التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

العراق.. شراکة مع الذئاب! 

علاء رضائي –

سابقی مصراً علی ان المشکلة السیاسیة في کل بلاد الدنیا ومنها العراق سببها الانسان وثقافة التعایش . وبالمفهوم الدیني تقدم الاخلاق علی جمیع الجوانب الاخری في الفعل والصمت! فمن أسوء دساتیر الدنیا یمکن ان تخلق حالة ایجابیة ومن افضلها یمکن ان تنشب الحرب او یقع الاقتتال.

قد یکون الکلام بعیداً عن السیاسة او هکذا یوحي السیاق علی اعتبار ان السیاسة والدساتیر هدفها البحث عن نقاط الالتقاء والاشتراك بین المصالح المختلفة والمکونات المتضادة وان القانون (الدستوري) هو الذي ينظم العلاقة بین جمیع مفردات الدولة وهو العقد الاجتماعي التطبیقي الذي یلزم الجمیع بعدم التخطي عنه.

 

 

لکن الانطلاق في التعایش من القانون الدستوري یعتبر نکسة انسانیة ونوع من الاغلال التي سیبقی کل فریق او مکون يفکر بالبحث عن ثغرة فيه والتجاوز علیه وتحطیمه لصالحه، ویبقی هذا الشکل الدیمقراطي الحدیث یحتاج الی روح او ثقافة دیمقراطیة تشده نحو القانون والالتزام به وتزین له المصلحة في تبنیه.. وهو ما یعاني منه العراق الیوم.

 

فالدستور ورغم کل المثالب التي توجد فیه لا یشکل المشکلة او المعضلة، بل المعضلة في النفوس وثقافة الزعامات والنخب الساعیة الی التکاثر السیاسي والاقتصادي، والتي تغذي التشظي بین مکونات الوطن تحت عناوین ومسمیات دینیة ومذهبیة احیاناً وقومیة او مناطقیة احیاناً أخرى، فاصبح کل شئ مدعاة للاختلاف، من میزانیات المحافظات الی التحالفات الاقلیمیة والدولیة!

 

 

وهنا تکمن الصعوبة في تجمیع الموقف مع وجود انقسام طائفي وعرقي واجندات اجنبیة لا ترید للعراق ان یستعید مکانته ودوره علی صعید المنطقة، بل لیبقی متناحراً في خطوة لتقسیمات اقسی واکبر تطال المنطقة العربیة والاسلامیة، هي أشد ما تتعرض له بعد مؤامرة سایکس بیکو الشهیرة عام 1916 التي صنعها البریطانیون والفرنسیون وخدعوا فیها عرب الحجاز، عندما دفعوهم باتجاه معین وکانوا في الوقت ذاته یتآمرون علیهم ویعدون للتحایل علیهم واستحمارهم..

 

 

 

وکیف یمکن بناء شراکة وطنیة مع قوی اتهمت اغلب زعاماتها السیاسیة بالتآمر والارهاب.. مع زعامات تقدم مصالح الغیر علی مصالح الوطن والنظام السیاسي الذي تحتل مناصب علیا فیه، زعامات تتجسس وتجمع وثائق عن بلدها لتقدمه “لاشقاءها” کما حصل مع طارق الهاشمي نائب رئیس الجمهوریة حسب ما صرح به لصحیفة الحیاة اللندنية! او التعامل مع قيادة مکون یحاول ان یبني بأموال أهل الجنوب دولة مستقلة له في الشمال ویفرض نوع من التأشیرة علی المواطنین عندما یدخلون اقلیمه، فیما هو وجماعته یصولون ویجولون في مناطق المکونات الاخری.. مسعود بارزاني زعيم الاقليم منذ 23 سنة والذي يتهم خصومه بالدكتاتورية والتشبث بالسلطة، یستقدم اکراد الدول الاخری ویوظفهم لدیه ویدفع لهم من میزانیة العراق!

 

 

 

والمکون الاکبر منقسم علی نفسه بسبب مواقف وتوجهات زعامته، بین من صادر قرار التحالف واستجمع کل السلطات في قبضته وبین من تحالف مع المکونات الاخری لضرب تحالفه تحت مسیمیات وعناوین مختلفة وبمبررات الشراكة الوطنية والحفاظ على اللحمة الوطنية..

 

 

أجل انها مشکلة الثقافة وروح الدیمقراطیة التي لا تزال غائبة عن المشهد العراقي، وفي مثل هذه الحالة والسعي لتسجیل النقاط ضد الشرکاء، لن یکون الدستور منقذاً، خاصة وان بعض المکونات تتحدث صراحتا ًعن سعیها لتغییره، بل واسقاط العملیة السیاسیة برمتها.

 

 

ان العراق الیوم بحاجة الی قوة تعید کل شئ الی نصابه وتمنح کل ذي حق حقه وفق تعريف افلاطوني بحت وهو وضع الشئ في محله.. وهذه القوة قد تکون من داخل العملیة السیاسیة او من خارجها، وقد تتظافر اکثر من جهة لصناعتها.. فهي السبیل الوحید للخروج من الأزمة وحالة الاقطاعیات السیاسیة والامنیة التي یعیشها العراق.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق