التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

محنة وطن 

” أني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون؟
 
أيخون إنسان بلاده
إن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون” 
أبيات خالدة للرائد الراحل السياب تعكس ألا خيار أمام الشاعر وأي مهتم بالفكر والمعرفة والإبداع سوى أن يكون وطنيا، تعجب السياب يجسد أن من البديهي عنده إعلاء القيم الايجابية، ويسهم بترسيخها ثقافيا وإبداعيا لدى مواطنيه، مستنكرا التصاق مثلمة أخلاقية كبيرة مثل الخيانة بالإنسان، أي إنسان. 
ربما يكون هذا مدخلا مناسبا للحديث عن رؤية مفادها: ان الحب الحقيقي للوطن يعد أسمى انواع الحب في حياة الإنسان، أن تكون وطنيا، منطلق واقعي جدا لأن تكون إنسانيا.
حب الوطن فعلا وليس قولا، يرفع سقف عواطفك وأحاسيسك إلى أبعد مدى، هو سماء مفتوحة، جميع العواطف ينبغي أن تسمو إلى نبل حب الوطن وجماله، تسمو من أن تكون محبا لذاتك و للدائرة الاجتماعية الصغيرة المحيطة بك، إلى جميع مواطنيك، وبقاع وطنك، ومياهه ومدنه وقراه وصحاريه.
حب المرأة حينما أراد المبدعون في شتى أنحاء العالم السمو به، قرنوه بحب الوطن، سمي هذا القران التحام الخاص بالعام أو ارتقاء الخاص إلى العام. للشاعر الداغستاني الراحل رسول حمزاتوف أبيات رائعة يعد فيها الإيمان بحب المرأة والوطن والكفاح من أجلهما أسمى ما في الوجود، وماعدا ذلك يعد من التوافه
“شيئان في الدنيا 
يستحقان المنازعات الكبيرة 
وطن حنون، وامرأة رائعة
أما بقية المنازعات
فهي من اختصاص الديكة”
وبالعودة إلى الراحل السياب، فانه مازج حبه للطبيعة ودوران النهار والليل بحبه العظيم لبلاده، دائرية الزمن تلتمس تحققها من حب الشاعر لبلاده
” الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام
حتى الظلام،
هناك أجمل، فهو يحتضن العراق”
حب الوطن حقيقة هو التجرد من المصالح الضيقة والأنانية، حب الذات ينبغي أن يكون نقطة في بحر حب الوطن لا البحر كله،. الأسرة، هذا الوطن المصغر، يفشل قائدها، رب الأسرة، في أن يصبح أفرادها ناجحين في الدراسة والعمل، حسني السمعة في المجتمع، إن لم يكن رب الأسرة محبا لها، مديرا هذا الحب بفعالية إيجابية، جاعلا من حب ذاته زاوية صغيرة، من رؤيته للحياة والناس والوطن والعالم وليست الرؤية كلها.
محنة وطننا في ضمور ثقافة مواطنتنا، في كراهيتنا لبعضنا. محنة وطننا، إننا نتقن الهدم أكثر مما نعرف البناء. نحسن إهدار الوقت أكثر مما نحترمه. محنة وطننا إننا نعلق أخطاءنا على شماعة غيرنا، نجيد الاتهام ولانؤمن بالاعتذار، نفضل الهروب ولا نجرب المواجهة. محنتنا في اتكالنا على غيرنا، مفضلين التقاعس، التقاعس يعني أن لا عمل، اللاعمل يعني أن ليس هناك أخطاء، نتعلم منها، عكس الذي يعمل ويخطئ ويتعلم من أخطائه ويمضي في المسار الصحيح في أن يكون عنصرا مفيدا في المجتمع، بذلك أبدى حبه لذاته وعمله ووطنه.
إنقاذ وطننا وشعبنا من محنته الآن، وكل محنة، تكمن في أن نكون إيجابيين، حينذاك يتضاءل تأثير السلبيين، الذين لا يعملون، أو يعملون بالضد من مصلحة الوطن، ويدعون أنهم يعملون من أجله، وبالتالي يصبح تقييم إيجابية أي عمل أو سلبيته أمرا نسبيا، ولكن هناك معيارا حقيقيا لقياسهما ألا وهو حب الوطن.
أن تحافظ بالأفعال لا بالأقوال على استقلال الوطن ووحدة أراضيه، أن تسعى إلى ذلك تحت الشمس، لا تحت جنح ليل المؤامرات البهيم.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق