في غيمة شفيفة».. مختارات لشعراء صينيين قدامى
صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة – سلسلة آفاق ثقافية كتاب (في غيمة شفيفة).. مختارات من الشعر الصيني، نقلها الى الفرنسية الشاعر والروائي والخطاط والمترجم الصيني ( شِي بُو) وترجمها الى العربية الشاعر والكاتب والمترجم المصري عاطف عبد المجيد .. الكتاب بـ(96) من القطع المتوسط .
تدور قصائد المجموعة في سماء فصول أربعة .. كان قد خطط المترجم الصيني (شي بو) لوضعها بهذه الطريقة واختار قصائد الشعراء على هذا المنوال..
النصوص المترجمة هي نصوص لشعراء قدامى تمثل مرحلة مهمة وانعطافة كبيرة في تاريخ الشعر الصيني.. وهي ما زالت تبدو متناغمة محتفظة بأريجها وصوتها الحقيقي.
تبدو قصائد المجموعة وقد كتبت بلغة ليست عصية.. لغة سلسة وبسيطة.. لكنها ليست مجانية، بل تحمل عمقا كبيرا وصورا رائعة مدافة بأوجاع وتجارب حقيقية مر بها الشعراء الذين عاشوا وشهدوا حكم الأسرتين الحاكمتين في الصين وهما (تانج وسونج).
يضم الكتاب أربعة أجزاء، كل جزء ناغم فصلا من فصول السنة، بعناوين رومانسية عميقة، فجزء أوفصل الربيع، ضم عشرين قصيدة، ورد فيها الربيع يحمل مآثر وتسميات ومرادفات مختلفة لشعراء مختلفين، مرة (حزن في قصر ربيعي) ومرة (ليل ربيعي) وأخرى ( رحيل الربيع).. ويتمثل السحر كله في قصيدة ( نعاس الربيع ) للشاعر (منج هاو ران):
في الربيع/ يبقى النعاس وراء السحر/ كل الجهات تدرك شدو العصافير/ بالكاد .
والليلة مرتبكة بجلبة الريح/ والمطر/ فمن يعرف كم زهرة سقطت/ هذي الليلة ؟
ضم جزء او فصل الصيف بثمانية عشر قصيدة، يأتي فيها ساخنا بالشوق ومتطلعا إلى أعالي القصيدة، وهي تشهق بين الأعاصير بحثا عن برودة لذيذة للشعراء بين مرافىء الكلمات وحنو السماء البعيدة.. هذا ما يشير إليه الشاعر( ليو جي) في قصيدة (عاصفة صيف): مندفعا بريح شديدة / يهوي الإعصار فوق القلعة الشاهقة/ تحت وطأة السحب/ تنهال أحداث مفاجئة على الأرض/ زخة مطر هادئة/ لم نعد ندري أين التنين/ وحدها آلاف الضفادع تنق/ في مستنقع أخضر.
وتتوالى قصائد الصيف في (شدو الصيف) و( أمام الكأس وحدي تحت قمر صيفي) ( ونهار صيفي في الجبل) و ( صيفا في شاليه جبلي) وقصائد صيفية أخرى لشعراء آخرين.
الخريف بكل سطوته متخاذلا مرة ومنطويا على خضرته، وهو يؤسس لمشارف قصائد مقبلة بنصوص خريفية ترنو إلى حنو سماء بعيدة منها (مطلع الخريف) و ( ليلة ممطرة في الخريف) و( في مديح زهرة خريف) وتأتي من عمق الخريف أيضا، مثلا(قصيدة من أجل رسم الخريف) للشاعر (تانج ين):
تمتزج مياه الخريف الشاسعة/ بالسماء/ في الجبال/ تغرق أشجار لا تحصى في عمق العتمة/ أنادي القارب من بعيد/ كي أعبر البحيرة/ ممددا.. تدهشني المنحدرات الخارجة من الماء/ في الغروب.
الشتاء بمطره وأكواخه الدافئة وبرده اللذيذ ينعس الفكرة مرة ويؤججها مرة أخرى.. حينما يتعاظم الثلج في زاوية ما من زوايا المكان الذي يقطنه الشعراء حيث تتسرب بقايا كآبة وسحب سوداء إلى رؤوسهم المليئة بالفصول، فتأتي قصائدهم ( نهر تغطيه الثلوج) و(ليلة قارسة البرد) و (العودة الى الكوخ) و(الحسناء الكئيبة) و(في انتظار مغنية) يردد الشاعر( يان شو) شتاء كلماته الممطرة إبداعا:
ألف اعتذار/ للزهور التي سقطت الآن/ جراء عودة طيور السنونو/ التي تبدو كأصدقاء قدامى/ وحدي .. أخطو المائة خطوة/ فوق ممر بستان صغير.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق