التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

نصر الله وأبعاد القتال في سوريا 

التواضع الكبير الذي يميز السيد حسن نصر الله في تناوله للموضوعات المتعلقة بالمقاومة وحركتها في المنطقة هو من سمات الزعماء التاريخيين لحركات التحرر التي تترك للوقائع التحدث عن إنجازاتها والحقيقة ان المقاومة اللبنانية ساهمت في منع انقلاب استراتيجي على صعيد المنطقة عبر انخراطها في التصدي لمخطط استهداف سوريا وفرضت مؤخرا ثبات قواعد الردع في وجه العدو الصهيوني .

أولا اليوم وبعد كل ما جرى باتت حقيقة الأهداف الكامنة خلف خطة الحلف الغربي الخليجي التركي المتورط في الحرب على سوريا بقيادة الولايات المتحدة واضحة للعيان وهي كما يوجزها السيد حسن نصر الله بلغته الهادئة والواقعية تتمثل بنقل سوريا من كونها محور حلف المقاومة في المنطقة لتلحق بالمقلب الآخر أي بمنظومة الهيمنة الاستعمارية .

يكشف لب الحكاية ما أكده السيد نصر الله عن عروض نقلت إلى الرئيس بشار الأسد ورفضها بحزم وهي تتضمن المقايضة بين خروج سوريا من تحالفها مع إيران ومن انخراطها في دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية باتفاق مع إسرائيل وعندها يتوقف كل شيء ، وفحوى الرسائل التي نقلت إلى الرئيس الأسد كان تعهدا بوقف كل الأعمال التي استهدفت الدولة السورية من حصار وعقوبات ومن تصدير للسلاح والمسلحين وحملات إعلامية وسياسية في حال قبل توقيع اتفاق مع إسرائيل وانسحب من محور المقاومة ومن غير أي شروط تتصل بالوضع السوري الداخلي.

هذا هو جوهر الحرب على سوريا وكل ما استهدفت به في الداخل والخارج خلال السنوات الثلاث المنقضية فالقصة لا صلة بها بالديمقراطية والإصلاح بل هي قصة خيار المقاومة والتحرر والاستقلال الوطني الذي تمثل الدولة الوطنية السورية قلعته العربية الوحيدة التي يعمل الحلف الاستعماري وأدواته على تدميرها والنيل منها ومن إرادتها الحرة .

ثانيا الإرهاب التكفيري متعدد الجنسيات والذي تحتضن بعض فروعه حكومة إسرائيل بالدعم والمساندة وبما هو أبعد من حدود الاستشفاء الممنوح لمئات الجرحى،أداة في تلك الحرب وفي خدمة الغاية المرسومة لمصلحة إسرائيل ومن هذه الخلاصة يتقدم منطق المقاومة اللبنانية باعتبار المشاركة في الدفاع عن سوريا واجبا وطنيا وقوميا تهون امامه التضحيات وهو الطريق لحماية المقاومة وظهرها وسندها السوري الذي خبرت احتضانه على امتداد العقود الممتدة منذ انطلاقتها وخصوصا في ملحمة تموز 2006 التي دمرت هيبة الردع الصهيونية باعتراف لجنة فينوغراد.

من خلال ما عرضه سماحة السيد من الوقائع التي كشفتها الأحداث وبعد فترة غير قصيرة على اندلاعها يتبلور استنتاجه القائل بأن حزب الله تأخر في الذهاب إلى سوريا لأن المقاومة كخيار وكمنظومة استراتيجية في المنطقة كانت هي المستهدفة منذ البداية .

ويتضح من الوقائع عينها التي عرضها السيد في حواره مع صحيفة السفير إلى أي حد وصل الاستثمار الإسرائيلي للأحداث بقصد تعديل التوازنات الرادعة وضرب قدرات منظومة المقاومة ومحورها السوري وكيف رد حزب الله بضربات محسوبة ومدروسة فرضت على العدو الانكفاء وأكدت فاعلية توازن الردع مجددا .

ثالثا تحويل التهديد إلى فرصة عبارة صاغها السيد نصر الله في مثل هذه المواضع وهي بالفعل تكثف اليوم مضمون ما قام به حزب الله في سوريا وما أحدثه من تغييرات في البيئة الإقليمية لصالح خيار المقاومة وفي ميزان الصراع ضد الكيان الصهيوني وأبرز ما يجدر التوقف عنده :

1- تحصين القلعة السورية كمحور للمنظومة الإقليمية المقاومة والتحررية في المنطقة وهذا ما يمثل بذاته انتصارا استراتيجيا على الحرب الكونية بقيادة الولايات المتحدة .

2- القيام بعمل اندماجي استراتيجي بين المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني من خلال القتال معا والتناغم في ساحات المعارك الصعبة والمعقدة وتبادل الخبرات والتقنيات العسكرية واللوجستية وإنتاج تجربة عسكرية عربية جديدة تجمع بين مدرسة القتال النظامي و المدرسة التي أسسها حزب الله في حرب العصابات والغوار الريفية والمدينية.

3- التوسيع الواقعي للجبهة القتالية ضد الكيان الصهيوني بحيث باتت تمتد من رأس الناقورة في لبنان الجنوبي حتى الحدود السورية الأردنية على امتداد خط المواجهة في الجولان المحتل مرورا بجبل الشيخ ومزارع شبعا وهو ما يمثل تغييرا جوهريا في قواعد الصراع ومقدرات حلف المقاومة ولذلك فقد ردعت العربدة الإسرائيلية بثلاث ضربات متلاحقة في جبل الشيخ والجولان ومزارع شبعا وتفهم إسرائيل جيدا ما يعنيه ذلك وهي انكفأت بناء على تقييم عسكري استراتيجي لتلك الضربات الغامضة .

4- تفعيل المواجهة المصيرية ضد تيار التكفير الإرهابي بوصفه اداة للتفتيت والتقسيم والاستنزاف الدموي تستهدف شعوب المنطقة وبلدانها انطلاقا من سوريا والعراق ولبنان والنجاح المحقق في المعارك التي خاضها الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني وحزب الله هو رصيد المقاومة في حماية هذه البلدان المشرقية وسكانها من الأخطار.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق