التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

المتسولون.. بين حقيقة الحاجة وأصناف الخداع 

 

اسراء الموسوي

* مواطنون يقولون لا نحتاج لصورة قيد تثبت فقر الفقير

وآخرون يعتبرون العطية تشجيع للانحراف

   في بلد غني مثل العراق يسبح على بحيرة من النفط ولكن للأسف بسفن وقوارب يقودها بعض المفسدين، ليس غريباً ان ترى العجائب والمفارقات في حياة الناس ومستوى معيشتهم، ففيما يتخم البعض بالأموال والمناصب التي تباع بسوق النخاسة علنا يقع آخرون في حبل المتاجرة ببيع النفس واهانتها بباخس الأثمان واهدار الكرامة بخلق انواع الكذب والخداع لكي يأخذوا ما يأخذوا من الاخرين بما يسمونه صدقات.

والعراقيون كرماء برغم الحاجة ولكنهم في هذه القضية منقسمون فيما يتعلق بالعطية للذين نجدهم في الشوارع واماكن ( الترفك لايت) وفي بعض منعطفات الشوارع صباحا ومساءا، فمنهم من يقول انا اعطي لمن يريد المساعدة بغض النظر عن احتياجه الفعلي ام لا، فيما يرى اخرون ان الاثار المترتبة على تفشي ظاهرة التسول وامتهانها من قبل البعض هي استمرار في ظاهرة البطالة وتفضي الى الجريمة احيانا لانهم يحصلون على المال بغاية السهولة وبدون مشقة وهذا مدعاة لصرفها في الشهوات. وفي هذا الشأن يقول “ابو احمد 45عاما” وهو يعمل في الاعمال الحرة : انا اعطي لمن اشاهده ما مكنني الله وليس من حقي ان اطالب بالمستمسكات الاربعة وصورة قيد للمحتاج او السائل، فلا المبلغ الذي اعطي يستحق ولا هو مجبور على ذلك.

بينما تقول “سوزان العبيدي” وهي تعمل صحفية في احدى المؤسسات: انا اخرج يوميا في الصباح وتعلمت ان اعطي لمن اجده في الطريق ولو مبلغ بسيط وذلك لأني على يقين ان الصدقة حتى وان كانت قليلة فإنها تدفع البلاء وما اكثره في حياتنا سواء الصحفية او الاجتماعية وليس من حقي ان استفسر عن حالة السائل الحقيقية، صحيح انا لا اشجع التسول ولا اقبل بها ان تصبح ظاهرة يومية فإنها غير حضارية ولكن اذا سألك احدهم وانت ميسور الحال فلا باس ان تعطيه. واستدركت قائلة: قد نسمع ان بعض المتسولين يؤجرون بعض المناطق ولا يسمحون ان يأتي فقيرا جديدا ينافسهم، والادهى من ذلك ان البعض يؤجر اطفال مرضى لكي يتسول بهم في الشوارع ويستجلب بهم مشاعر الناس.

ام محمد وهي ربت بيت تقول لـ( شبكة النبأ المعلوماتية): انا تعلمت كيف اخلص من هذه الاشكالية وبالتالي فاني غالبا ما اعطي ان اردت ان اعطي اشياء عينية وليس قطع نقدية. موضحة انها تعطي على شكل اقراص خبز او مواد غذائية او ملابس وتعطيها لمن يستحقها خوفا من النقود التي احتمال ان تتحول الى معصية من قبل المتسولين.

اما رجال الدين فان لهم رأيا في هذا الموضوع فان الموضوع حساس وممكن ان يجلب مفسدة بدلا من المصلحة.. فالشيخ جعفر الفلاحي وهو طالب في الحوزة يقول لـ( شبكة النبأ المعلوماتية): ان القضية في غاية الدقة فان كان السائل محتاجا حقا فان عدم اعطائه يسبب مشكلة، اما اذا كان محترفا للسؤال ويسال الناس وهو ليس فقير فان القضية تختلف. واضاف: ان المرجعيات الدينية تؤكد على الضغط على المؤسسات المعنية للقضاء على ظاهرة التسول من خلال تفعيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية وزيادة رواتبهم وشمول الفقراء وما اكثرهم اضافة الى التركيز على الجمعيات الخيرية وفق نظام تتعرف على الكثير من الفقراء.

ام سمير امرأة فقيرة وتجلس في منعطف الطريق في اشارة البياع في بغداد سألناها عن هذه القضية فقالت لـ( شبكة النبأ المعلوماتية): ان زوجي استشهد على ايدي الارهابيين بعد خلف وراءه ثلاث بنات، وانا ليس لدي شهادة ولا مهنة ولا بيت فاين اذهب؟. واوضحت: اهل الحلال يعطوني ما يعطوني لكي ادبر بها المعيشة واحاول ان اربي بناتي اليتيمات.

الدكتور محسن الشمري وهو استاذ في علم الاجتماع يقول لـ( شبكة النبأ المعلوماتية): المشكلة ليس في الحاجة فنحن بلد غني ويمكن ان تتبنى مؤسسات الرعاية الاجتماعية والدولة والحكومة هذه الشريحة، ولكن المشكلة ان بعضهم ومن خلال استلامهم للنقود بطريقة سهلة ما يشجعهم على صرفها في الموبقات والشهوات.

ويضيف: ومشكلة المشاكل ان بعضهم ربما يجنده بعض الارهابيين للتجسس.. فكم سمعنا بان رجلا فقيرا تم تفخيخه بغير ان يعلم بعد ان اعطوه مبالغ من الاموال. واوضح: المشكلة كبيرة وتحتاج وقفة مثلها ومعالجات وليس مناشدات وهي لا تليق ببلد مثل العراق ينعم بخيرات حباها الله لنا لكي نعبده ونشكره ونحسن بها احوالنا الاجتماعية وبناء بلدنا بأجمل ما يكون.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق