التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, أكتوبر 7, 2024

فلسطين: مأزق قيادة وحيوية شعب 

غالب قنديل –

أكد الشعب العربي الفلسطيني في هبته الثورية تصميمه على مقاومة الاحتلال الصهيوني وهو يرد الاعتبار لخيار المقاومة في التصدي البطولي لقوات الجيش الإسرائيلي ولميليشيات المستوطنين على أرض الضفة الغربية المحتلة وفي قلب القدس.

بينما اظهرت تفاعلات الحدث في فلسطين المحتلة عام 48 وفي قطاع غزة وحدة هذا الشعب في خياراته وتطلعاته التحررية الوطنية رغم أنف اللاهثين خلف “مواطنة” داخل الكيان الغاصب على طريقة عزمي بشارة والمراهنين على تمزيق الشعب الفلسطيني وإخضاعه للأمر الواقع الذي يفرضه العدو في الضفة وغزة وتحويل نضالاته لعمليات مطلبية موضعية مكرسة لنسف جوهر القضية الوطنية التي هي قضية تحرير أولا وأخيرا.

أولا تظهر التقارير الإسرائيلية حالة من الهلع والخوف إزاء تجدد الانتفاضة الشعبية الفلسطينية وقد شاع التحذير من انتفاضة ثالثة في تصريحات القادة الصهاينة من مختلف المواقع والمسؤوليات ودفعت تداعيات المواجهة رئيس الموساد الصهيوني للقول صراحة ان الخطر الرئيسي على “إسرائيل” هو الشعب الفلسطيني وليس النووي الإيراني الذي تقدم الهواجس الإستراتيجية في جميع الوثائق الصهيونية المتصلة بتقدير المخاطر وترتيب الأولويات خلال السنوات الماضية .

 

رغم وحشية العمليات القمعية في الضفة وما تضمنته من تنكيل واعتقالات جماعية واستهداف للمقاومين وفي ظل استمرار القصف الجوي لمواقع المقاومة في قطاع غزة استمرت التحركات الشعبية وزادت اشتعالا بعد جريمة القتل البربرية التي استهدفت الفتى محمد ابو خضير.

وقد ذكرت الصحف الصهيونية امس واليوم ان بنيامين نتنياهو دعا وزراءه إلى تبني خطة الاحتواء في الضفة والعودة إلى التهدئة مع القطاع ومرد ذلك بالذات ان حساب التوازنات والتداعيات اظهر استحالة إخماد الهبة الشعبية الفلسطينية بتجريد المزيد من حملات القمع الوحشي على مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة بينما يمكن للتصعيد ضد القطاع ان يشعل حربا جديدة تسقط فيها قدرة الردع الإسرائيلية مرة اخرى امام المقاومين وصواريخهم ومفاجآتهم.

وهذا التقدير دفع الولايات المتحدة إلى طلب التدخل المصري والأردني لدى القيادات الفلسطينية لتجديد ما يسمى بالتهدئة في القطاع ولاحتواء المواجهات الساخنة المستمرة في الضفة وفي خلفية حسابات نتنياهو عامل ظهر في السياق هو تأهب فلسطيني الداخل للانخراط في الانتفاضة حال اندلاعها .

 

 

ثانيا  يتضح من هذه الجولة الجديدة من الصراع سقوط الرهان الصهيوني على إخضاع فلسطينيي الضفة لواقع الاحتلال والتهويد وإطفاء جذوة الرفض الشعبي لهذا الواقع بعد التجربة التي اختبرها الشعب الفلسطيني مع رهانات قياداته على خطوط التفاوض تحت الرعاية الأميركية التي لم تكن سوى تغطية لفصول ممتدة من عمليات التهويد والاستيطان.

وقد سقط الرهان الموازي على منظومة التدجين المعيشي التي جندت لها موازنات ضخمة خليجية واميركية وأوروبية انفقت خلال السنوات العشر الماضية بواسطة الصناديق التي تربطها علاقات تعاون برضا صهيوني مع هياكل السلطة الفلسطينية وإداراتها التي تساوم الفلسطيني على هويته مقابل الفتات وحيث تهاوت جميع الأوهام السياسية التي روجتها القيادات الفلسطينية حول ما يمكن تحصيله من العدو من حقوق “المواطنة ” تحت الاحتلال والوصاية التي تفرضها “إسرائيل” بدعم من التحالف الغربي الخليجي على السلطة التي لا تملك حتى السيادة البلدية في ظل التنسيق الأمني المستمر الذي تقيمه مع قوات الاحتلال ولم تفرط به بل اكدته بكل صلافة في ظل عمليات التنكيل والعقاب الجماعي التي جردها جيش الاحتلال وفي ظل حكومة المصالحة التي أعدت خيوطها وحبك نسيجها في الدوحة لتدشين مرحلة ترويض قيادة حماس ودمجها في المسار التفاوضي مع العدو في ظل العمليات الحربية ضد المقاومين ومعاقلهم داخل القطاع لتعديل التوازنات الداخلية ضد الفصائل المقاومة التي اظهرت استعدادها للرد .

 

 

ثالثا بينما تواصل السلطة الفلسطينية سيرتها في المساكنة مع الاحتلال وتلهث برعاية الولايات المتحدة خلف سراب التفاوض تبدو قيادة حماس أسيرة حساباتها الخاطئة والتحاقها بمحور العدوان على سورية من خلالها ارتباطها بالقرار التركي القطري المكرس لمحاصرة جناحها المقاتل وتدجين جناحها السياسي الممسوك بالعطايا المالية وبالروابط الحزبية في التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي تحول إلى رأس حربة في المخطط الإمبريالي الصهيوني لتجديد الهيمنة الاستعمارية على المنطقة.

وحيث لا يملك قادة حماس القدرة على حسم الانحياز لخيار المقاومة من غير فك الارتباط بورطتهم التي انطلقت من مشاركتهم في الحرب على الدولة السورية المقاومة وهي حاضنة المقاومة وشريكتها والدولة العربية الوحيدة التي تمتلك مشروعا سياسيا واستراتيجيا لصد الغزوة الاستعمارية بجميع مفرداتها ومأزق قيادة حماس الذي يجعلها في حالة من القصور والعجز ناتج عن دخولها الشرنقة التركية القطرية المصممة لخنق المقاومة ولتعميم التطبيع مع “إسرائيل” ولتخليص العدو من مخاطر تعاظم الهبة الفلسطينية و محاصرة المقاومة وحيث تحظى جهود اسطنبول والدوحة برعاية وتوجيه واشنطن .

 

رغم المأزق القيادي الذي لن يحله سوى تبلور بدائل شعبية ثورية حازمة في تبني نهج المقاومة فإن حيوية الشعب العربي الفلسطيني المتجددة تثبت سقوط الرهان الصهيوني على إمكان اختلاس لحظة انشغال سورية في مجابهة الحلف الاستعماري التركي السعودي القطري لتصفية قضية فلسطين وتثبيت مشروع الدولة اليهودية رغم ما برز من رهانات صهيونية على تقدم مشاريع التفتيت بعد إعلان خلافة داعش وتحرك خطة تقسيم العراق بالانفصال الكردي الذي احتفل به الصهاينة واستبقوه بإعلان استعدادهم للاعتراف بنتائجه وحصدوا موردا جديدا للنفط القادم من أنبوب عراقي عبر ميناء جيهان التركي .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق