في العراق … تمرد الكرد سياسيا من أجل تغذية حلم الانفصال
اكد وزير الخارجية العراقي في بيان تناقلته وسائل الاعلام ان الوزراء الكرد انسحبوا من الحكومة العراقية احتجاجا على تصريحات رئيس الوزراء “نوري المالكي” التي اكد فيها بعد السماح لتحويل أربيل الى قاعدة لاستضافة الإرهابيين والبعثيين والمطلوبين للدولة العراقية، وقال زيباري “ان الوزراء الكرد يمتنعون عن إدارة الشؤون اليومية لوزارته ووزارته التجارة والصحة ومكتب نائب رئيس الوزراء”، فيما اصدر رئيس الوزراء قرارا يقضي بتعين حسين الشهرستاني مستشار رئيس الوزراء لشؤن الطاقة، كوزير للخارجية بالوكالة.
ويأتي هذا في وقت اتهمت فيه وزارة النفط العراقية قوات كردية بالاستيلاء على حقلي (كركوك وباي حسن) النفطيين في كركوك، وأكدت الوزارة في بيانها انها “تستنكر وبشدة ما قامت به مجاميع من قوات البشمركة الكردية بالاستيلاء والسيطرة على محطات إنتاج النفط الخام في حقلي”، محذرة “من خطورة هذا التصرف غير المسؤول الذي يعد تجاوزا على الدستور والثروة الوطنية وتجاهلا للسلطة الاتحادية وتهديدا للوحدة الوطنية”.
فيما لم تنفي حكومة الإقليم هذا التحرك، سيما وان مصادر مقربة من إقليم كردستان اكدت سيطرة قوات البشمركة على حقول استراتيجية في محافظة كركوك، متهمة الحكومة المركزية ووزارة النفط “بمحاولات تخريبية” لهذه الحقول، مؤكدا ان العمل جاري لسيطرة حكومة إقليم كردستان على الحقول النفطية التي ستخضع بشكل كامل للحكومة الكردستانية بدلا من شركة نفط الشمال التابعة للحكومة المركزية سابقا.
وقد تسارعت الخلافات السياسية بين الاكراد الحكومة المركزية، وتحولت الى تبادل الاتهامات بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، ورئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، وشملت ملفات مختلفة، ابتدأت برفض الولاية الثالثة للمالكي من قبل الاكراد، وتوسعت لتشمل توسع رغبة الاكراد بالانفصال عن العراق بعد سيطرتهم على كركوك الغنية بالنفط، إضافة الى تهديدهم بعدم المشاركة بالعملية السياسية، إذا استمر الحال كما هو.
بالمقابل، أكد العديد من المحللين ان الجانب الكرد الذي يستغل كثيرا، ضعف الحكومة المركزية من اجل العمل على تغذية حلم الانفصال الذي يطمح الية بصورة جديدة بعد ان توفر له الغطاء السياسي عام 1991 لتشكيل إقليم خاص يدير شؤنه الخاصة بعيدا عن الحكومة المركزية ابان حكم صدام.
فيما يرى اخرون، ان استقلال الاكراد لا يعدو كونه رفع لسقف المطالب، من اجل ممارسة المزيد من الضغط على الحكومة المركزية لتسوية قضية تصدير النفط شمالا، إضافة الى قضية كركوك التي سيطر عليها الاكراد مؤخرا، وان الأجواء الإقليمية والدولية قد عبرت بصراحة (باستثناء إسرائيل) بان إقليم كردستان هو جزء من الدولة العراقية، وان الانفصال مرفوض تماما، وعلى العراق ان يبقى موحدا.
حلم الاستقلال الكردي
في سياق متصل وبعد مرور قرن من الزمان على فقدان الاكراد فرصة الاستقلال أثناء تفكك الامبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وانتشارهم في أربع دول أصبح ذلك الحلم فجأة أقرب للواقع إذ يغذي القتال بين الطائفة السنية التي تمثل الاقلية والشيعة الذين يتولون مقاليد الحكم الحديث عن تقسيم البلاد، ويحكم أكراد العراق أنفسهم منذ حجمت القوة الجوية الأمريكية صدام بعد حرب تحرير الكويت عام 1991، وقد استغل الأكراد ما حدث من فوضى في توسيع رقعة أراضيهم بما يصل إلى 40 في المئة بما في ذلك حقول نفط كركوك ومدينة كركوك التي يطالبون بها عاصمة لوطنهم.
ودعا رئيس الاقليم إلى إجراء استفتاء على الانفصال عن العراق، وما من شك يذكر أن نتيجة الاستفتاء ستكون تأييدا ساحقا لصالح الاستقلال وهو ما بدا في استفتاء غير رسمي أجري عام 2005، لكن عوامل الاقتصاد والضغوط لخارجية من بغداد ومن حلفاء منافسين في تركيا وايران وواشنطن قد تمنع القادة الأكراد من المجازفة في الانفصال نهائيا في القريب العاجل، وقال كوسرت رسول علي نائب الرئيس الكردستاني وهو من قادة البشمركة المخضرمين “كل الشعب الكردي يؤيده (الاستقلال) لكن على القيادة أن تفكر فيما إذا كان الوقت مناسب أم لا”، وأضاف في تصريح متوخيا الحذر الذي يبديه عدد من القادة “إذا لم يكن المناخ السياسي مواتيا فربما نضطر للانتظار سنوات، وإلا فستكون بلية”، وربما يعود مجرد التهديد بالانفصال على الأكراد بفوائد أكبر في المساومات مع الشيعة والسنة مثلما كان الحال خلال العقد الأخير.
وأغلب أكراد العراق البالغ عددهم خمسة ملايين من أتباع المذهب السني لكنهم يحددون هويتهم من خلال لغتهم وثقافتهم ويتمتعون بحكم ذاتي واسع المدى ولهم قواتهم المسلحة كما أنهم بدأوا يصدرون النفط ما أثار استياء بغداد، وربما لم يعد العداء من جانب تركيا التي واجهت انتفاضة كردية على أراضيها لعشرات السنين العقبة الكبيرة التي ظلت تحول دون الاستقلال الكامل لإقليم كردستان العراقي، وعملت تركيا مع أكراد العراق على حماية نفسها من الفوضى التي يشهدها العراق واصبحت تشتري النفط من اقليم كردستان وذلك رغم أنها ظلت تخشى أثر هذه الفوضى على الأقلية الكردية التي تعيش على أراضيها وبقيت على موقفها الرسمي بالالتزام بوحدة العراق، ويبدي كثير من القادة الأكراد ثقتهم في أن أنقرة لن تعرقل استقلالهم عن العراق.
وربما تكون ايران مصدرا للمشاكل إذ أنها تؤيد الأحزاب الشيعية التي تتولى السلطة في بغداد حاليا والتي ترى أن استقلال الأكراد محاولة للخروج بنصيب أكبر من ثروة العراق، ومنذ مدة طويلة تؤيد طهران وأنقرة فصائل متنافسة في اقليم كردستان العراقي، وقد خاضت هذه الفصائل حربا أهلية مريرة بمجرد تحررها من سيطرة صدام عام 1991، وتفسر المصالح المتباينة لكل من ايران وتركيا التوترات في الحياة السياسية الكردية التي تؤثر على المواقف من الاستقلال، ويسيطر كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يميل نحو تركيا وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الأقرب إلى ايران على وحدات منفصلة من قوات البشمركة وعلى مناطق مختلفة داخل كردستان العراق. بحسب رويترز.
ويقول مسؤول رفيع في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يضم بين قادته الرئيس العراقي جلال طالباني ونائب الرئيس الكردي رسول علي “إذا لم تحرص على موازنة العلاقة بين ايران وتركيا فبوسعهما إفساد كل شيء”، وفي علامة على العداء تجاه الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي ينتمي إليه الرئيس الكردي مسعود البرزاني اتهم آية الله محمود هاشمي شهرودي وهو مسؤول ايراني من رجال الدين ولد في العراق الحزب بأنه جزء من مؤامرة سنية تشمل تركيا تأييدا لهجوم تنظيم الدولة الإسلامية، وقال في تعليقات نشرتها وكالة أنباء ايرانية إن هذه المؤامرة جزء من خطة للحزب وأنقرة لتفتيت العراق.
كذلك فإن الولايات المتحدة التي تطلع إليها الأكراد طلبا للعون منذ أجبرت القوة الجوية الامريكية قوات صدام على الخروج من الاقليم عام 1991 تطالب الأكراد بعدم الانفصال بل وحثتهم على الانضمام لائتلاف جديد في بغداد مع الشيعة والسنة، ويستاء كثير من الأكراد من سياسة العراق الموحد التي تتبعها واشنطن وليس لديهم رغبة تذكر في انقاذ بلد لا يرغبون في البقاء كجزء منه، لكن قلة منهم مستعدة لإبعاد حلفاء أقوياء، وبمجاراة المساعي الرامية للحفاظ على وحدة العراق من المرجح أن يستخدم القادة الأكراد قوة الضغط التي يتمتعون بها في المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة لاستخلاص تنازلات جديدة وخاصة السماح لهم بتصدير النفط بعيدا عن رقابة السلطات الوطنية.
وقال فؤاد حسين رئيس العاملين مع برزاني خلال زيارة لواشنطن “إذا استطعنا البقاء معا فلابد أن يكون ذلك على أساس واقع جديد، واقع جديد قائم على حقيقة أن كردستان الآن أصبحت مستقلة”، وخفضت بغداد حصة الأكراد من انفاق الموازنة الاتحادية هذا العام ردا على قيام الاكراد بتصدير النفط من جانب واحد ما أدى إلى أزمة مالية في كردستان كشفت محدودية قدرة الاقليم على إدارة اقتصاده بنفسه، ويقدر خبراء صناعة النفط أن تصدير كردستان ما يكفي من النفط من اراضيها لتحقيق دخل يعادل نصيب الاقليم من ايرادات النفط العراقية من حقول جنوب البلاد قد يستغرق عدة سنوات.
غير أن الاستيلاء على حقول كركوك قد يغير الحسابات وإن لم يكن بالسرعة الكافية لتغيير المنطق الاقتصادي وراء تأجيل الاكراد الحصول على استقلالهم، ويقول أمثال مهدي والد جندي البشمركة القتيل إن الاستقلال قضية “كلنا مستعدون للتضحية من أجلها”، لكن القيادة الكردية قد تتحين الفرصة المناسبة حتى ترى كيف ستتصرف الجماعات العراقية الاخرى والحلفاء الأجانب حيال هجوم الإسلاميين، وقال دبلوماسي غربي يتابع العراق عن كثب “انهم في وضع جيد جدا الان”، وأضاف “الاتجاه للاستقلال ربما يتسبب في مضار أكثر من المنافع”.
إسرائيل تدعم استقلال الاكراد
من جهتها قللت دبلوماسية في حكومة اقليم كردستان العراق شبه المستقل من أهمية التأييد الاسرائيلي لاستقلال الاقليم ونفت أن يكون هذا يجري بالتنسيق مع الحكومة الكردية لكنه ربما يهدف إلى خدمة المصالح الإسرائيلية، وبينما أقرت بالحظوة التي تتمتع به إسرائيل في واشنطن التي تسعى للحيلولة دون تفكك العراق الذي تمزقه حرب طائفية أشارت بيان سامي عبد الرحمن مبعوثة حكومة كردستان العراق لدى بريطانيا إلى أن هذا ربما يوازنه المخاوف من العداوات التي قد يجر من ينظر اليهم على أنهم حلفاء لإسرائيل منطقة الشرق الأوسط إليها، وقالت في مقابلة عبر الهاتف من لندن حيث تقيم “لإسرائيل أصدقاؤها وأعداؤها وبالتالي يمكن أن تعمل في الاتجاهين”، وأضافت “لا ننسق مع اسرائيل لسنا مسؤولين عن تصريحات الحكومات الأخرى”. بحسب فرانس برس.
ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لإضفاء الطابع الرسمي على السيادة الكردية ووصف مسؤولان اسرائيليان بارزان خلال اجتماعات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري وجود دولة كردية في شمال العراق بأنه أمر واقع محل ترحيب، ويرى خبراء إسرائيليون في تأييد حكومة نتنياهو محاولة للبناء على علاقات عسكرية ومخابراتية وتجارية سرية مع الأكراد ترجع لستينيات القرن الماضي في مواجهة الخصوم العرب المشتركين، ومع ذلك قالت عبد الرحمن إن هذا التعاون من الماضي، وأضافت “كانت هناك فترة، فترة قصيرة منذ عقود كانت فيها علاقات لكنها توقفت، من حيث أي علاقة سرية، لا توجد، من حيث وجود علاقة رسمية مع اسرائيل لا توجد”.
وذكرت عبد الرحمن أن السياسة الخارجية لحكومة كردستان العراق هي نفس السياسة الخارجية التي ينتهجها العراق الذي لا يزال في حالة حرب مع إسرائيل من الناحية النظرية، وتابعت “لأن الحكومة العراقية لا تقيم علاقات مع إسرائيل فلا نقيم نحن أيضا”، وقال وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخباراتية الإسرائيلي يوفال شتاينتز إنه لا علم له بوجود اتصالات بين حكومته وحكومة إقليم كردستان العراق بشأن الاستقلال الكردي المرتقب، وقال في تصريحات عقب عودته من محادثات في واشنطن إن إسرائيل لا تعتزم معارضة السياسة الأمريكية بالعراق رغم انه شكك في مدى نجاحها، وقال “نحن نقدر الجهود الأمريكية تقديرا بالغا إلا ان الوضع العراقي صعب ومعقد على نحو لا يضاهى حتى بالنسبة إلى القوة العالمية، ليس لكل مشكلة حل سحري”.
ولم تعلق عبد الرحمن على الأسباب التي ربما تقف وراء اختلاف اسرائيل علانية مع الولايات المتحدة في سياستهما حيال أكراد العراق، وقالت “بشكل عام يضع الزعماء السياسيون والحكومات مصالح بلادهم في المقام الأول، هذه تصريحات يدلى بها زعماء اسرائيليون دون أي مساهمة منا”، وقال وزير الخارجية الاسرائيلي أفيجدور ليبرمان إن اسرائيل لا تنحاز لأي جانب أو “تسدي النصح” للعراق في تعليقات تهدف على ما يبدو إلى تبديد الانطباع بان اسرائيل تمارس ضغوطا لصالح الأكراد، ولم تعلق إدارة أوباما مباشرة على تصريحات اسرائيل بشأن استقلال أكراد العراق، وقال دبلوماسي أمريكي في المنطقة إن الموقف الاسرائيلي من الأكراد يبدو نابعا من نظرتها لهم “كجيب مستقر” نادر بين جيران مثيرين للقلق.
واستفاد الأكراد من حالة الفوضى في العراق ليبسطوا سيطرتهم على منطقة جديدة غنية بالنفط لكن لا يزال يساورهم القلق حيال اعلان الاستقلال خشية ردود أفعال محتملة من جانب الأكراد في إيران وتركيا وسوريا فضلا عن مخاوف أخرى، وقالت عبد الرحمن “في النهاية الأمر ليس بيد القيادة الكردية، إذا ما أردت الاستقلال فالأمر بيد الشعب الكردي”، مشيرة إلى دعوة لإجراء استفتاء على استقلال الاقليم أطلقها مسعود البرزاني رئيس كردستان العراق، وتابعت “بالطبع نريد العالم أن يرحب بكردستان مستقلة لكننا واقعيون ونعرف أنه سيكون من الصعب بالنسبة للبعض تقبل الأمر في البداية، مع ذلك هناك كثيرون يتعاطفون مع فكرة الاستقلال”.
تركيا وتبادل المصالح مع الاكراد
فيما باتت تركيا التي اطلقت عملية سلام مع الاكراد على اراضيها تتقبل اقامة دولة كردية مستقلة في العراق الذي يعاني من النزاعات، وكانت انقرة في السابق تندد بفكرة اقامة دولة كردية مستقلة اذ تخشى ان تشمل حدود كردستان مناطق ذات غالبية من الاكراد في أراضيها، الا انها غيرت موقفها تدريجيا واقامت تحالفا مؤخرا مع اكراد العراق من اجل مواجهة تهديد الجهاديين المتزايد على حدودها والدفاع عن مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في كردستان العراق، واطلق رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي خرج عن سياسة اسلافه القائمة على الاعتماد على الجيش الذي كان يتمتع بنفوذ واسع، عملية سلام مع المتمردين الاكراد في تركيا وشجع على اصلاحات للحد من التمييز ضد الاكراد.
ويأمل اردوغان المرشح الى الانتخابات الرئاسية المقررة في العاشر من اب/اغسطس كسب تأييد داخل الاقلية الكردية المقدر عددها بنحو 15 مليون نسمة غالبيتهم من مناطق فقيرة في جنوب شرق البلاد، وقال بلغاي دومان خبير شؤون العراق في مركز الدراسات الاستراتيجية حول الشرق الاوسط ومقره في انقرة “دعم وحدة اراض العراق لم يعد يخدم مصالح تركيا، فتركيا تدرك ان العراق لا يمكن ان يظل متحدا”، واضاف دومان “ان تركيا ليس لها حليف افضل من الاكراد في المنطقة، فقيام دولة كردية مستقلة ستشكل منطقة عازلة لمواجهة التهديد الاسلامي”.
وتزايدت مخاوف انقرة بشكل كبير عندما استولى جهاديو “الدولة الاسلامية” على مناطق واسعة في شمال العراق وأعلنوا اقامة “خلافة اسلامية” انطلاقا من الاراضي التي استولوا عليها في العراق وسوريا، وطلب رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني من برلمان هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي تنظيم استفتاء حول الاستقلال مما يفسح المجال امام تقسيم العراق، وقال دومان ان تركيا لم تعد تخشى ان تؤدي مطالب الاستقلال من قبل اكراد العراق الى اقامة كردستان كبيرة “لان “الاكراد في المنطقة ليسوا موحدين”.
كما تحمل تصريحات ادلى بها حسين جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مؤخرا لصحيفة “فايننشال تايمز”، على الاعتقاد بان تركيا ستقبل اقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق، وغالبية الاكراد في الشرق الاوسط مسلمون سنة ويقدر عددهم بين 25 و35 مليون شخص، ويتميزون بلغتهم وثقافتهم عن الاتراك والفرس والعرب، وعليه فهم يعتبرون تهديدا للدول الاربع الرئيسية التي يقيمون فيها وهي ايران وسوريا وتركيا والعراق، الا ان الاكراد الاتراك بدأوا يحصلون على حقوق ديموقراطية منذ وصول اردوغان الى الحكم قبل 11 عاما، كما انه دعا حزب العمال الكردستاني الى إطلاق محادثات من اجل وضع حد للنزاع الذي اوقع 45 الف قتيلا. بحسب فرانس برس.
واقترحت الحكومة التركية اصلاحات لتحريك المحادثات المتوقفة مع الاكراد، وكان حزب العمال الكردستاني بدا حركة تمرد مسلحة في 1984 بهدف اقامة دولة كردية مستقلة الا انه عدل عن ذلك لاحقا مكتفيا بالحصول على حكم ذاتي واسع للاكراد، وقال هيو بوب من مجموعة الازمات الدولية ان “تركيا بلد مختلف جدا عن العراق اقله لان حزب العدالة والتنمية يسيطر على قرابة نصف اصوات الاكراد بما في ذلك جنوب شرق البلاد ذي الغالبية الكردية، وايضا لان قرابة نصف الاكراد في تركيا يقيمون في غرب البلاد”، واضاف بوب “هناك فرص كبيرة بان يؤدي برنامج ديموقراطي عادل يقوم على نوع من اللامركزية المنظمة في البلاد الى الحفاظ على وحدة اراضي تركيا وازدهارها”.
كما اقامت تركيا علاقات تجارية متينة مع كردستان العراق منذ بضع سنوات، وهو سبب اضافي يحول دون ان تعارض انقرة كما في السابق اقامة دولة كردية مستقلة في العراق، بحسب الخبراء، وفي ايار/مايو، بدأت تركيا بتصدير نفط كردستان العراق الى اسواق دولية مما اثار استنكارا شديدا من قبل الحكومة المركزية في بغداد، واعتبر دومان “ليس من مصلحة اردوغان ان يثير عدائية اكراد شمال العراق لأنه بحاجة إليهم من اجل النفط والسلع التي يصدرها إليهم”، وبات العراق السوق الثانية للصادرات التركية ويشكل 8% من مجمل مبيعاتها.
السيسي يحذر من الكارثة
من ناحيته قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن اجراء استفتاء على استقلال المنطقة الكردية في العراق ما هو إلا بداية “كارثة” لتقسيم العراق الذي يواجه هجوما واسع النطاق ينفذه متشددون إسلاميون، وتشير تصريحات السيسي إلى تنامي المخاوف في المنطقة من أن يؤدي تقسيم العراق إلى زيادة نفوذ المسلحين الذين أعلنوا قيام “خلافة” في المناطق التي استولوا عليها في العراق وسوريا، ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن السيسي قوله خلال اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف المصرية “الاستفتاء الذي يطالب به حاليا الأكراد ما هو في واقع الأمر إلا بداية كارثية لتقسيم العراق إلى دويلات متناحرة تبدأ بدولة كردية تتسع بعد ذلك لتشمل أراضي في سوريا يعيش عليها الأكراد وأخرى في الأردن يعيش عليها نفس أبناء العرق”. بحسب رويترز.
وقال السيسي إنه حذر الولايات المتحدة وأوروبا من طموحات متشددي ما كان يعرف باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والذي اختصر اسمه إلى الدولة الإسلامية، وأضاف السيسي أن “المخطط الجديد كان يستهدف إخضاع مصر لسلطة داعش (الدولة الإسلامية) التي تستغل الدين بتمويل خارجي لإشاعة الفوضى في البلاد وتمهيد الطريق لتقسيمها”، وقال إنه حذر الولايات المتحدة وأوروبا من تقديم أي دعم لهم مشيرا إلى انه أكد لهم أنهم سيخرجون من سوريا ليستهدفون العراق ثم الأردن ثم السعودية.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق