التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الثقافة الوطنية المهمشة 

1

اطلعت على بيان اتحاد الكتاب والأدباء العرب المنعقد في الأردن في الاسبوع الاخير من حزيران 2014 وقد شارك اتحاد الادباء العراقيين فيه، وكان البيان مخيبا للآمال، بل هو أقل مما يقال بشأن الوضع في العراق، فلم يدرج العراق إلا بفقرة يتيمة ومع بقية الدول العربية المهددة بالإرهاب، كنت أفضل لو انسحب اتحاد الأدباء العراقيين من هذا المؤتمر، الذي يبدو أنه وقع تحت تجاذبات سياسية وثقافية شملت معظم الوفود العربية، الأمر الذي لم يخصص البيان فقرة خاصة بالعراق المهدد بالتقسيم والإرهاب، بينما توسع في قضايا سبق وأن أُشبعت بحثاً.. هذا يعني أننا قد وضعنا أنفسنا كأدباء و مثقفين عراقيين في هامش العملية الفكرية والسياسية والأخلاقية للثقافة العربية، ومرة أخرى لا يمكن أن يرتضي الأدباء في العراق مثل هذا الموقف المتساهل. ومع الأسف أشيد في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي بهذا البيان !! وهو الذي لم يتضمن عن العراق إلا كلمات معدودات. إلا أن اتحاد الكتاب العرب، وبعد صدور بيان الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في 4-7-2014، أصدر بياناً جديداً موقعاً باسم رئيس اتحاد الكتاب العرب الأستاذ محمد السلماوي فقط، يدين الإرهاب الذي يعبث بالعراق والمنطقة، ومن ثم أرسل هذا البيان لاتحادات الكتاب العربية

 

2

 

حقيقة الأمر أبعد من هذا بقليل ولو أن المسافة ليست مهمة ما دامت الغاية واحدة، كان النظام السابق يهمش الثقافة التقدمية وممثليها فاستأثر باتحاد الأدباء العراقيين، وأسس إلى جانبه أيضاً اتحاد الأدباء الشباب وممثلوه معروفون لنا جميعاً، وأصبح الاتحاد العام نافذة ارتزاق للأدباء العرب، بما فيهم من نعرف منهم، ومن اكتشف أنه يعتاش على كابونات النفط، فهمش مهمة الثقافة العراقية القائمة على الوطنية منذ العام 1959 وإلى اليوم، ثم جاءت المرحلة الجديدة ولم نجد تغييراً جذرياً في الموقف من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بل شهدنا غزوات بين فترة وأخرى على أدباء يتسلون ليلا في النادي، ويغنون ويكتبون القصائد بحب العراق. ثم ارتضت الحكومات التي تعاقبت بعد التغيير على أن تكون طرفاً فاعلاً في تعطيل العملية الثقافية، عندما شملت وزارة الثقافة بالمحاصصة التوافقية ايضا، وكانت النتيجة تعطيلا مهلكا للثقافة. وعندما حرمت اتحاد الأدباء من أية مساعدة مالية أو حقوقية ينص عليها القانون العراقي لمنظمات المجتمع المدني، عدا مساعدات سنوية للأعضاء مساوية لما تمنحه لفئات عديدة- فتعطلت الكثير من الانشطة الثقافية في العراق

اليوم مثل الأمس، ومثل ما هو قبل نصف قرن، ولن يكون المثقف العراقي إلا في مقدمة من يدافع عن العراق؛ قلما وبندقية وصحافة وغناء وموسيقى وشعرا. اليوم يضع بيان اتحاد الأدباء الصادر في 4 – 7 – 2014 المثقفين العراقيين أمام مسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية، ليدفع بهم للمساندة والتطوع والعمل الوطني من أجل وحدة العراق، ويدعو الأطراف السياسية كلها إلى أن تتحلى بالوطنية وتحافظ على تراب العراق، وما زوبعة “داعش” ومن لف لفهّا إلا سحابة عابرة في سماء وصحراء العراق، التي عرفت منذ القدم زوابع مثل هذه وأقسى، ولكن العراقيين كنسوها وألقوا بممثليها إلى مزبلة التاريخ. أين الفرس وأين الاتراك وأين المغول وأين الانجليز وأين وأين.. فكل ما سبق أصبح أدراج الريح، ولن يكون مصير “داعش” ومن شابهها بعيدا من عملية الكنس التاريخي للعراقيين، لذا ندعو المسؤولين ومن له صلة بالأدب والثقافة العراقية، أن يبتعدوا عن تهميش الثقافة العراقية والمثقفين العراقيين، وأن يعتمدوا عليهم في إدارة الكثير من مرافق الإعلام والصحافة والثقافة، فلديهم خبرات مهنية تفوق أية خبرة طارئة وقصيرة المدى.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق