التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أعداء النجاح 

ثقافه – الرأي –

توفيق التميمي

 
تنمو عادة في غابات المبدعين وبين أشجارهم السامقة ثمة طفيليات سامة تسعى لإعاقة ارتقاء هذه الأشجار إلى ذراها العالية ، تتخذ هذه الطفيليات أسلحة غادرة في حروبها الماكرة لتسقيط القامات العالية في الإبداع بدوافع الغل والأحقاد والشعور الدوني بالضآلة والتصاغر ليس إلا ، وهي أمراض نفسية تحتاج إلى تشخيص مبكر وعلاج شاف، لأن خطورة أعراضها المرضية لاتتوقف لدى صاحبها الذي يعيش في حالة حرب دائمة مع نفسه ومع الآخرين، عدتها الكراهية والطعن وتسقيط ما يتوهمه على انهم خصومه و منافسوه في مجالات الشهرة وأضوائها .
تتجسد في النمط العدواني لأعداء النجاح شخصيات معقدة تركيبتها من عبوات متراكمة من الكراهيات والأحقاد وعقد الطفولة تترسخ في أعماقها للدرجة التي لاينجح معها تاريخ جديد من القراءة الجمالية والمران الثقافي الطويل، لأن الشرخ الإنساني في دواخلها أعمق بكثير مما ترممه ثقافة القراءة والجمال.
في مواسم جوائز المبدعين وقطاف حصادهم المثمر تنشط خلايا الكراهية والبغض لدى أعداء النجاح وتسعى لنفث سمومها هنا وهناك في حيز متاح من جريدة أو جلسة تغط بأحاديث الغيبة والنميمة الثقافية الحافلة بالتسقيط والتشهير، يستنفد هؤلاء ما لديهم من جذوات إبداعية أو بصيص منها بما تستنفده الكراهيات والأحقاد من أرواحهم حتى يصبح شغلهم الشاغل ومهمتهم الكبرى هي التسقيط والتشهير بنجاحات الآخرين و إبداعاتهم، بدوافع الغيرة والحسد منهم، وبذلك يجهزون على آخر ما تبقى في أرواحهم من جذوات الإبداع وبقع الحب الضئيلة. 
ربما بسبب هؤلاء افتقدت الثقافة العراقية إلى ظاهرة المدارس الفكرية والظواهر المعرفية التي تجمع مبادرات العلماء والمبدعين في خط فكري يتواصل بين الأجيال كمدرسة فرانكفورت في المانيا، مثلا.
الأمثلة كثيرة في وسطنا الثقافي لهؤلاء، فلطالما نقابل نماذجهم على موقع للتواصل باسمه الصريح أحيانا واسم مستعار أحيانا أخرى، كما نقابلهم بالمصادفة في جلسات إبداعية تنغصها سمومهم التي يبثونها. ولهذا فتشخيصهم كفطريات سامة في غابات المبدعين أمر مهم للغاية.
فوز روائي شاب عراقي بأول جائزة عالمية أثار استفزاز أمثلة من أعداء النجاح هؤلاء، وما ان حصد هذا الشاب العراقي المبدع جائزة عالمية حتى ظهروا من أوكارهم كالعقارب لتنفث سمومها وغلها وحسدها عبر أحاديث ملفقة واتهامات باطلة قصدها تشويه سيرته الإبداعية والتقليل من شان حصوله على الجائزة، وكأن ما تحدثوا به كان مجهولا للجنة التحكيم الدولية.
ما تعرض له هذا الروائي، يتعرض له الكثير من المبدعين في مجالات الابداع المختلفة من قبل النفر المريض، ولكن لا يعيق ذلك تألق المبدعين ولايحبط مشاريعهم المضطردة نحو الارتقاء والتطور. 
تشخيص نماذج أعداء النجاح مهمة نبيلة في الوسط الثقافي العراقي لمعالجتهم من أعراض مرضهم ومقاومة “فيروساتهم” القاتلة لانهم لا يجلبون الدمار لأنفسهم، فقط بل لمحيطهم الذي يعيشون ويعتاشون فيه. 
ولأنهم في الحقيقة مرض فتاك لابد من استئصاله من الجسد الثقافي العراقي،على الرغم من أنهم مهما برعوا في حروبهم السوداء فلن يعيقوا مبدعا خطف المجد ولا مشروعا إبداعيا يتجلى فوق طفيلياتهم السامة. 
في أوساطنا الكثير من أمثلتهم يتواجدون بيننا تنطبق عليهم هذه المواصفات، فاحذروهم قبل أن يفتكوا بمساحات الجمال والحب،و ماأحوجنا اليها في ايامنا هذه. 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق