التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

تركيا والسعودية واللعب بنيران الفتن الطائفية 

سامح مظهر –

لم تنجح تركيا منذ اليوم الاول الذي اعلنت فيه عن اختطاف دبلوماسييها على يد “داعش” من قنصليتها في الموصل في الحادي عشر من شهر حزيران / يونيو الماضي ، في إقناع الآخرين بصحة روايتها هذه رغم الضجة الاعلامية والمواقف والتصريحات النارية لكبار المسؤولين الاتراك والتي وصلت الى دعوة حلف الناتو للاجتماع فورا لمناقشة سبل مواجهة الازمة.

 

المتابع لتطورات الازمة في سوريا يعرف جيدا ان تركيا لعبت دورا في غاية السلبية تجاه سوريا ، فكانت محطة عبور لكل المجموعات الارهابية التي غزت سوريا ومن ثم العراق ، و لم تكتف بتوفير كل الامكانيات لها مثل مخيمات التدريب وتسهيل عبورها الى سوريا ، بل دخلت القوات المسلحة التركية في عمليات مشتركة مع المجموعات المسلحة ضد الجيش السوري ، كما في الهجوم الذي شنته هذه المجموعات على مدينة كسب في شمال غرب سوريا ، وفي المقابل تعهدت هذه المجموعات الارهابية بعدم التعرض للمصالح التركية لا في المنطقة ولا في سوريا ولا في اي مكان ، وهو ما اكد وجود تنسيق امني وعسكري وسياسي بين السلطات التركية والمجموعات المسلحة بمختلف توجهاتها.

 

وقد كشف محافظ الموصل اثيل النجيفي ، الذي يعتبر احد اهم المتورطين في تسليم الموصل لـ”داعش” عن جانب من هذا التنسيق الموجود بين تركيا و”داعش” ، في اول مؤتمر صحفي له بعد هروبه الى اربيل ، عندما سئل عن مصير القنصلية التركية في الموصل ، قال بالحرف الواحد : “قلنا للاتراك لماذا لا تغادرون القنصلية ، فقالوا لنا اننا سنبقى ” ، وعندما سأله الصحفي عن السبب قال : “لا ادري قد تكون لديهم قوات أمن خاصة تحميهم”.

 

 

اذن كان واضحا ان المدينة ستسقط بيد “داعش” وكانت تركيا تعرف ذلك جيدا ، الا انها أبقت جميع كوادر قنصليتها في المدينة!!، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول السر في بقاء الدبلوماسيين الاتراك في الموصل بعد دخول “داعش” اليها ، في الوقت الذي كان بامكانهم الخروج منها وبسهولة.

 

الكثير من المراقبين يرون أن هذا الاجراء التركي جاء لذر الرماد في العيون ، ما يؤكد على وجود تنسيق تركي سعودي داعشي فيما جرى في العراق منذ العاشر من حزيران يونيو الماضي ، حيث استكملت القيادة التركية ذلك ، عبر التصريحات العالية النبرة والدعوة لانعقاد اجتماع للناتو والتهديد بالتدخل ، وبعد ايام من كل هذه الضجة ساد صمت غريب وعجيب واسدل الستار على القضية برمتها وكأن شيئا لم يحدث.

 

وبعد مرور ثلاث اسابيع فاذا بوكالات الانباء تفتح موضوع الرهائن!! الاتراك مرة اخرى ، بعد ان اعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يوم الخميس 3 تموز يوليو ، أن مسؤولين أتراكا تسلموا مجموعة تضم 32 تركيا من سائقي الشاحنات أطلق سراحهم في العراق بعدما احتجزهم “داعش” منذ ثلاثة أسابيع وإن أنقرة تعمل على تأمين اطلاق سراح أتراك آخرين محتجزين هناك.

 

تأتي هذه الانباء في الوقت الذي لم تكن هناك اية أنباء عن 49 تركيا من دبلوماسي القنصلية التركية في الموصل ، واكتفى اوغلو بالقول : سنواصل العمل بصورة مكثفة لإطلاق سراح مواطنينا الذين تركوا هناك.

 

للاسف الشديد ذات السياسة التركية ازاء سوريا والعراق تعتمدها السعودية ايضا رغم الاختلاف السياسي بين البلدين ازاء موضوع الاخوان المسلمين ، فالسعودية وفي محاولة لذر الرماد في العيون على دورها السلبي في سوريا والعراق ودعمها المفتوح للمجموعات الارهابية وفي مقدمتها “داعش” ، في هذين البلدين وبشهادة تقارير صادرة عن اجهزة استخبارات امريكية وغربية، نراها تضع “داعش” على قائمتها للارهاب ، وتتبرع بنصف مليار دولار لمساعدة النازحين العراقيين ، وترسل نحو 30 الف جندي الى حدودها مع العراق للتصدي ل”داعش” ، بعدما استخدمت حربا نفسية ضد القوات المسلحة العراقية عبر الادعاء انها انسحبت من الحدود الدولية مع السعودية خوفا من تقدم “داعش” ، والغريب ان هذه المزاعم السعودية تتكرر في الوقت الذي تثبت الوقائع على الارض ان الجيش العراقي مرابط على الحدود الدولية مع السعودية وعلى الرغم من تأكيد الحكومة العراقية على ان مثل هذه الادعائات هي ادعاءات كاذبة ولا اساس لها من الصحة.

 

 

يبدو ان حقد النظامين التركي والسعودي هو اكبر من ان يفسح مجالا للعقل امام قادة هذين البلدين للوقوف على خطر “داعش” على المنطقة برمتها ، لذلك يعتقد قادة البلدين ان “داعش” لا تشكل حاليا اي خطر على تركيا او السعودية ، لذلك نراهم يندفعون بشكل هستيري باستخدامها كوسيلة لمحاربة العراق وسوريا ، عبر اشعال نيران الفتن الطائفية وبث الفرقة والشقاق بين السوريين والعراقيين ، لتحقيق مصالحة سياسية ضيقة على المدى القريب ، ناسين او متناسين انهم سيدفعون اثمانا باهظة من امنهم واستقرارهم على المدى المتوسط والبعيد ، عندما ينقلب السحر على الساحر ، ويخرج وحش الطائفية عن سيطرتهم ، كما خرج عن سيطرة اسياده في اسلام اباد ، قبل اكثر من عقدين ، واخذ يفتك في باكستان الى اليوم هذا.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق