{جزيرة المتاحف في برلين}.. حاضنة لكنوز الآثار العراقية
تتميز العاصمة الألمانية برلين بمتاحفها العديدة وتعد قبلة ملايين السواح من مختلف دول العالم على مدار العام، و”جزيرة المتاحف” الواقعة وسط المدينة والمدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ العام 1999 تتميز أبنيتها بالإبداع في التصميم والتجديد من جهة، وكونها معروضات قيمة تلامس مختلف شعوب العالم من جهة أخرى.
وتعتبر “جزيرة المتاحف” التي يحيط بها نهر “شبريه” من كل جانب، واحداً من أهم مجمعات المتاحف في أوروبا، حيث تشكل سيمفونية رائعة قوامها خمسة متاحف تزخر بالمقتنيات الفنية الثمينة، تضم تراث أجيال وعصور متعاقبة يزيد عمرها على 6000 سنة.
متحف براغامون
متحف برغامون” الذي بني خصيصاً من أجل “مذبح برغامون” الذي يزيد عمره على 2000 سنة، وهو بمثابة تذكار يتكون من آلاف القطع المرصوفة إلى جانب بعضها البعض. ويعتبر هذا المذبح المعلم الأكبر والأكثر اجتذاباً للزوار في “جزيرة المتاحف”
في هذا المتحف البرليني، والذي كان من قبل بناية صغيرة قبل ان يشرع في تصميمه العام 1910 ـ 1930.
بعثات الآثار
يشير تعليق دليل متحف براغامون وحسب ما تشير إليه الحقائق التاريخية الى أن بعثات الآثار ابتدأت عملها في الحفريات الأثرية الفرنسية في العام 1851ــ 1854 بحفر منطقة اثار تل القصر في مدينة بابل وجمع القطع الفنية الملونة وان الالمان الذين اكملوا مسيرة البحث والتنقيب بموجب اتفاقية بين المانيا القيصرية والحكومة العثمانية في العام 1899 اعتقدوا بأنه لا تزال بقايا من هذه القطع الفنية الملونة المزججة موجودة بالقرب من المنطقة المحيطة بتل اثار القصر البابلي.
وقد حقق فريق علماء البحث نجاحا كبيرا امتد لسنوات من العمل الدؤوب في ترتيب ولصق حطام بوابة عشتار السيراميكية وشارع الموكب التي وصلت الى المانيا في بواخر عبر البحر، واعادة بنائها الذي يعتبر نصرا في مسيرة البحث والاستكشافات الاثرية.
كنوز بابلية
وقد استمرت عمليات الحفريات الاثرية حتى العام 1917 وقد استعانت البعثة الاثرية الالمانية وكما مثبت في ارشيفها بأيادٍ عراقية بلغ عددهم نحو 250 عاملا شاركوا بالحفر والتنقيب رغم ظروف العراق المناخية الصعبة وحرارة فصل الصيف اللاهبة، استخرجت على ايدي هؤلاء العراقيين أكثر من عشرة آلاف قطعة صغيرة وكبيرة أعتبرتها البعثة غنيمة علمية ونصرا جديدا.
وحسب آراء الباحثين الألمان فإن آثار بابل لاتزال مطمورة تحت الارض ويلزم سنين طوال وجهود مكثف وجدية لاستخراجها من باطن الارض فهي نفط العراق الذي لا ينضب على مر السنين.
خبير الآثار الألماني د. ميتشائيل مولر كاربة من المتحف الجرماني الروماني في مدينة ماينز الالمانية والخبير بالاثار العراقية عبّر عن قلقه على مصير الاثار العراقية ومسؤولية الحفاظ عليها من التخريب على ايدي عصابات “داعش” الإرهابية.
ويقول كاربة لـ”الصباح”: “في نهاية العام الماضي زرت العراق وقد أجريت العديد من اللقاءات مع المسؤولين العراقيين وبعض الشخصيات العراقية وقمت بزيارة بعض المناطق الاثرية وقد تحققت الاهداف المرجوة من الزيارة بالتعاون المثمر والمساعدة في إعادة الآثار المسروقة لان الشعب العراقي يستحق مد يد العون له في هذه الظروف للمحافظة على آثاره”.
وأشار الدكتور كاربة الى أنه “لا بدّ من إيجاد سبل جادة لاسترجاع الآثار العراقية واعادتها الى موطنها الاصلي ومدى امكانية الاستفادة من قوانين منظمة اليونسكو لتحقيق ذلك بالإضافة الى العوائق التي يواجهها العراق في استعادة آثاره وأهمها القوانين المحلية في البلدان الأخرى”.
خمسة متاحف
ففضلا عن متحف براغامون هناك “المتحف القديم” ببنائه الضخم المستدير، يغري الزوار بما يحتويه من مقتنيات العهود القديمة التي تعود لألفية سابقة. أما “المتحف الجديد”، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء أعمال الترميم، فيعتبر من المراكز الجديدة لاجتذاب الزوار والسياح، حيث تضم جدرانه المهيبة كنوز مصر القديمة الساحرة.
وبدوره فإن “المتحف الوطني القديم” الأشبه بالمعبد يزخر بالعديد من الرسومات الشهيرة على المستوى العالمي لفنانين من أمثال الرومانسي المعروف كاسبار دافيد فريدريش. وتتوفر في الخارج فرصة للراحة والاسترخاء في أحضان الطبيعة في “حديقة المتعة” “لوست غارتن” التي تمثل واحة صغيرة خضراء تنتشر فيها النوافير ومقاعد الجلوس، كما يغطي أرضها عشب ناعم يدعوك للجلوس والاستمتاع بالأجواء الجميلة. وعند ذروة الجزيرة يعكس سطح مياه نهر شبريه صورة “متحف بوده”، الذي يزخر بالكثير من كنوز الفن العائدة إلى مختلف العصور، إلا أن المعروضات الأكثر شهرة فيه تتمثل في مجموعة القطع النقدية التي تعتبر واحدة من أثمن نظيراتها في العالم والأكبر من نوعها في ألمانيا بعدد يبلغ 750,000 قطعة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق