التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

معركتنا مع الإرهاب بعيون ثقافية 

هاهي الظلمات التي كانت تتكثّف في النفوس الخبيثة، وتتسلّل من بين تلال الأشقاء والأصدقاء إلى الأزقة، بهواجس الخراب والموت الأسود، لتخيّم على نهارات الموصل وتكريت وكركوك، وغيرها من مدن يريد التطرفُ خنقَ رئاتها، مدن طالما صدّرت من بين تلك التلال ذاتها، شعراء وقادة وفنانين وليس قتلة.ماذا يفعل المثقف ؟

إنها المرحلة الأقسى منذ أكثر من عقد مرّ على البلاد بمراراته اليومية، يفكر فيه الجميع، لاسيما المثقف، بالحلول لمشكلات تتوالد مع دقائق عمره، إنه الواقع الظلامي الذي ظل يتراكم بإشكالياته حتى أسقط الموصل بيد الإرهابيين.

 

هذا الحدث الذي يشغل المثقف الآن، يجعله يقلّب جمر خريطة الصراع متسائلا عن الروح الوطنية ومستوى وجودها ومدى استغلال الساسة للدين من أجل الوصول إلى أهداف سياسية بحتة، يقلب المبدع بأصابع تأمله خطورةَ ما يريده المجرمون من تأصيل لفكرهم الدموي المتطرف، ويتحسس ما على كاهله من مسؤولية التصدي لذلك الفكر.

المرحلة “السيادينية”

الروائي علي لفتة سعيد يرى خريطة الصراع الدائر في العراق منذ العام 2003 غير ناجحة في توجيه جميع القوى باتجاه الوطن، إلا أنه يجد المواجهة الأخيرة أعادت الروح الوطنية إلى أعلى درجاتها، مشيرا إلى أن ذلك تأتى ذلك من شعور الفرد بالخطر المحدق به.

 

ويلفت سعيد إلى أن ارتفاع مستوى الروح الوطنية لدى الفرد العراقي جاء من خلال مراقبته لما يمر به من مخاوف مستقبلية مرهونة بصراع سياسي تحول إلى موت واستغلال للدين.

 

مؤكدا أن ذلك الاستغلال أجج الصراع والعنف الايديولوجي المغلف بالوطنية والنضال الملفوف بشعارات دينية حتى ان المرحلة الحالية يمكن أن نطلق عليها “المرحلة السيادينية” التي اندمجت لأول مرة في حاضنة العمل العسكري والسياسي لمسك الارض وفناء من عليها من المخالفين.

 

وعن دور المثقف في الواقع الحالي قال: أرى أن على المثقف الإسهام بتنظيف العقل الجمعي من غبار الارتهان في حضانة هذه المسميات الجديدة في عالم الإرهاب والقتل .

مواجهة المثقف للشائعة

الكاتب صلاح بصيص مضى يتحدث عن مدى متابعته للصور الواضحة للمثقفين الذين تركوا خلافاتهم مع بعض السياسيين، وانبروا يدافعون بأقلامهم عن بلادهم المغتصبة، خصوصا أولئك الذين يجاهرون بالخصومة، مؤكدا وضوح الحس الوطني والواجب المقدس الذي كان ينبغي أن يشمل جميع المثقفين على حد رأيه. وأضاف بقوله: عندما يستهدف الوطن يكون الحياد خيانة، إن واجب المثقف الآن أن ينبري بما أوتي من مساحة ليدعو أبناء بلده لرفض أي فكر منبوذ يريد تحريم الجمال وقمعه، وان لم يستطع فعل ذلك فليسكت لأن دعم الإرهاب خيانة فكرية مهما كان لونها أو شكلها.

محيط إقليمي متطرف

الشاعر ميثم العتابي لفت إلى تذكير الواقع الحالي بما حدث في العام 2006 مشيرا إلى ضرورة الانتباه إلى جذور وأغصان الجماعات المسلحة ونمو ظلامها في مدن الحياة العراقية، مؤكدا أهمية المحيط السياسي المجاور للعراق الذي أصبح اختلافه الديمقراطي مهددا أو مشيرا بوضوح إلى السبل القبلية والدينية التي تدار بها أغلب الدول العربية المجاورة، وأكد العتابي بقوله: لا شك أن الدولة العراقية ببنائها الحالي مستهدفة بكونها بناء مدنيا يعتمد الانتخابات والصبغة الديمقراطية التي توفر مناخا للرأي والرأي الآخر، وهذا بطبيعته لا يضمن قبول دول المنطقة والإقاليم المبنية على وفق أسس قبلية أو دينية متطرفة.

 

وعن التدخل الخارجي بشؤون البلاد قال: أجد أن التحشيد والتدخل السافر في الشأن الداخلي لم تضع الدولة بمؤسساتها حدا ملائما لهما، كما اننا لم نُرِد ـ على ما يبدو ـ أن نخوض عزلة دولية، وإلى جانب هذا كله، هناك إخفاقات سياسية لم تقدر الحكومة الحالية على تجاوزها، وهو بناء منظومة حوار مع الأطراف التي تعتقد بتهميشها وإقصائها، إلى جانب جهات سياسية مغرضة وخائنة مرتشية تعمل على وفق أجندات خارجية، جعلت هناك حواضن للإرهاب والتكفير الذي يحاول النيل من البلد ووحدته ونسيجه الاجتماعي الذي يتعرض لخطر محدق اليوم .

أسباب تفشي العنف

القاص حسين رشيد حمل جميع العراقيين بكل شرائحهم ما حدث أو سيحدث عائدا برأيه الى ضرورة مراجعة التاريخ العراقي وما يحمله من صور لكيفية دخول العنف وتراكمه في البلاد، كما مرّ رشيد بحديثه على مفاصل عديدة منها الصراع وعلاقته بجهات خارجية تفكر بإمكانية انتشار عدوى التغيير الديمقراطي بالإضافة الى علاقة ما يحدث بمصالح اقتصادية خارجية، وفي تبيان رأيه عن أسباب تفشي العنف في السنوات العشر الأخيرة قال رشيد: عنف هذا المرحلة أراه فئويا حزبيا، ولكن بثوب ديني طائفي تارة، وقومي تارة أخرى، الدليل على ذلك ان روؤس الصراع الذي ولد العنف ويولده هي ذاتها لم تتغيّر منذ نيسان 2003 .وعما يراه في حال المثقف وموقفه في هذه الازمة أوضح: البعض الأكبر من المثقفين مثل النعامة والبعض الآخر حوّل دفة الانتماء الفكري إلى الطائفة والمذهب والقومية وبعض يراقب عن بعد ويميل كلما مالت دفة الصراع إلى جهة وتراه يبكي بدموع التماسيح، والبعض منهم امتطى مواقع التواصل الاجتماعي وأخذ يعبئ الأفكار وتهويمات أقل ما يقال عنها انها وقحة. والبعض القليل ظل يقول: ( عراق عراق عراق ليس سوى عراق صوت تفجر في قرارة نفسي الثكلى عراق) .

حاجة لدراسة الإرهاب

الدكتورة راوية الشاعر رأت أن التصعيد الذي يواجهه البلد خلال الفترة الأخيرة بحاجة الى دراسة وفهم كبير لفك شفرة تلك المؤامرات الخطيرة التي يخضع لها المواطن بشكل يومي وتعسفي مبينة، ثم أخذت الشاعر تبين في رأيها الأهمية التي على المثقف ان يستوعبها في تقديم ما يستطيع تقديمه في هذه الواقع المزدحم بفوضى الأفكار وسوداويتها فلفتت الى ضرورة قيام المثقف بتوعية المواطن لخطورة الموقف و حراجته من خلال تفعيل الحوار ونشر المواد التي تسهم بكل ما يكسر تلك الحواجز التي يبثها بعض المغرضين من عمليات تخويف وذعر وإشاعات مؤكدة على لزوم أن يكون للمثقف موقفا واضحا من العملية السياسية ، واعيا لفكرة الحرية والتغيير بشكلها الواضح والسليم والخالي من اي اعمال تعبوية، بمعنى أن يكون دوره محسوبا ودقيقا ومهما في ذات الوقت .

 

وأضافت بقولها : على الرغم من ارتفاع مستوى التهميش لدور المثقف العراقي لكنّ مساعيه تبقى سلمية وهادفة وحيوية خالية من أشكال الطائفية والعدوانية وتصب في مصالحة المواطن مع نفسه والآخرين ، لذلك أطلب من المثقف ان يتسلح بخزينه الهائل من الوعي في مواجهة هذه الظروف، ليسهم في تقليل حجم الارتباك الذي يمر به البلد ويساند اي فكرة تخرجه من زعزعة أمنه القومي وتنقله من حالة الفوضى الى النظام .

تهديد الوجود الانساني

الرسام وائل المرعب أشار إلى مرور العراق بأصعب مرحلة تهدد وجوده وهو يواجه أعتى هجمة تكفيرية لافتا إلى أن الهجمة المذكورة تقودها أرتال من فدائيي صدام سيئي الصيت وأنها لا شك مدعومة من دول الخليج بهدف إسقاط التجربة الديمقراطية التي لم ينكر المرعب العيوب التي رافقت نموها إلا أنه يؤكد افضليتها على ما تفكر به تلك الدول من إعادة لسلطة البعث الى سدة الحكم لإغراق العراق في بحر من الدماء مجددا، معتقدا ان من المحال ان ينجح من يفكر بإعادة ذلك الحكم إلا أنه يؤكد استمرار التهديد والخطر المقلق للحياة وديمومة انتظامها مع وجود هذا السعي الظلامي المتنامي هنا وهناك فلا بد من وجهة نظره ان يتم القضاء على هذه الهجمة تماما.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق