الميتا سردي وإشكالية الميتا – شعر
ثقافة ـ الرأي ـ
في كتابه ( المبنى الميتاـ سردي في الرواية) يقول الناقد فاضل ثامر: (الميتا سرد في الجوهر، هو وعي ذاتي مقصود بالكتابة القصصية، أو الروائية يتمثل أحيانا في الاشتغال على إنجاز عمل كتابي أو البحث عن مخطوطة أو مذكرات مفقودة وغالبا مايكشف فيها الراوي أو البطل عن انشغالات فنية بشروط الكتابة، مثل انهماك الراوي بتلمس طبيعة الكتابة الروائية، وقد ينصرف شاعر الميتاـ شعر إلى انشغالات الشاعر بإشكاليات صياغة الخطاب الشعري الأثيري والزئبقي الذي يصعب الإمساك به أو وضعه داخل شبكة النص الشعري).
تقنية مابعد حداثية
جاءت تلك التقنية الـ ( المابعد حداثية) بامتياز لكسر نسقية البناء الروائي والقصصي وتجاوز التقاليد الكتابية التي أصبحت بفعل التقادم الزمني وتواتر الاستعمال، أعرافا ً قارة. كما أطاحت بأسطورة الحقيقة الروائية من خلال التشكيك بحقيقة مايروى عبر التدخلات المباشرة الفعلية أو الضمنية للمؤلف، والكشف بأن مايروىهو في حقيقته مجرد سرد، أي تخييل واختلاق، وما الشخصيات والأحداث والأقوال وغيرها، إلا قنوات تمثيلية لطروحات وأفكار المؤلف الذي سلبت منه سلطة الراوي العليم الذي وصف وشبه بـ ( الإله) الذي يعرف كل شاردة وواردة عن كل شيء. وهذه واحدة من أهم توجهات مابعد الحداثة الساعية إلى الإطاحة بالأصوليات وعلى مختلف مستوياتها وأغراضها. حيث تعد ( الميتا) تجاوزا وتخطيا إيجابي الطابع في السرد وغيره ممن شملته بركات الميتا إذ: ( يبدو أن نزعة مارواء السرد، أو ماوراء الرواية، أو الميتا سرد هي أيضا جزء من انفجار (( الميتا)) وتناسلها الذي شمل جميع العلوم والمعارف الاجتماعية والفكرية) على حد قول الناقد فاضل ثامر.
ماذا بشأن الميتا شعر؟
الى هنا ونحن مع ماذهب اليه فاضل ثامر بخصوص الميتا سرد اوماوراء الرواية . لكننا نعتقد انه يتوجب علينا التوقف فيما يخص الميتاـ شعر. إذ يبدو ان شمول الشعر بهذه الميتا ليس عمليا إن جاز الوصف . فالشعر، ليس قابلا للتطويع ( ميتويا) اذا مافهمنا طبيعة الشعر ذات الطابع المونولوجي، وماهيته الفردية، ولغته الذاتية ذات الطابع المجازي العالي، وهيمنة النبرة الواحدة ( نبرة الشاعر) أو بصمته الشخصية، إذ يعد الشاعر صاحب البصمة حسب بعض النقاد شاعرا ذا خصوصية وتفرد، وهذا مالايتوافق وينسجم معطروحات الميتا الساعية إلى مصادرة الملكية الفردية والإطاحة بالحقيقة الإبداعية الجوهرانية وتجاوز حاجز التقاليد بماورائها. فالرواية هي فن حواري متعدد الأصوات بحسب الناقد الروسي ميخائيل باختين، بينما الشعر فن أحادي الصوت، وهذا مايجعلهخارج إطار أي ميتا حتى وإن كانت تعليمية تجريبية كونها مجرد محاولات تفتقر إلى الأصالة والتأسيس، وتبشر بتشكل ظاهرة كما هو الحال مع الميتا سرد، وتنويعاته من رواية وقصة. فالميتا بحد ذاتها خرق للبعد الواحد والرؤية المشخصة، فالشعر إجمالا تكمن خصيصتهالجوهرية في ذاتية لغته وأحادية منظوره ، بل ان مجرد الشعور بان الشاعر لم يحسن التخفي أو التواري خلف نصه، أو الذوبانوالتماهي فيه، يعد مثلبة على الشاعر، حيث يعد نصه في حالة عدم إجادته للتخفي والتواري فاقدا للعفوية والتلقائية، وغالبا مايوصفبالمتصنع الطافح. والقول بـ ( انشغالات الشاعر بإشكاليات صياغة الخطاب الشعري الأثيري والزئبقي الذي يصعب الإمساك به أو وضعه داخل شبكة النص الشعري) يصب في خانة إخراج النص الشعري من عفويته وتلقائيته وفردانيته المميزة. وبناء عليه يصبح تعميم ( الميتا) على الشعر أو إمكانية وجود شعر( ميتوي) مسألة خارج حسابات التحقق
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق