العنف بالعراق : عندما تتجه القاعدة جنوبا
احمد الصحن
على الرغم من تشابك خطوط امداد الظاهرة العنفية في العراق وتوزعها على اتجاهات عدة ،الا ان العمليات المسلحة التي حدثت في البلاد على مدى السنوات الست الماضية كانت تنسب في فترات سابقة الى “دولة العراق الاسلامية” التابعة للقاعدة قبل ان تعمد هذه الاخيرة الى اسلوب تبنيها رسميا عبر المواقع الجهادية على شبكة الانتنرنت.
ودولة العراق الإسلامية تنظيم مسلح تم الاعلان عنه في اكتوبر من العام 2006 مكون من خليط متجانس من الجماعات “الجهادية” بينها مجلس شورى المجاهدين في العراق ، تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، جند الصحابة، التوحيد والسنة، جيش الطائفة المنصورة وغيرها ،ويهدف لإقامة دولة الخلافة الإسلامية في العراق.
اعلنت دولة العراق الاسلامية بادئ ذي بدئ محافظة ديالى عاصمة لها وظلت تنفذ عملياتها المسلحة في المناطق التي لها فيها حواضن ،كالانبار والموصل الى جانب ديالى وبعض مناطق بغداد فضلا عن الاجزاء الشمالية من محافظة بابل.
غير ان السنتين الاخيرتين شهدتا تطورا لافتا تمثل بسعة الامتداد الجغرافي لنشاطات دولة العراق الاسلامية، فقد نفذت عمليات في جميع محافظات الوسط والجنوب. اذ شهدت هذه المحافظات دون استثناء عمليات انتحارية راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح ونفذت جميعها بسيارت او عبوات ناسفة واحيانا انتحاريين كان اخرها في البصرة والناصرية والمثنى خلال شهر تموز من العام الماضي الذي سجل بحسب احصائيات امنية وطبية عراقية ودولية اعلى المستويات لجهة سقوط الشهداء والجرحى مقارنة بالاعوام الماضية.
فقد كشفت الامم المتحدة أن حصيلة اعمال العنف في العراق بلغت 3383 قتيلا وجريحا خلال شهر تموز وحده من العام 2013 فيما اشارت الى أن هذه الحصيلة هي الاكثر دموية في البلاد منذ اكثر من خمس سنوات.
ويرى النائب السابق عن محافظة البصرة وائل عبد اللطيف ان القاعدة تخطط لاقامة دولة العراق الاسلامية في العام الفين وعشرين على كامل التراب العراقي وهذا يتطلب منها السيطرة على كامل البلاد.ويمضي بالقول “للاتجاه” عبر الهاتف “بان دولة العراق الاسلامية استطاعت فتح ما وصفها بالمكاتب السرية في جميع انحاء البلاد “.
وحذرت لجنة الامن والدفاع النيابية في وقت سابق من ان القاعدة تمكنت من تشكيل خلايا نائمة في عدد من المحافظات الجنوبية .
وعما اذا كانت دولة العراق الاسلامية تمكنت من اختراق المحافظات الجنوبية يلفت عبد اللطيف وهو ايضا محافظ سابق للبصرة الى ان ” القاعدة تزّور المستمسكات الرسمية ببساطة متناهية وهي قادرة كذلك على تغيير الهيئة العامة لعناصرها من حيث الملبس والشكل العام وجعله متماشيا مع ابناء الجنوب كونها مدربة بشكل كبير على الاختراق وقد طالب بالمقابل بتفعيل الدور الاستخباري الشعبي عبر اعتماد نظام المختارية في المناطق ولاسيما الشعبية منها”.
ويتابع عبد اللطيف في اطار تقيمه لاداء الاجهزة الامنية بالجنوب: “هناك غياب تخصص وخبرات وتراجع في الاداء الاستخباري ما جعلها غير قادرة على مواجهة القاعدة “.ويضيف ” القاعدة تمكنت من استغلال السنوات العشرة الماضية لتحصين مواقعها وتشكيل خلايا نائمة وقد مكنها من ذلك دخول المحاصصة الحزبية على خط توزيع المناصب الامنية العليا في المحافظات الجنوبية ما قد ينذر بزيادة الهجمات في هذه المحافظات.حسب تعبيره.
ويقول متابعون لنشاطات دولة العراق الاسلامية ان تحركاتها صوب الجنوب العراقي يخفي بين طياته هدفا سياسيا ومكسبا معنويا قد يمكنها من الحاق الضرر بهيبة الدولة العراقية التي تشكلت بعد العام الفين وثلاثة في معقل المؤيدين لها .
ويرى الخبير الستراتيجي احمد الشريفي ” ان حرص القاعدة على استهدف مناطق جنوب العراق يهدف بالدرجة الاساس الى زعزعة معنويات ابناء الجنوب بمجمل العملية السياسية ودفعهم الى اتخاذ مواقف سلبية منها .
ويلحظ الشريفي الذي كان يتحدث الى الاتجاه عبر الهاتف من بغداد في اطار تحليله للعمليات الاخيرة التي استهدفت بعض المناطق الجنوبية بان “العمليات التي حدثت في الجنوب انتجت حالة يسميها تغير المزاج الشيعي باتجاه الحكومة ويسوق مثالا على ذلك بان بعض استطلاعات الرأي بحسبه كشفت بان استعداد المواطنين بالجنوب عن الدفاع الحكومة بدأ يتضائل رويدا رويدا ما دفع البعض والكلام للشريفي للمطالبة باسقاط الحكومة بدل الدفاع عنها”.
وفي النصف الاخير من شهر تموز عام 2013 خرج المئات من أبناء محافظات البصرة وذي قار وواسط والمثنى في تظاهرات ليلية للتنديد بالأوضاع الأمنية التي وصفوها بالمتردية وبتدني مستوى تقديم الخدمات ومنها قلة ساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية وارتفاع نسب البطالة وقد اسفر تحركهم الذي لازال مستمرا عن اقالة قائد شرطة الناصرية اللواء الركن حسين عبد علي.
وعن تنامي مستوى ما يوصف بالسخط الشعبي الذي نتج عن الاستهداف المتكرر للمحافظات الجنوبية ومدى الكسب السياسي الذي قد تجنيه القاعدة من ذلك يحذر النائب السابق وائل عبد اللطيف بان هذا التحرك يهدف الى ” اشاعة حالة الاحباط وتأليب الراي العام في الجنوب ضد الحكومة والاحزاب ومجمل العملية السياسية واعطاء انطباع لابن الجنوب بان التجربة الجديدة لم تستطع حفظ حياته حتى في عقر داره”.
وفي اطار هذه المعطيات الى جانب اقتراب الانتخابات التشريعية في 2014 ربما تعمد الجماعات المسلحة الى تصعيد عملياتها في الجنوب العراق في مسعى منها الى دفع الجمهور الى مقاطعة العملية الانتخابية كخطوة اولى ربما تمهد لرفع الشرعية التي ظل ابناء الجنوب يمنحوها للعراق الموحد في مرحلة ما بعد الفين وثلاثة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق