتل ، وأكد التقرير أن ” تدني حماسة القوى الغربية لإخراج الشعب السوري من أزمته ، من شأنه أن يفتح الباب لتنامي أعداد المتطرفين الإسلاميين على مستوى الإقتتال في الجبهة السورية ومن شأنه أيضا إن يضر بالثورة السورية التي تدعمها بعض العواصم الغربية والعربية بهدف اسقاط نظام بشار الأسد “..

وبوفر هذا التقرير دليل دامغ على أن سياسة اميركا الفاشلة هذه هي التي هيأت أجواء الإقتتال العشوائي فوق الأرض السورية التي من خلالها وضعت هذه التنظيمات الإرهابية يدها على مناطق مثل الغوطة ودير الزور وحلب واليرموك وأسست فوقها ما أصبح يعرف بـ ” الدولة الأسلامية في العراق وسوريا “..

وكما نقلت إلينا بعض التقاير الإعلامية والسياسية ، تبادلت كل من بريطانيا وفرنسا مع بعض القوي الغربية التي شاركت في مؤتمر جينف / 2 وجهات نظر متوافقة حيال ” الإرهارب ” المتنامي في سوريا وتأثيره المرتقب على مجتماعاتها الداخلية حتى من قبل ان تصل سفينة الوطن السوري الى بر الأمان.. تبادلته في الأروقة الجانبية بعيداً عن مداولات الأخضر الإبراهيمي لأن الأمر يخصها بنسبة مائة بالمائة..

لماذا بريطانيا وفرنسا على وجه التحديد ؟؟

لأن حكومة لندن كانت البادئة قبل نهاية شهر يناير الماضي بتقديم مشروع لمجلس العموم لإجراء نحو خمسين تعديلا على أحكام القانون الذي يمنح وزارة الداخلية سلطة سحب جوازات سفر مزدوجي الجنسية المشتبه بتورطهم في القيام بعمليات إرهابية ، بحيث يمتد هذا الحق الى المولودين خارج بريطانيا إذا توافرت المؤشرات التي تدل على مثل هذا التورط أو ثبت بدليل قاطع انهم يمكن ان يكونوا ” سببا مباشرا ” في إحداث أضرار جسيمة بالمصالح الحيوية البريطانية ، وذلك دون الإخلال بإلتزامات المملكة المتحدة الدولية وفق الأعراف الراسخة والإتفاقات المبرمة في هذا الخصوص..

وتفيد النقاشات التي دارت بمجلس العموم حول هذا المشروع ، أن 34 عضوا فقط يعارضون المشروع بينما يؤيده 297 عضوا من منطلق أن ” المواطنة إمتياز وليست حق ” ومن ثم إذا  وقع من ” المواطن المتمتع بها ” ما يسيء من قريب او من بعيد ” للصالح العام ” صاحب هذا الإمتياز الأصيل ، فيكون من حقه أن يسقطه فوراً..

وتشير التقارير الإستخباراتية التي تتابع التطورات في سوريا أن عدد ” الإرهابيين الأوربيين ” في تزايد مستمر ، وتؤكد أن معظمهم من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وقلة من بلجيكا وهولندا.. وهناك ما يُفيد أن بعضهم ” لم يبلغوا بعد السن القانونية ” التي تسمح لهم بحق الإختيار ، الأمر الذي يَستخلص منهم الإخصائيون أن دعاوي ” الجهاد المرتبطة بالمال ” التي تروج لها بعض المنظمات ” الإرهابية ” في المجتمعات الأوربية نجحت بشكل أو بآخر في جذب أعداد متزايدة من هؤلاء الشباب ليس من أجل ” العمل في سبيل الله ” كما يدعي بعض دعاة المنظمات الإسلامية المتطرفة ، ولكن من اجل الحصول على المقابل المادي..

الجدير بالملاحظة هنا أن هذه التقارير اعتمدت في المقام الاول على..

ما أدلت به الإسر التي سافر أبناؤها دون علمهم الى سوريا عن طريق تركيا ، للسلطات المختصة..

وتلك التي تلقت معلومات تفيد بمقتل صغارها فوق الأرض السورية ، فصرحت به لأجهزة الأعلام.. 

وكذا الطلبات التي تقدمت عائلات فرنسية وألمانية  للسلطات المختصة لكي تساعدها في البحث عن أبنائها الذين اختفوا فجأة ، ولا تدري أين هم؟؟..

وما سجلته سلطات الحدود التركية حول رغبة بعض صغار السن من الأوربيين القادمين إليها في العبور الى الجانب الآخر ، بالاضافة الى بعض ممن قدم إليها من الداخل السوري لتلقي العلاج بمراكزها الطيبة..

والمبالغ النقدية الكبيرة التي عثرت بعض سلطات الموانئ الجوية الأوروبية مع عدد من الفتيات قبل سفرهن الى تركيا ، وقيل أنها ” لمساعدة الجهاديين في سوريا “..

هذا القلق الأوربي دفع كلا من لندن وباريس الى مطالبة السلطات التركية بترحيل القادمين إليها من مواطني البلدين إذا ما ثبت من جوزات سفرهم انهم تحت السن القانونية وأنهم متوجهون الى الداخل السوري ، وذلك في ضوء ما أشار تقرير للمركز الدولي لدرسات التطرف التابع لجامعة كنجز كوليدج أن حوالي 700 فرنسي يشاركون في القتال المحتدم بسوريا ، وان ما بين 200 و 366 بريطانيا يقومون بدور مماثل عن طريق  إنتمائهم لبعض المنظمات الإسلامية المتطرفة..

وهو ذاته الذي دفع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى المسارعة يوم 31 من الشهر الماضي بعقد قمة مع رئيس وزارء بريطانيا ديفيد كاميرون بقاعدة برايز نورتون الجوية (مقاطعة اوكسفوردشير / جنوب إنجلترا ) للإتفاق على القيام بخطوات مشتركة ” لمجابهة ” المتطرفين الأوربيين العائدين ” الى بلدانهم من سوريا..

هذا التعاون الفرنسي البريطاني الذي تتشكل ملامحه في الوقت الراهن سيتمخض عن ترتيبات أمنية ومعلوماتية مشتركة وتبادل للبيانات الإستخباراتية الآتية من داخل الأراضي السورية وتنسيق موحد لدى الحكومة التركية ، ستظهر نتائجه قريبا على أكثر من مستوى خاصة فيما يتعلق بوقف كافة الانشطة الدعائية ” السلبية الداخلية ” التي تشجع الشباب على السفر الى سوريا تحت مسمى ” الجهاد “..

لا أحد ينكر على الحكومتين البريطانية والفرنسية وغيرهما على مستوى أوربا حقهم أن يخططوا لحماية مجتمعاتهم مما يتوقعون أن يجلبوا إليهم الإرهاب ، لكن عليهم بنفس القدر من المسؤولية أن يضعوا نهاية فورية وحاسمة لحملات القتل والترويع والتشريد التي يتعرض لها غالبية إبناء الشعب السوري.. أولا لأنهم هم الذين سهلوا للعناصر الارهابية إن تقتحم الأراضي السورية وتقوم بتقتيل الأمنين ، وثانيا لأنها أول من شرع لحماية المجتمعات ضد ما تتعرض له من إهدار للحقوق الانسانية والتي يأتي في مقدمتها حق الحياة الذي يفتقد الانسان السوري لمقوماته مع كل يوم جديد تشرق عليه شمسه..

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق