التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

جرائم السعودية وقطر 

 ابراهيم الامين
أن تكون معارضاً للحكم في سوريا أو العراق، لا يغير في موقفك من الذي يجري حالياً أي شيء. أن تصدق نفسك حين نسجت رواية خيالية في سوريا ثم تحاول إعادة الكرّة في العراق، وكأنك غير مهتم لموت آلاف الناس، فذلك يجعلك شريكاً حتمياً في هذه الجريمة. وربما حان الوقت، لكي تُنزَع أقنعة عن وجوه وأدوات وجهات وحكومات باتت، فعلاً، شريكاً كاملاً في الجريمة الجارية باسم حرية الشعوب.

السؤال المركزي المطروح حالياً هو: هل ما يجري الآن هو من أجل محاسبة الحكم في سوريا والعراق على الفساد والاستبداد؟

وحتى لا يكون الهجوم على هؤلاء القتلة كأنه تبرئة للفاسدين والمستبدين، فمن الضروري القول بأن عدم اندفاع من بيده الأمر في سوريا والعراق، ومن معه من حلفاء مؤثرين، إلى البحث عن عملية سياسية حقيقية، توفر مشاركة فعلية لكافة أطياف الشعبين السياسية وغير السياسية، سيجعل الأمور تتعقد أكثر، وسيتيح لمن يريد تدمير سوريا والعراق التسلح ببعض الذرائع لإكمال جريمته. وهذه مسؤولية مستمرة، من اليوم الأول للأزمة إلى الآن وإلى غد وبعده. فليس صحيحاً أنه لا يوجد في سوريا شركاء يقدرون على كسر أُحادية الحكم، كذلك ليس صحيحاً أنه لا يوجد في العراق من يطوي صفحة الماضي سريعاً. ومن يجد نفسه في موقع القوي وصاحب الحق، يقدر على المبادرة أكثر من الذي يجد نفسه محاصراً بهواجس وشعارات.

لكن لنعد قليلاً إلى أصل المشكلة، وبالتحديد إلى الهدف الفعلي من الجاري الآن في سوريا والعراق، الذي يُعدّ له مجدداً في لبنان وفلسطين ومصر ودول عربية عدة.

أمتنا العربية مصابة اليوم بابتلاء كبير، سببه بالتأكيد حالة الضعف التي تصيب دولاً كبيرة مثل مصر وسوريا والعراق، أو حالة كسل تصيب دول المغرب العربي. وهو ابتلاء يجعل مجموعة حمقى يسيطرون الآن على مقدرات الجزيرة العربية، وينتشرون خصوصاً في مستعمرتي السعودية وقطر الوهابيتين. وحيث هناك احتلال أميركي مكشوف يوفر الأمان لعصابتين تحكمان الناس بالحديد والنار… والمال أيضاً، وتمارسان أبشع أنواع الجنون والرقص فوق جثث الضحايا. ويعمل بإمرتهما جيش من ضعاف النفوس، والمتهالكين فوق فتات لا يبقي لهم على كرامة ولا على قدر بين الناس. وحيث تتم استمالة طوعية، لا قسرية، لحشد من الذين تقرر في مكان ما وصفهم بالخبراء، في الأمن والسياسة والثقافة والإعلام. لكنهم جميعاً، يعملون تحت عنوان واحد: اجتراح الفتن، واحدة تلو الأخرى، ويقف هؤلاء العسس، في طابور كل فجر، ليحظوا بكيس الدنانير.

قطر والسعودية دولتان تقفان خلف المذبحة المستمرة في سوريا، والآن في العراق. خلفية محض طائفية مجبولة بعنصرية مقيتة تتحكم بها عقد النقص. من مزرعة يراد أن يفرضوها علينا باسم دولة. وصحراء قاحلة، يراد لنا الاقتناع بأن كتل الباطون يمكن أن تبث فيها روح الحياة، ومنظومة تعتقد أن الله أرسلها لتولي ولاية الأمة. هكذا هي ببساطة، حال عائلتي آل سعود، آل ثاني وتوابعهما.

لا حاجة إلى المزيد من المعطيات. يسكن في قطر اليوم، قادة من “القاعدة” و”طالبان”، وفارون من وجه العدالة بعدما ارتكبوا فظائع بحق شعوبهم على مر عقود. هناك تُعقَد الاجتماعات، وتنظَّم الفتن، وتموَّل، وتوضع مقدرات هائلة في تصرف من يقدر على سفك الدماء أكثر. ومن هناك، تموَّل كل أنواع المشاريع، الأمنية والسياسية والإعلامية التي تناسب المذبحة. وفي السعودية، يُحشَد سفاحو العصر، ويُدرَّبون ويُرسلون لقتل الناس، وهي عملية لا تجري هذه الأيام فقط، بل هي مذبحة مستمرة منذ عقد على الأقل. وفي هذه الصحراء المحكومة بالقهر منذ عقود طويلة، من قبل أشخاص يجب إحالتهم إلى مصحات عقلية ونفسية وجسدية، من أجل سلامة عائلاتهم قبل الآخرين، يجري كل يوم، تعليم الناس الحقد، وكره كل شيء، وشراء الذمم، وقتل الناس كل لحظة، فقط لأن مختلاً يريد أن تبايع البشرية جنونه.

اليوم، يجري ترتيب الكثير من الخطوات في قطر والسعودية، وهدفها ليس سوى تفتيت العراق وسوريا ولبنان، والانتقال إلى إثارة الفتنة في إيران أيضاً. والحجة، البحث عن “حق” في الاستقلال. يبدو خطاب هؤلاء بائساً إلى حد، يعتقد من يسمعهم اليوم، أن القرن الماضي كان يشهد حمامات دم ضدهم، وأن من يدمون مدنهم ويقتلون أولادهم، كانوا يحكمون هذه الشعوب. ومن يسمع محاضرات آل سعود وآل ثاني، يمكنه أن يعتقد للحظة، أن هؤلاء هم من أرسلهم الله ليقودوا البشرية نحو التحرر من العبودية والظلم.

ألم يكفهم ما فعلوه حتى اليوم، وهم الذين يتصرفون، كما الصبية الذين يعملون في خدمتهم اليوم وقبل اليوم، بأنها معركتهم الوجودية؟ ألا يعرف هؤلاء أنه خلال العقد المنصرم لم تحصل ردة فعل واحدة على كل جرائمهم؟ وأن الصمت والصبر لا يكون مفتوحاً إلا مع المقهورين؟

ربما حان الوقت لإعادة الناس إلى صوابهم، وفي حالتنا هذه، يبدو أن الأمر مع هؤلاء، لن ينفع عبر النصيحة وحسن الكلام.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق