أطفالنا شعراء ورسامو المستقبل
بغداد ـ ثقافة ـ الرأي ـ
أطفال لم يتجاوز عمر أكبرهم 13 عاماً اعتلوا منصة الاحتفال وقرؤوا قصائدهم التي كتبوها بخط يدهم ولوَّحوا بلوحاتهم التي استخدموا فيها ألواناً مختلفة، كالباستيل والماجك والألوان المائية والزيتية، ليؤكدوا أن هناك جيلاً جديداً يمكن أن يمهّد لثقافة عراقية واضحة المعالم والخطوات، وما كان من بيت الشعر العراقي إلا أن حرَّك هذه المواهب لدى الأطفال ليطلبوا من أهلهم أن يفسحوا المجال أمامهم في سبيل تشكيل مرحلة أولى من المراحل المهمة في حياتهم الأدبية أو الشعرية.
جاء تجمع الأطفال هذا في الاحتفالية التي أقامها بيت الشعر لتوزيع جوائز المسابقة الأولى لقصائد الأطفال في المركز الثقافي البغدادي يوم الجمعة الماضي، احتفالية حضرها الأطفال وأهلهم فضلاً عن جمهور كبير من الأدباء والمهتمين ووسائل الإعلام.
وفي كلمتها، قالت الهيئة المنظمة للجائزة، أننا “نأمل أن يكون الهدف واضحاً من الاحتفاء بشعر يكتبه الأطفال بخط أيديهم، هي عودة إلى الروح العفوية التي تلخصها علاقة القلم بالورقة التي تدون عليها الكلمات، وتوثيق لوهج أول تحدد ملامحه محاولات الأطفال، عسى أن يصبح أحد هؤلاء المتقدمين كاتباً أو مبدعاً حقاً في الشعر”.
بحث عن أصوات جديدة
وقد أكد الشاعر حسام السراي في كلمته التي ألقاها في افتتاح الاحتفالية، أن الهم الأول لهذه المسابقة كان في “ألا ينحصرَ جمهورُ الشعر ومتابعوه بأهلِ الشعر أنفسِهم، سنواتٌ ونحنُ نقرأ لبعض ونسمعُ البعض الآخر، فلِمَ لا نبحثُ عن أصواتٍ جديدةٍ كي نُصغي إليها؟ وإن كانت شروطُ استمرارها لاحقاً غيرَ مضمونةٍ، المهمُ عندنا أن نبحثَ عنها ونُقدّمَها”. مشيراً إلى أن سعي بيت الشعر كان للبداية مع مواهبَ ربّما لم ينتبه إليها أحدٌ أو يحتفي بها، علّنا نسهمُ في إشاعةِ الأملِ وتوسيعِ مساحته في البلاد، انطلاقاً من الاهتمامِ بهذه الشريحة، أليست هذه المواهبُ عنواناً من بين عناوين المستقبل؟ ألا نتفق معاً كم بدايةُ الطريق مهمةٌ وراسخةٌ في ذاكرةِ المبدع؟ فكيف لا نلتقطُ إبداعات الطفل مكتوبةً بخطِ يده، مثلما فعلنا في كتاب “نبض الكتابة” الذي سيكونُ بين أيديكم بعد دقائق.
إحياء الكتابة على الورق
الجميل في هذه المسابقة أن الهيئة المنظمة للجائزة رفضت أية ورقة مطبوعة بالكومبيوتر أو أية آلة طابعة، إصراراً منها على أن يتلمس الأطفال كلماتهم وهم يكتبونها على ورق أبيض لا خطوط فيه، تمريناً على الكتابة أولاً، وعلى الشعر ثانياً، وهي محاولة لإنقاذ الأطفال من المحو التي تؤصله التقنيات الحديثة، وابتعاد أغلب الكتاب، إن لم يكن جميعهم، من الكتابة بالقلم والورقة، ليستعينوا بال “لابتوب” أو الأجهزة اللوحية.بدأت الاحتفالية بغناء مقطع من قصيدة السياب”غريب على الخليج” بأداء أطفال من “البيت العراقي الآمن للأيتام”، وعزف الفنان جواد محسن، لتليها قراءات شعرية، ألقاها الأطفال الفائزون بالجوائز الثلاث الأولى.
الفائز الأول “عبد الحق فاضل حسين” من مدينة الموصل، لم يتمكن من الحضور بسبب مرض والده، لكن قصيدته “الإصرار على العمل” كانت مفتتحاً لحياة قادمة، بوصف أغلب الذين اطلعوا عليها، في حين جاءت الجائزة الثانية مناصفة بين الطفلين تميم لؤي حمزة عباس؛ من البصرة، وروان سالم من بابل. الجائزة الثالثة كانت مناصفة أيضاً بين دانية صدوق أبو طالب؛ من بغداد، وأبو الفضل صفاء من المثنى. هذه القصائد الفائزة تبشر بمواهب مهمة، ربما تكون جميعها، أو بعضها، شعراء وكتاب ورسامين أيضاً، لكن ما قام به بيت الشعر العراقي كان محاولة حرجة وخطرة في الوقت نفسه، فهذه المسابقة والفعالية بحاجة لدعم وتمويل كبيرين، وعلى الرغم من الجهات الداعمة والساندة، إلا أن العمل في إنجاح هذه المسابقة كان المفاجأة الكبيرة في الوسط الثقافي، وقد أكد هذا بيت الشعر في كلمته التي افتتح فيها الكتاب “نبض الكتابة” الذي وزع بمناسبة توزيع الجوائز، وجمعت فيه القصائد المقدمة للمسابقة جميعها، فضلاً عن رسوم الأطفال الذين سعوا للمشاركة بهذه المسابقة بأية خطوة جمالية، مهما كانت قيمتها.