التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

السعودية ، قطر ، قصة أدوار مخجلة 

بقول الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أن العلاقات لن ترجع إلى سالف عهدها إلا متى راجعت قطر سياستها ، تقول جريدة الراية القطرية في شبه جواب رسمي ..” لسنا تابعين لأحد ، هذه قطر ” ، يظهر من سياق الأحداث منذ القرار السعودي “بقطع العلاقات” مع قطر و الذي ساندته مملكة البحرين و دولة الأمارات العربية المتحدة أن هناك صراعا محموما بين معسكرين شبيه بين الصراع ” القديم” بين معسكر ما يسمى بدول الاعتدال التي تنفذ المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة العربية و بين دول المقاومة أو محور المقاومة الذي يقف ضد الهيمنة الأمريكية بتفرعاتها الصهيونية الخليجية ، و يبدو بالنسبة لأغلب المتابعين أن الصراع السعودي القطري سيمثل لفترة طويلة قادمة محور عناوين الأخبار .

حتى نفهم ، نقول أن “السياسة” السعودية و القطرية لا تختلف كثيرا في عناوينها العريضة البارزة ، فالنظامان جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة العربية ، و الحماية الأمريكية الصهيونية وحدها هي من تقف في وجه سقوط النظامين الشموليين الفاسدين ، فالدولتان لا تملكان مؤسسات و لا سلطات رقابية و لا ديمقراطية و لا حقوق إنسان بل أن كل المؤسسات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان تؤكد أن الدولتين يعدان من الدول القليلة في العالم التي تمارس عبودية البشر ، نستخلص أن السياسة السعودية و القطرية تتمثل حصريا و بالذات في تنفيذ الأجندة الصهيونية الأمريكية مقابل حماية النظام و بالتالي فان السعودية ترى في قطر “الدولة” التي تحاول أن ” تحجب” عنها شمس حبل الوصل الأمريكي المباشر و قطر ترى في السعودية الدولة العجوز التي يجب أن تنال رصاصة الرحمة ، مثلها مثل المريض الميئوس منه ، حتى تستريح بعد عناء سنوات الضياع و الخيانة للعرب .

بالطبع هناك صراع سعودي قطري على العلاقة مع الصهيونية العالمية ، ما تنفذه الدولتان في العراق و سوريا و اليمن و ليبيا على وجه الخصوص هو نتيجة هذا الصراع على استحقاق علاقة مع إسرائيل ، و السعودية لا تخجل من هذا الدور إطلاقا و هي تريد فقط من قطر أن تحترم الأولوية السعودية و أن تكون في المرتبة الثانية و لا تطمح أبدا في المرتبة الأولى لاعتبارات عديدة أهمها على الإطلاق عامل المساحة و عامل التعداد السكاني و أقدميه العلاقات بين آل سعود و الإدارة الأمريكية ، لكن قطر لا ترى بنفس المنظار السعودي و يدفعها بعض الغرور إلى القفز على جملة هذه الحقائق المنطقية لمحاولة إفتكاك المرتبة الأولى من العجوز السعودية المتقدمة في السن بحجة أن الأدوار لا تقاس بالأقدمية و الحجم بل بالقدرة على تقديم الأفضل و انتزاع إعجاب كبار الساسة الصهاينة في المطبخ السياسة الأمريكي .

بقليل من الانتباه و استرجاع ذاكرة الأحداث منذ سقوط النظام العراقي ، نصل إلى أن الدور القطري قد بدأ يتصاعد منذ سقوط بغداد ، بالمقابل انتهى الدور السعودي بدخول القوات الأمريكية عاصمة الرشيد ، فالولايات المتحدة لم تعد في حاجة إلى دور سعودي بعد حصولها على غطاء الجامعة العربية لاحتلال دولة عربية، غطاء لم يكن ممكنا في تلك الفترة لولا الضغوط السعودية المصرية في الجامعة ، بل أن المخطط الصهيوني قد كان في حاجة إلى دور قطري جديد بمميزات جديدة لان التفكير الأمريكي كان متوجها إلى الإعداد إلى بعض ” الانقلابات البرتقالية” في بعض الدول العربية تمهيدا لصعود “الإسلام السياسي” كبديل لحكم الديكتاتوريات العربية ، و لعل الكثيرين لم ينتبهوا حينا إلى بداية صعود الدور القطري و بالذات السعودية التي كانت تعانى من ارتدادات و إرهاصات سقوط نظام الرئيس صدام حسين بعد اتهامها بتسهيل الغزو الأمريكي للعراق لحماية المصالح الصهيونية الصليبية ، تفيد الأحداث أن السنوات العشر الأخيرة قد كانت سنوات قطرية سمان ، سنوات عجاف سعودية بامتياز ، لكن المفاجأة بعدم قدرة الإخوان أو ما يسمى بالإسلام السياسي على الحكم و البقاء هي التي أصابت الدور القطري بالفشل و الموت السريرى ، و حتى نصائح رجب أوردغان للقيادة المصرية بمحاولة استنساخ التجربة التركية لم تفلح ، و بات على الإدارة الأمريكية البحث عن بديل حتى لا تفقد ماء وجهها ، أول قرار هو إبعاد الأمير القطري ، القبول بالدور الروسي الإيراني في المنطقة ، العدول عن ضرب سوريا عسكريا ، مساندة “الانقلاب” المصري، استرجاع الدور السعودي من “الأرشيف” .

القرار السعودي بسحب السفير من قطر هو فعل سياسي لا أهمية له ، فقطر لن تتأثر قطعا بمثل هذا القرار باعتبار أن بقية دول مجلس التعاون لا يقفون صفا في إسناد القرار السعودي لاعتبارات مختلفة أولها تجنب تغول الدور السعودي ، و قطر من مصلحتها أن تتقدم السعودية الآن إلى الصف الأول حتى تدفع فاتورة الصحون المكسرة في سوريا ، خاصة و أن موقف الملك من الجماعات الإرهابية و من الإرهاب السعودي في سوريا لم تلق الصدى باعتبار أن المؤسسة الدينية السعودية هي التي أفتت و علمت و فوتت الجماعات إلى سوريا بإيعاز من الإدارة و المخابرات الأمريكية الصهيونية في خدمة و دور شبيه للدور “الإرهابي” السعودي في أفغانستان أيام الوجود السوفيتي ، اليوم تتحدث السعودية عن مواجهة الدور الشيعي و التمدد الإيراني في المنطقة ، لكن السعودية تصر على التقاط آخر حبل نجاة للنظام بتقديم كل التسهيلات لتنفيذ بعض “المهمات القذرة” التي يتطلبها حفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية عند “انسحابها” من الصراع الدائر لإسقاط النظام السوري أو ما يسمى بجينيف 3 .

تدرك قطر أن الخلاف مع المملكة السعودية يدور حول كيفية التعامل مع الملفين المصري و السوري و بعض الملفات الخليجية الأخرى أهمها العــلاقة القطرية الإيرانية، و في حين تسعى المملكة بإيعاز صهيوني أمريكي للتعاون مع النظام المصري الجديد تصر قطر بإيعاز من محور الإخوان الذي تمثله تركيا إلى الوقوف في وجه هذا الدور خاصة بعد أن احترقت كل أوراقها في الرمال الليبية ،هذا الارتباك في الأدوار ليس خاصا بالسعودية و قطر و بقية دول مجلس التعاون ، بل هو إفراز للارتباك داخل الأجنحة السياسية المتصارعة في المطبخ الأمريكي نفسه خاصة أن اللوبي الصهيوني لا ينظر بعين الرضا لحالة الغزل الغير بريء بين إيران و الإدارة الأمريكية ، لذلك تتحرك إسرائيل بكل ثقلها لمحاولة خلط الأوراق و إرباك الأدوار ، ولان مجلس التعاون الخليجي هو مجرد سوق عكاظيات ، فالظاهر أنه سيبقى كذلك و لن يستطيع رسم سياسة خليجية واضحة في كيفية التعامل مع أمهات المشاكل المطروحة على الساحة الخليجية المتوترة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق