تنتظم لمصالحها لا لاميركا
ما كانت جنيف النووية تشهد النور لولا التراجع الاميركي ــ الاوروبي عن شروطهم المجحفة وغير القانونية تجاه البرنامج النووي الايراني السلمي والتسليم بحق ايران في التخصيب والاستفادة من ذلك في البحوث ا لطبية والعلمية والزراعية. هذا الوضع دفع بدول (5+1) ان تخفف من وطأة العقوبات الظالمة التي فرضت خلال السنوات الاخيرة على ايران تحت الضغوط الاميركية.
ومنذ فترة تشهد طهران حركة زيارات وفود اوروبية واسيوية وعربية مكثفة وكأن القوم بدأوا يتسابقون لزيارتها من اجل رفع درجات التعاون والاستثمار والتمهيد لعقد صفقات قادمة وان كان هذا الامر يزعج الادارة الاميركية التي اغتاضت من الهجوم التجاري على ايران لكن يبدو ان العالم بدأ يدير ظهره للولايات المتحدة الاميركية التي هرمت وضعفت قوتها ولم تعد مؤثرة امام موقع ايران واقتدارها الصاعد ونفوذها المتزايد الذي يدفع بدول العالم التقرب منها والتعامل معها على اساس انها قوة فاعلة اقليميا ودوليا اضافة الى المكاسب المتبادلة معها اقتصاديا وتجاريا.
وقد زار طهران لحد الآن وزراء خارجية ثلاث دول اوروبية هي ايطاليا والسويد وبلجكيا ووفود تجارية كبيرة من فرنسا وايطاليا والمانيا ولا ننسى زيارة وزير التجارة الصيني لطهران وتوقيعه وثيقة للتعاون المشترك حيث يأمل البلدان ان تصل قيمة التبادل التجاري بينهما خلال الاعوام القادمة الى 40 مليار دولار. كما زارها الاسبوع الماضي وزيرا خارجية العراق وقطر ووزير الدولة الجزائري للشؤون الخارجية وكذلك وزير الخارجية السنغافوري.
زيارة الوفود السياسية والاقتصادية لطهران التي تكاد لاتنقطع هذه الايام تشكل نقطة عطف تجاه ايران واستدارة للسياسة الاميركية ومواقفها المتعنتة التي لا تخضع الى معيار او قانون يعتنى به، بل تريد فرض سطوتها وارادتها على جميع دول العالم دون استثناء”.
فزيارة وزيرا خارجية بولندا واسبانيا التي تبدأ هذا الاسبوع هي استمرار لزيارة الوفود الاوروبية الى ايران من اجل مزيد من التفاهم والتعاون المشترك والتعرف على ايران عن كثب لا ما تنقله وسائل الاعلام المعادية. فقد اكد الوزير البولندي الذي استهل زيارته لايران بمدينة اصفهان التاريخية بالقول على العالم ان يغير نظرته لايران.
ولا ننسى ان نشير الى ما قاله وزير الخارجية البريطاني الاسبق “جاك سترو” بعد زيارته الاخيرة الى طهران بانه لم يشهد أي اثر للخطر في هذه المدينة.
على الولايات المتحدة الاميركية ان تعلم ان قطار التعامل والانفتاح على ايران يقطع المحطات الوحدة تلو الاخرى ولا يبالي من يتأخر عن الركب وهذه دلالة واضحة على ان مصالح الدول بدأت تفرض نفسها على قرارات تلك الدول التي تماشت في الماضي مع السياسة الاميركية من اجل اهداف معينة، لكن اليوم تغيرت الصورة تماما وبدأ الجميع يفكر بمصالحه اولا.