التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

آذار المناسبات السعيدة 

آذار والد الشهور جميعاً من دون استثناء ، وتاج ذهبي على رأس السنة الميلادية ، لانه يحتوي على اجمل المناسبات الانسانية الخالدة ،عيد المعلم وعيد المرأة والام ونوروز ، ومولد الافكار الحرّة حيث تأسست في الحادي والثلاثين من العام 1934 أول الخلايا اليسارية للحزب الشيوعي العراقي . المرأة هي الارض والرجل هو المطر ، في لحظة تمازجهما تنبت الشجرة التي تمنحنا الحب والحنان والاثمار ، ويأتي النوروز الذي هو اليوم الجديد يفتح لنا بساتينه العامرة بالجوز واللّوز والتين والبرتقال، يشعل الكرد النيران فوق الجبال الخضراء الزاهرة بالجوري والبنفسج والقداح ، ويدبكون تحت البرق والرعد والامطار ابتهاجاً بالمحبة والسلام والربيع .
 
قلائد الذهب
الأم العراقية الطيبة تضمنا تحت عباءتها العطرة حينما تهطل غيوم السماء الارجوانية في هذا الشهر العجيب الذي يجمع الفصول جميعاً في لحظة واحدة ، فهو بارد منعش في الصباح ، حار في وقت الظهيرة ، ثائر عند المساء ، وفي الليل عاصف اوماطر وينثر الغبار في الشوارع ، والناس تخلع معاطفها الشتائية وترتدي القمصان الملونة او تلبس سترة رمادية خفيفة ، والقسم القليل من كبار السن والمرضى باوجاع المفاصل لا ينزعون ملابسهم الثقيلة . في آذار تكثر ولادات الدنيا الطبيعية ، وليس القيصرية الموجعة ، وتقدّح الاشجار ايذاناً بفصل عامر بالخير والافراح والعطاء ، وبالعناقيد التي تتدلّى من فرط ما حملت من الفواكه البهية التي تضيء في اغصانها مثل قلائد الماس والعقيق والذهب.
 
جدران البيوت الرطبة
 
في هذا الشهر الغريب الطور والمزاج يعشق الحمام الطيران ، وتكثر تغاريد البلابل ، وتزيد العصافير من قراءة القرآن والحمد والتسبيح ، والناس تمضي الى الحدائق المخضوضرة ، لتقضي ليلة من دون احزان واشجان وتفكير وبلوى ، وكل سيارة عابرة في الطريق تمر بركابها وهم يرقصون ويغنون ويلعنون أزمة الحروب والدمار والخراب ، والنساء العراقيات حبيسات جدران البيوت الرطبة من زمان طويل ،الاولى يبتدي يومها وينتهي بشؤون المنزل والعتاب والبكاء ، وثانية تندب حظها العاثر لانها تزوجت هذا الرجل البائس الفقير الذي لايملك قوت يومه، وامرأة تحلم ان تسير في الدروب البغدادية النظيفة وحين تتعب تجلس في حديقة ، وآخرى تريد الذهاب لكردستان العراق كي ترى الينابيع والاضواء التي تعكس انوارها على مياه الشلالات المتدفقة، وتحس بلسعات البرد اللذيذ وتشاهد ما تبقى من الثلج الابيض على رؤوس الجبال المنتصبة في الهواء وهي تتحدى ثورة الاعاصير والبركان .
 
السلطانة
 
تعبت نساؤنا من الخدمة المملّة التي تبتدي من ساعات الفجر الاولى ولا تنتهي ، وهكذا كل يوم تتكرر دورة الحزن الرتيب ، ولا شيء سوى دقات ساعة الجدار والترقب والخوف والانتظار والدعاء بعودة الزوج والابناء سالمين ، هذا هو حال الانثى في العالم العربي المكبل بالقيود والظلم والاجحاف وهي السلطانة فوق عرش الزمان ، والنوارة في ليل الظلمات الموحش الكئيب ، والراية الحمراء الواقفة في وجه الرياح والهبوب والزوابع ، أهكذا تعامل السيدة الجميلة؟ وانها تمسح بكفيها الناعمتين عن جبين الرجال الغربة والحزن والموت والنفي والتشرد ، ووجودها في زمان الخوف أمان لكل العائلة ؟ الا تستحق منّا رحلة الى مكان جميل ؟ تعيد من خلالها قوتها التي ذوت في اعمال بيتها المرهقة، عيون اطفالها تحدق في الفضاء الرحيب، لايعرفون غير اللعب في الدرابين الضيقة، واسم صاحب الدكان القريب من مدرستهم، ومسافة محدودة الامتار يقطعونها كل يوم، اذن لابد من راحة قليلة، فالكل متعبون وبحاجة الى التجديد والاسترخاء والسياحة والسفر.
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق