الأزمة الإنسانية في سوريا… كارثة بلا حلول وما خفي كان أعظم
الأزمة الإنسانية التي تجري في سوريا لا يمكن وصف قسوتها وفداحتها، هي كارثة إنسانية بكل المقاييس، فالأرقام والتقارير والاحداث المنقولة عبر وسائل الاعلام، كلها شواهد حقيقية على وجود إبادة إنسانية تحدث بصورة متواصلة في سوريا، كما عبرت منظمات الإغاثة الإنسانية التي تابعت الاحداث السورية عن كثب.
الازمة السورية من الداخل، سيما المدنيين، اللذين باتو يعانون من نقص حاد في الأغذية والمستلزمات المعيشية الضرورية، إضافة الى والرعاية الصحية، بعد ان أصبح الانسان السوري عرضة لانتقال الامراض الفتاكة والاوبئة، وقد أعلنت مؤخرا منظمة الصحة العالمية ان سوريا احدى الدول الرئيسية المهددة بعودة مرض شلل الأطفال الفتاك بسبب استمرار الحرب وانعدام الرعاية الصحية التي توفر اللقاح الفعال ضد الامراض الانتقالية.
وقد أدى الاقتتال بين النظام السوري والجماعات المقاتلة، التي تضم طيفا واسعا من العناصر المسلحة ذات الانتماءات الإسلامية المتطرفة، إضافة الى التنظيمات المصنفة في خانة الإرهاب عالميا، كتنظيم مايسمة بـ “الدولة الإسلامية في العراق والشام” و”جبهة النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة، الى تهجير ونزوح الملايين من المواطنين، وافتقارهم الى ابسط مقومات الحياة اليومية، فيما عجزت المنظمات الأممية من توصيل المساعدات بصورة سلسة وطبيعية الى المحتاجين بسبب القتال العنيف بين الطرفين، واستهداف العاملين في مجال الإغاثة من قبل العناصر المتطرفة.
في سياق متصل أعلن الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير الى مجلس الامن الدولي ان عدد السوريين الذين يحتاجون الى مساعدة انسانية ملحة ارتفع الى 10,8 ملايين شخص، اي حوالى نصف سكان هذا البلد البالغ عددهم 22 مليون نسمة، وفي تقريره الشهري الى مجلس الامن الدولي، قال بان كي مون ان 4,7 ملايين من هؤلاء السوريين موجودون في مناطق “يصعب ان لم يكن يستحيل” وصول العاملين في المجال الانساني اليها، بما في ذلك 241 الف شخص في مناطق محاصرة، وكانت تقديرات سابقة ذكرت ان عدد هؤلاء يبلغ 3,5 ملايين شخص.
واوضح الامين العام للامم المتحدة في تقريره الرابع حول هذه المسألة الذي يغطي الفترة من 20 ايار/مايو الى 17 حزيران/يونيو انه من اصل 10,8 ملايين شخص يحتاجون الى المساعدة (وهي زيادة نسبتها 17 بالمئة او 1,5 مليون شخص عن التقديرات السابقة) هناك حوالى 6,4 ملايين نازح في الداخل، ويقدر عدد الذين قتلوا في النزاع ب160 الف شخص، وقال بان انه “لا يوجد اي تقدم على صعيد وصول المساعدات الانسانية الى كل الاشخاص الذين هم بحاجة لها في سوريا وخصوصا الاشخاص المتواجدين في مناطق يصعب الوصول اليها”.
واوضح بان ان “رقم 3,5 مليون نسمة الذي تم الحديث عنه حتى الان بالنسبة للأشخاص القاطنين في مناطق صعبة او يتعذر الوصول اليها من قبل العمال الانسانيين ازداد ايضا ووصل على الارجح الى 4,7 مليون شخص حاليا”، واكد بان في تقريره ان “الجهود لتوسيع المساعدات الانسانية الى اكثر المحتاجين اليها واجهت تأخيرا وعراقيل”، واضاف ان “اجراءات جديدة اتخذت قبل شهرين ادت الى مزيد من التأخير وقللت من وصول العاملين في القطاع الانساني الى اماكن ابعد، بدلا من تحسين ذلك”.
ودان بان كي مون استمرار رفض دمشق السماح للقوافل الانسانية بالمرور عبر الحدود السورية مع تركيا والعراق والاردن حسب ما نص القرار 2139 الصادر عن مجلس الامن الدولي في شباط/فبراير الماضي، ولا يزال حوالى 241 الف شخص محاصرين بينهم 196 الفا من قبل القوات النظامية خصوصا في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ومنطقة الغوطة بالقرب من دمشق بالإضافة الى 45 الف شخص محاصرين من قبل مجموعات المعارضة في الزهراء، وقال التقرير انه في الشهر الجاري لم تصل مساعدات الامم المتحدة “الا الى منطقتين محاصرتين هما اليرموك ودوما” وبعينات ضئيلة جدا اي بنسبة 1% و7% على التوالي للسكان المحاصرين في هاتين المنطقتين. بحسب فرانس برس.
واكد ايضا ان توزيع الادوية “ما زال يخضع لعقبات” وان هذه العقبات ادت الى “توزيع غير متكافئ كليا” بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة: لم تتلق المناطق التي تسيطر عليها المعارضة سوى على 25% من المساعدة الطبية الاجمالية التي رصدت للفصل الاول من العام 2014، وحذر التقرير من التقدم الذي حققه تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، مشيرا الى انه سيؤدي الى تفاقم الوضع في سوريا، وقال ان هذا الاختراق “سيكون له تأثير مباشر على المحافظات في شرق سوريا خصوصا في دير الزور والرقة وقد يعزز تواجد المجموعات المتطرفة في المناطق السورية التي يسيطر عليها داعش”.
لكن في رسالة وجهتها الى مجلس الامن، حذرت البعثة السورية لدى الامم المتحدة من ان “تقديم اغاثة بالتنسيق مع منظمات ارهابية ودون استشارة الدولة السورية يوازي هجوما على سورية”، واشارت الى انه “للتمكن من تمرير اي مساعدة انسانية في بلد عضو في الامم المتحدة، يتعين الحصول على موافقة مسبقة من هذا البلد”، وتعارض السلطات السورية مرور مساعدات عبر حدودها لأنها ستذهب مباشرة الى مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة وخصوصا على الحدود مع تركيا.
عائلة مشردة كل دقيقة
بدوره قال تقرير دولي اخر إن عددا قياسيا من الناس يبلغ 33.3 مليون شخص في أنحاء العالم نزحوا داخليا بسبب الصراع في بلدانهم في نهاية العام الماضي وإن عائلة سورية تتشرد كل دقيقة، وذكر تقرير مجلس اللاجئين النرويجي أن عدد هؤلاء النازحين ارتفع بنسبة 16 في المئة أو 4.5 مليون شخص عن عام 2012، وأضاف أن حوالي ثلثي الاجمالي العالمي موجودون في خمس دول وهي سوريا وكولومبيا ونيجيريا والكونجو الديمقراطية والسودان.
وفي سوريا شرد 6.5 مليون شخص من منازلهم على مدى ثلاث سنوات من القتال بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة لتأخذ المكان الأول من كولومبيا التي تعاني عقودا من حروب العصابات، وأفاد التقرير الذي طرح على الصحفيين في جنيف أن سوريا تختص بحوالي 43 في المئة (أي 3.5 مليون شخص) من كل النازحين الجدد داخليا على مستوى العالم في 2013 والذين يبلغ إجمالي عددهم 8.2 مليون شخص، وقال الأمين العام للمجلس ايان ايجلاند وهو مسؤول كبير سابق في الأمم المتحدة إن التقرير “يكشف واقعا معيشيا مخيفا داخل سوريا” حيث توجد الآن في المتوسط عائلة واحدة تنزح عن منزلها كل دقيقة.
فيما قال المرصد السوري لحقوق الانسان المؤيد للمعارضة ان 162 ألف شخص على الاقل قتلوا في الصراع السوري المستمر منذ ثلاث سنوات وان آلافا آخرين في عداد المفقودين بعد ان احتجزتهم قوات الرئيس بشار الاسد أو مسلحون يحاولون الاطاحة به، وقال المرصد ومقره لندن ان الخسائر في صفوف المقاتلين التابعين للحكومة أعلى من خسائر الجماعات المسلحة المؤيدة للمعارضة مضيفا أن ما يقدر بنحو 54 ألف مدني على الاقل قتلوا منذ بدء الصراع.
وتشير تقديرات المرصد السوري الى ان 62800 شخص قتلوا في صفوف الجيش والميليشيات الموالية للاسد، ويقارن هذا بنحو 42700 قتلوا في جانب المعارضين وبينهم مقاتلون من جبهة النصرة التي لها صلة بالقاعدة والكتائب الاسلامية الاخرى والجنود الذين انشقوا على جيش الأسد، وقال المرصد ان نحو 3000 شخص من هويات أو انتماءات مجهولة قتلوا، وذكر ان كل اطراف الصراع تقلل من خسائرها وان اجراء احصاء دقيق شبه مستحيل وربما كان العدد الاجمالي للقتلى أعلى بنحو 70 ألف شخص ليقف عند 230 ألف شخص.
وقال المرصد ان احصائياته لا تشمل 18 ألف شخص احتجزتهم السلطات ولا يعرف مصيرهم اضافة الى الاف الاشخاص في عداد المفقودين بعد مداهمات لقوات الامن، وأضاف المرصد ان 8000 جندي آخرين وأفراد ميليشيات موالية للأسد في عداد المفقودين أيضا بعد ان احتجزهم مسلحون وان مئات الاشخاص تعرضوا للخطف، كما خطف 1500 مسلح آخر خلال الاقتتال بين المسلحين المتناحرين. بحسب رويترز.
خطة إقليمية
فيما كشفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) عن خطة إقليمية للتكيف مع التأثير الإقليمي للأزمة السورية على الأمن الغذائي والزراعة وسبل العيش بعد تشريد نحو نصف سكان سوريا دون “أن تظهر أي بوادر لانفراج الأزمة”، وتقول المنظمة في تقرير عن خطتها الاستراتيجية التي تشمل سبعة برامج وأكثر من 50 مشروعا إن النزاع السوري الذي دخل عامه الرابع أدى إلى أشد أزمة إنسانية يعيشها العالم اليوم وإن التهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي وسبل العيش في سوريا والدول المجاورة “شديدة وتتزايد بشكل مطرد”، وقال المدير العام المساعد للفاو عبد السلام ولد أحمد في لقاء مع الصحفيين بمقر المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة إن وضع الأزمة السورية “قد يستمر لسنين ولابد من التكيف مع هذا الوضع”.
وأشار إلى أن الأزمة وضعت أكثر من نصف السوريين في خانة الفقر وجعلت ما يقرب من ثلث السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأضاف أن الصراع يؤثر أيضا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في البلدان المجاورة بشكل كبير، وقال إن الخطة بشكلها الحالي تشمل مشروعات في سوريا والأردن ولبنان والعراق وتصل تكلفتها إلى 280 مليون دولار قابلة للزيادة، ومن المنتظر الإعلان عن الجزء الخاص بمصر في هذه الخطة الخمسية بحلول يونيو حزيران، وأضاف ولد أحمد أن التحدي الأساسي للخطة يتمثل في توفير التمويل خاصة أنها لا تغطي جوانب إنسانية فقط وإنما تشمل جوانب تنموية.
وتركز أنشطة الخطة الاستراتيجية على سبعة مجالات ذات أولوية هي السيطرة على الأمراض الحيوانية العابرة للحدود ومكافحة الآفات والأمراض النباتية وتنمية الأمن الغذائي ونظم معلومات الموارد الطبيعية وزيادة الدخل وفرص العمل في المناطق الريفية وشبه الحضرية ودعم الإنتاج الزراعي وإدارة الموارد الطبيعية وسلامة الأغذية والتغذية، وأشار ولد أحمد إلى أن النداءات الإنسانية لتدبير تمويل للاحتياجات في سوريا هي الأكبر في التاريخ إذ بلغت 4.4 مليار دولار في 2013 و6.5 مليار دولار في 2014.
وقال تقرير المنظمة عن الخطة إن العنف في سوريا تسبب في تشريد ما يقرب من نصف عدد سكان الدولة البالغ حوالي 23 مليون نسمة منهم نحو 6.5 مليون من النازحين داخليا، وأشار إلى أن وضع الأمن الغذائي في سوريا “حرج بكل المقاييس” وقد انخفض محصول القمح عام 2013 بنسبة 40 في المئة بعدما كان من المتوقع أن يبلغ 2.3 مليون طن، وفقدت البلاد ما يصل إلى ربع الماشية وأكثر من ثلث الأغنام وانخفض إنتاج الدواجن بأكثر من 50 في المئة، وارتفعت البطالة ست مرات من متوسط ثمانية في المئة (2005-2012) إلى 49 في المئة في منتصف 2013. بحسب رويترز.
وتناول التقرير أيضا التهديد للأمن الغذائي في الدول المجاورة بسبب الأزمة، وقال إن أسعار الغذاء في البلدان المجاورة ارتفعت بين عامي 2011 و2012 بما بين خمسة وعشرة في المئة سنويا، وتراوحت الزيادة بالنسبة للحوم ومنتجات الألبان والبيض والسكر بين 15 و30 في المئة، كما انخفضت الأجور الزراعية بما بين 25 و30 في المئة مع تزايد توافر العمالة من اللاجئين السوريين، وقال كريستوفر بيكر أخصائي تطوير البرامج في الفاو إن الخطة الاستراتيجية للمنظمة تشمل مشروعات قصيرة الأجل لاستعادة قدرة المزارعين على زراعة أراضيهم بتقديم البذور ومعدات الري ومشروعات متوسطة الأجل تتناول تحسين إدارة المياه ومعالجة الأغذية ومشروعات طويلة الأجل تهدف لتحسين تسويق المنتجات، وأشار بيكر إلى أن المرأة تعاني بوجه خاص من أثر الأزمة السورية على الأمن الغذائي بسبب الفاقد الكبير من محاصيل نقدية تدر عليها دخلا.
مخيمات اللاجئين
الى ذلك فان القتال الدائر للسيطرة على حلب التي تقع على بعد 50 كيلومترا فقط عن الحدود التركية يحتدم حينا ويهدأ حينا لكن الجيش السوري صعد حملته على المدينة في ديسمبر كانون الأول وقصف مناطق مدنية بالبراميل المتفجرة التي تحدث دمارا واسعا، وخلال ستة أسابيع كان أكثر من 700 شخص قد لاقوا حتفهم معظمهم مدنيون واضطر عشرات الآلاف للنزوح عن ديارهم لينضموا إلى مئات الآلاف ممن فروا من سوريا منذ تفجرت الحرب الأهلية قبل أكثر من ثلاث سنوات، ولا تزال حلب تتحمل وطأة معارك الحرب الأهلية التي راح فيها نحو 140 ألف قتيل، وبعد مرور نحو عامين على سيطرة المعارضة المسلحة على نصف المدينة تتخذ المعارضة الآن موقفا دفاعيا مع تقدم القوات الحكومية على ثلاثة محاور.
كانت تركيا قد بدأت تقيم مخيمات للاجئين قرب الحدود في منتصف عام 2011 غير متوقعة أن تستمر الحرب كل هذه الفترة أو أن تجلب مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين ومعظمهم من النساء والأطفال، يعيش أكثر من 220 ألف سوري في المخيمات التركية لكن ثلاثة أمثال هذا العدد تقريبا يكافحون خارجها من أجل البقاء، ويناضل البعض لكسب ما يقيم أودهم في جنوب شرق تركيا وهي أفقر منطقة في البلاد.
وقطع آخرون مسافات طويلة أخذتهم حتى اسطنبول حيث يتسولون في الشوارع أو وسط السيارات المارة في مشهد يرثى له بات مألوفا، ويبلغ عدد السوريين المسجلين رسميا كلاجئين 900 ألف، وفي تركيا الآن 22 مخيما في عشرة أقاليم ويتعذر عليها استيعاب كل القادمين مهما بلغت سرعة بنائها مخيمات جديدة، أما فاتن فقد باءت كل محاولاتها للعيش في أحد المخيمات بالفشل.
ويبيع بعض أبنائها البسكويت في الشوارع سعيا لكسب أي رزق يسير يعين الأسرة على الحياة إلى جانب ما تحصل عليه من معونات خيرية، ويؤول معظم هذا الدخل إلى صاحب المخزن محمد جولسير (62 عاما) سدادا للإيجار الشهري وقدره 150 ليرة (67 دولارا)، لكن جولسير يشكك في هذا المبلغ، ويقول متكئا على دراجة نارية قديمة أمام المخزن إنه لا يريد سوى مساعدة الأسرة ولا يتقاضى منها إلا ما بين 75 و100 ليرة شهريا، وتقول مديرية إدارة الكوارث والطوارئ التركية إن المخيمات ما زال بها بعض الأماكن وتضيف “سيتم بناء مخيمات جديدة إذا استدعى الأمر”.
لكن المديرية تقر بأن الضغط على المخيمات زاد منذ تصعيد قصف حلب وهو ما رفع عدد سكان المخيمات بما يربو على 8000 شخص منذ 12 يناير كانون الثاني، وقال محمود ألاجوز مدير مخيم نسيب المقام من حاويات البضائع “حين يجيء أناس نقيم خياما مؤقتة إضافية وإن لم تكف نحاول أن نجد لهم مكانا في موقع آخر”، وأقر بأنه لم يسمع بوجود أماكن في أي مخيم بالمنطقة، واللاجئون المقيمون في خيام أو حاويات في مخيم نسيب قرب مدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا والبالغ عددهم 17 ألفا يمكنهم الاستفادة من منشآت كالمستشفيات والمتاجر الكبرى بل ودار للسينما، ويصطف الأطفال لدخول قاعات درس بسيطة خالية من النوافذ تتراص على أرفها لعب وكتب وترتسم على وجوههم البسمة حين يأذن لهم العاملون بالدخول.
لكن رغم كل عناصر الجذب المتوافرة في مثل هذه المنشآت كثيرا ما يفضل اللاجئون السوريون في تركيا العيش في الظروف الأصعب خارجها بسبب ما تفرضه عليهم المخيمات من قيود حيث يسري حظر للتجول ولا يسمح لهم بالعمل، وقال سوري تركماني يبلغ من العمر 39 عاما ويعيش في مخيم مؤقت موحل قرب كلس “لا نريد الذهاب إلى المخيمات لأننا نعمل في زارعة الزيتون”، وممن يعزفون أيضا عن الإقامة في المخيمات زكي حرموش (48 عاما) الذي تعيش أسرته مع ست أسر في منزل جاهز الصنع في حقل قرب كلس حيث يطهو النساء الطعام على نار الحطب خارج المكان. بحسب رويترز.
وخارج مبنى خرب في وسط كلس وضعت أغطية بلاستيكية زرقاء محل نوافذه المهشمة قال صالح إنه “أب” لأسرة كبيرة تتكون من حوالي 35 فردا تعيش في ست غرف متداعية الأركان، وبدت سن صالح أكبر كثيرا من أعوامه الإثنين والستين وتحدث هو يراقب طفلين صغيرين يلعبان في بركة جافة متصدعة كان الغرض منها يوما الزينة قائلا إنهم جاؤوا قبل ستة أشهر من مدينة حلب حيث استهدف القصف حيهم الفقير، وقالت مديرية إدارة الكوارث والطوارئ إن واحدا من كل أربعة سوريين ممن يعيشون خارج المخيمات ينزلون في أماكن إيواء مؤقتة مثل هذه أو بين ما تبقى من جدران مبان خربة متجمعين في مجموعات من سبعة أشخاص أو أكثر، وقال صالح “كل عائلتي هنا ويسعى بعضنا للعمل” مضيفا أنه تلقى بعض الإعانات الخيرية، وعبرت إحدى فتيات الأسرة وهي فاطمة التي يبلغ عمرها 11 عاما ولا تذهب إلى المدرسة عن امتنانها للجيران الأتراك.
عادة بناء النظام الصحي
من جانب اخر ناشدت الحكومة السورية العالم تقديم المساعدة لإعادة بناء نظام الرعاية الصحية الذي قالت إن “الارهابيين” دمروه رغم تقارير لمسؤولي الأمم المتحدة عن أن قوات الحكومة السورية هي المسؤولة إلى حد كبير عن الإضرار بالنظام، وفي كلمة لوزراء من الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قال وزير الصحة السوري سعد النايف إن حكومته تبذل قصارى جهدها لانقاذ الأرواح، وناشد النايف دول العالم المساعدة في إعادة تأهيل المرافق الصحية المتضررة في سوريا ورفع الحصار الذي ترك أثرا سلبيا عليها.
وقال إن الحرب عصفت بالنظام الصحي وأدت إلى مقتل 200 من العاملين الصحيين منهم 11 طبيبا قتلوا بالرصاص من مسافة قريبة، كما دمر 701 مركز صحي من أصل 1921 مركزا واستهدفت أكثر من 450 سيارة اسعاف فضلا عن خروج 38 مستشفى عاما عن الخدمة من أصل 124، وقال الوزير إن جماعات إرهابية تسببت في كل ذلك الضرر، وتتناقض تأكيداته مع قول لجنة تحقيق مستقلة بشأن سوريا تابعة للأمم المتحدة إن القوات الحكومية تدمر المستشفيات وتستهدف العاملين الصحيين.
وقال جون جينج وهو مسؤول كبير في مجال الشؤون الانسانية بالامم المتحدة هذا الشهر إن الحكومة ترفض تقديم رعاية طبية للمصابين بمنع مرور الإمدادات الطبية ضمن قوافل الإغاثة، وقال النايف أمام جمعية منظمة الصحة إن الحكومة تبذل قصارى جهدها لكنها تواجه “حربا ارهابية” مندلعة منذ ثلاث سنوات يتم فيها استهداف البشر والبنية التحتية وإلحاق ضرر كبير بالبيئة، وألقى بالمسؤولية على “الارهابيين” عن ظهور شلل الأطفال مجددا في سوريا وعن انقطاع امدادات المياه والكهرباء في مدينة حلب.
وتقول المفوضة السامية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة نافي بيلاي إن الحكومة شريكة في المسؤولية عن “التجاهل الفاضح للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الانساني” في حلب وعن “تزايد القصف والهجمات الجوية على مدى الشهور الستة المنصرمة بما في ذلك من خلال الاستخدام المستشري للبراميل المتفجرة”، وقال مكتب بيلاي إن شبكة المياه في حلب أصلحت عشرات المرات في إبريل نيسان وحده وكان ذلك في الأغلب بعد قصف جوي ومدفعي، وأضاف أن جماعة جبهة النصرة وهي من جماعات المعارضة المسلحة منعت عمدا الوصول للمياه لعدة أيام في مايو أيار. بحسب رويترز.
وتحرص منظمة الصحة العالمية على عدم تحميل أي من الطرفين المسؤولية عن انهيار نظام الرعاية الصحية أو استهداف العاملين الصحيين أو تفشي شلل الأطفال، وكشف تحقيق في ديسمبر كانون الأول أن الحكومة السورية استبعدت إلى حد كبير محافظة دير الزور التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة من حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في 2012 قائلة إن أغلب السكان فروا رغم بقاء مئات الآلاف هناك، وتحدثت مدير منظمة الصحة العالمية مارجريت تشان في لقاء بعنوان “الرعاية الصحية تحت الهجوم: دعوة للتحرك” في اجتماع الجمعية لكنها رفضت التعليق على كلمة الوزير.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق