التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

العراقيون أكبر من المؤامرة 

تراب تراب –
كل يوم يمر تتكشف اكثر حجم المؤامرة التي تحاك ، ليس فقط لاسقاط النظام السياسي في العراق ، بل لاستهداف العراق كوجود وكدولة ، في ظل معطيات في غاية الخطورة أخذت تبرز وبشكل لافت.

 

الاسباب التي ساهم تظافرها في نجاح جانب كبير من هذه المؤامرة ، يمكن الاشارة الى أبرزها وهي :

1-تنسيق كبير، كان يجري على قدم وساق خلال السنوات الماضية بين البعثيين وضباط الجيش العراقي السابق وجماعات تكفيرية وارهابية وبين “داعش” ، برعاية أجهزة استخبارات سعودية وقطرية تركية واسرائيلية.

2-الفساد الذي يضرب بأطنابه في داخل المؤسسة العسكرية والامنية العراقية بسبب المحاصصة الطائفية.

3-وجود شخصيات سياسية ، دخلت العملية السياسية، دون ان تكون مقتنعة بها، بل بهدف ضربها من الداخل وافشالها، وهذه الشخصيات تحركها دوافع شتى ، الا انها تتفق على افشال العملية السياسية ، لذلك رأت في “داعش” عنصرا مهما يمكن ان يساهم في التعجيل بتحقيق هدفها ، لذلك نراها تلقي مسؤولية ما جرى على الحكومة العراقية.

4-ما كان لـ”داعش” ان تتمدد بهذا الشكل في محافظة موصل لولا وجود حواضن للبعثيين وضباط الجيش العراقي السابق في هذه المحافظة ، والذين كانوا بدورهم، أعني البعثيين وضباط الجيش العراقي السابق ، حواضن لـ”داعش”.

5-كما هو دور الحواضن ، هناك دور مماثل تقوم به السعودية وتركيا وقطر و”اسرائيل”، في احتضان كل من “داعش” والبعثيين والضباط الصداميين وباقي التنظيمات التكفيرية والارهابية، التي تقاطعت مصالحها مع مصالح هذه الدول ، وفي مقدمة هذه المصالح العداء المشترك لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، وتفتيت العراق وشرذمة شعبه.

6-الاعلام الخليجي الرجعي الذي جعل من إرباك الاوضاع السياسية والاجتماعية في العراق هدفا لا يتواني عن تحقيقه حتى لو اضطره ذلك التجرد من قيم اخلاقية وحتى انسانية.

7-الدور السلبي لمشايخ الوهابية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيسه يوسف القرضاوي، في التغرير بالشباب العربي والمسلم عبر النفخ في نار الفتنة الطائفية.

8-عدم تقبل بعض الشخصيات الممثلة للمكون السني في العراق حقيقة ان الاغلبية في العراق هم الشيعة وانعكاس ذلك على تركيبة النظام الجديد ، وهو ما جعل هذه الشخصيات تقع في فخ الجهات التي تضمر السوء للعراق ، عبر الايحاء ان المكون السني في العراق قد ظلم ولابد من رفع هذا الظلم حتى لو تم ذلك بالتعاون مع “داعش”.

9- عدم التزام امريكا بتعهداتها في تسليح الجيش العراقي بالاسلحة المتطورة وفقا للاتفاق الامني الموقع بين البلدين.

هذه الاسباب وغيرها الكثير ساهمت في أن تصل المؤامرة التي تستهدف العراق الى هذه المراحل المتطورة، الا ان هناك معطيات خطيرة جدا برزت بعد نجاح الفصل الأهم من هذه المؤامرة ، تؤكد ان الجهات التي تقف وراء هذه المؤامرة عاقدة العزم على الوصول حتى النهاية لتحقيق كامل اهداف هذه المؤامرة ، اي تفتيت العراق وشرذمة شعبه.

يمكن الاشارة هنا الى بعض اهم هذه المعطيات وهي:

1-وقوف اميركا متفرجة أمام غزو “داعش” للعراق بمساعدة البعثيين ، دون ان تحرك ساكنا.

2-ردود الفعل الباهتة والمريبة للرئيس الاميركي باراك اوباما وفريقه الأمني إزاء كيفية التعاطي مع “داعش”.

3-ابتزاز اميركا للحكومة العراقية في مقابل تقديم الدعم ضد مجموعات تضعها امريكا على قائمة الارهاب مثل “داعش”.

4-رفض السعودية وتركيا و”اسرائيل” أي تدخل لامريكا في العراق ضد “داعش” ، بل رفض حتى توجيه ضربات جوية اميركية ضد هذا التنظيم الارهابي.

5-تجييش الاعلام الخليجي الرجعي للدفاع عن “داعش” ، وشن حرب نفسية لاهوادة فيها ضد الحكومة العراقية وشخص رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

6- محاولة الرجعية العربية ومن ورائها اخطبوبها الاعلامي وكذلك بعض وسائل الاعلام الغربية والاميركية بالاضافة الى بعض كبار المسؤولين الاوروبيين والامريكيين ، العمل على التقليل من تكرار كلمة “داعش” والاستعاضة عنها بعبارات مثل “الثوار السنة” ، “المقاتلين السنة” ، “السنة الذين يعانون من التهميش” ، “مسلحين سنة” و”متشددين سنة”.

7- تجاهل تام من قبل الجهات المذكوره سابقا ، للجرائم التي فاقت الوحشية ، التي ترتكبها “داعش” في المناطق التي دخلتها ، ضد المدنيين والاسرى والشباب والنساء والاطفال.

8- وجود ارادة دولية ، وخاصة سعودية ، على إظهار الصراع الدائر في العراق بانه صراع بين السنة والشيعة، وليس بين الشعب العراقي وبين زمر ارهابية موضوعة على لوائح الارهاب في اميركا والسعودية.

9- وجود إرادة دولية لافساح المجال امام “داعش” لفرض الامر الواقع على الخريطة السياسية والجغرافية للعراق، على أمل تثبيت هذا الواقع والى الابد او استخدامه كورقة ضغط لاعادة العراق الى ما قبل عام 2003.

إزاء هذه المعطيات الخطيرة، لم يكن بالامكان التصدي لهذه المؤامرة التي تم الخطيط لها على مدى سنوات ومن قبل دول وقوى اقليمية ودولية، بالوسائل التقليدية التي تملكها الحكومة العراقية، ولا من خلال انتظار الدعم الاميركي، فجاء الرد اكبر من المؤامرة، وهو رد المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد علي السيستاني حفظه الله ، والذي دعا العراقيين بكل طوائفهم وقومياتهم للانخراط في القوى الامنية للدفاع عن العراق وإسقاط المؤامرة، وهي دعوة مباركة، أعادت الثقة بالنفس لكل عراقي غيور على دينه ووطنه، ونزلت كالصاعقة على الجهات التي خططت ومولت ونفذت المؤامرة، وهو ما ظهر جليا من حالة الغضب والحنق التي تسود الدول التي وقفت وتقف وراء “داعش”.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق