التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

إسرائيل في غزة… حرب المكاسب والرهان تصل الى نقطة اللاعودة 

  يتفق اغلب المحللين، ان من بين المواجهات الكبرى التي وقعت بين إسرائيل وحركة حماس (منذ انسحاب اسرائيل من القطاع عام 2005 وحتى الوقت الراهن)، أصبحت الحرب الحالية، الأعنف والاكبر والاعقد، سيما وان الطرفان لا يستطيعان الخروج من الازمة او الاتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار من دون تحقيق المكاسب التي تتقاطع إمكانية تحقيقها بين حركة حماس الإسلامية والحكومة الإسرائيلية، ففي الوقت الذي تريد فيه إسرائيل نزع سلاح حماس والفصائل الأخرى في غزة وتدمير الانفاق، التي باتت مصدر القلق الأول بالنسبة لها، تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية اطلاق الصواريخ، والإصرار على مواصلة رفض أي هدنة لا تشمل فكك الحصار الاقتصادي المدمر للقطاع، والمفروض من قبل إسرائيل، إضافة الى اطلاق المعتقلين، وفتح المعابر المصرية.

ويتضح، أيضا، حجم الخلاف الكبير بينهما، نتيجة لتكرار الانهيار في الهدنات الإنسانية المقترحة من اطراف ووسطاء دوليين ( حيث قالت وزارة الداخلية الفلسطينية ان قصف اسرائيلي لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة قتل 25 فلسطينيا، على الأقل، وسط مؤشرات على تداعي وقف اطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة والامم المتحدة في اليوم الخامس والعشرين للهجوم الاسرائيلي على القطاع)، بعد أسابيع من بداية الحرب في غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 1400 مدني فلسطيني، وجرح الالاف، فيما دمرت البنى التحتية الضعيفة للقطاع من ماء وكهرباء وصرف صحي، فيما شمل القصف الاسرائيلي أماكن تابعة للمنظمات اممية مخصصة لاستقبال النازحين اللذين تجاوزت اعدادهم أكثر من 200 ألف نازح فرو من القصف الإسرائيلي المتواصل جوا وبحرا وبرا.

ومع تواصل الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية، التي تحولت من الضربات الجوية الى التوغل البري تجاه قطاع غزة، التي اصابت اهداف مدنية بالجملة، وصفها متحدث باسم البيت الأبيض قائلاً “إن قصف إسرائيل منشأة تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة غير مقبول بالمرة ولا يمكن الدفاع عنه على الإطلاق وإن إسرائيل بحاجة لفعل المزيد لحماية المدنيين الأبرياء”، الا ان تنامي الدعم الإسرائيلي الداخلي لتوسيع واستمرار العمليات حتى النهاية، ربما يعطي المزيد من الحماسة لنتنياهو بالاستمرار للضغط على حركات المقاومة لقبول التهدئة وفق شروط تحددها إسرائيل، الامر الذي ينذر بتصعيد الصراع الى مستويات غير مسبوقة في حال فشلت الوسطاء الدوليين الحد من مواصلة العمليات العسكرية.   

من جهته حذر مسؤول كبير في مخابرات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) من أن تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لن يؤدي إلا لظهور شيء أخطر منها مكانها في الوقت الذي طرح فيه صورة متشائمة لفترة من الصراع المستمر في المنطقة، وجاءت تصريحات اللفتنانت جنرال مايكل فلين رئيس وكالة دفاع المخابرات المنتهية ولايته في الوقت الذي أشار فيه وزراء إسرائيليون إلى أن التوصل لاتفاق شامل لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة أمر بعيد على ما يبدو.

حماس امام شعبيتها

في سياق متصل وبعد مرور أسابيع على بدء القتال العنيف بين النشطاء الفلسطينيين واسرائيل في قطاع غزة يبدو أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عقدت العزم على انتزاع تنازلات واضحة قبل أن توقف إطلاق النار، وتتيح هدنة انسانية قصيرة تزامنت مع عيد الفطر لسكان غزة فرصة نادرة للخروج من منازلهم والأماكن التي يحتمون بها وعلى الرغم من الموت والدمار في كل مكان حولهم فإنه لا توجد علامات على المطالبة بإنهاء المعركة، وبعد أن عانوا كثيرا سيرى كثيرون أن تهدئة تعيد غزة الى الوضع الذي كان قائما في ظل الحصار الإسرائيلي والتدابير المشددة التي تتخذها مصر على الحدود بينها وبين القطاع هزيمة يمكن أن تقضي على سمعة حماس المتضررة بالفعل في الداخل.

وقال المحلل السياسي في غزة حمزة ابو شنب إن حماس في مفترق طرق فإما أن تتوقف الآن وتفقد شعبيتها او تستمر وتتحمل ما تستتبعه الحرب من قتال و”شهداء” لتحقيق مطالب الناس في نهاية المطاف، وأضاف أنه يعتقد أن حماس قررت مواصلة القتال، ولدى حماس ما يدعوها (من عدة أوجه) كي تتباهى بمواجهتها مع اسرائيل التي استمرت أكبر كثيرا بكل تأكيد من موجات سابقة من العنف بين الجانبين في 2008/ 2009 وفي عام 2012، وعطلت صواريخ حماس الحياة في أجزاء من اسرائيل مما دفع معظم شركات الطيران الأجنبية الى وقف الرحلات اليها لكنها استأنفتها بعد ذلك بقليل، وحسنت الحركة تكتيكاتها القتالية.

علاوة على ذلك تضررت صورة اسرائيل على مستوى العالم مرة أخرى نتيجة القصف العنيف لغزة، وفيما مضى كانت هذه الإنجازات ستكفي كي تعلن حماس انتصارها وتوافق على وقف لإطلاق النار، لكن الزمن تغير فحماس تواجه عزلة داخل العالم العربي وأزمة مالية أضرت بشعبيتها، وتحتاج حماس الى أن تظهر للشعب أنها حققت نتائج ملموسة من صراع كلف الكثير من الفلسطينيين أرواحهم، وقال مسؤول كبير في حركة حماس طلب عدم نشر اسمه “عقدنا العزم على الاستمرار لحين تنفيذ كل مطالبنا”، واضاف “نتألم لفقد الكثير من المدنيين، أكثر من ألف من الأبرياء لكن أرواح الشهداء لن تضيع هباء، يجب رفع الحصار الذي أودى بأرواح كثيرين من قبل”، وبينما تقول اسرائيل إنها قتلت أكثر من 200 من مقاتلي حماس فإن هيكل القيادة للحركة يبدو متماسكا فهي مازالت تطلق الصواريخ على اسرائيل يوميا وإن كان بمعدل أقل.

وتقول اسرائيل إن حماس أشعلت الصراع عبر إطلاق الصواريخ بلا توقف من غزة، جاء هذا بدوره بعد حملة اعتقالات على مدى شهر لمن يشتبه أنهم من أعضاء الحركة في الضفة الغربية المحتلة بعد مقتل ثلاثة شبان اسرائيليين اختطفوا من مستوطنة يهودية وهي جريمة حملت اسرائيل المسؤولية عنها لحماس، وتقول اسرائيل إنها لا تتعمد استهداف المدنيين وإن حملتها على غزة تهدف الى وقف الهجمات الصاروخية وتدمير شبكة الأنفاق التي يستخدمها النشطاء على الحدود بين غزة وإسرائيل، ويقول سكان غزة الذين ضاقوا ذرعا بالاختباء من الضربات الجوية وأصابهم الذهول لرؤية أحياء بأكملها دمرها القصف إن إخلاصهم “للمقاومة” المسلحة لا يزال قويا ويتهمون اسرائيل بمعاقبة المدنيين للضغط على حماس.

وعلى الرغم من إحساس البعض بالغضب بلا شك من إدارة حماس لغزة فإنهم لا يعبرون عن هذه المشاعر في أوقات حساسة مثل هذه، وقال احمد رمضان الذي وقف وسط أنقاض المنازل في شمال غزة “نريد أن يضرب 100 صاروخ تل ابيب في وقت واحد للرد على هذه المذابح”، وأضاف “النصر قريب، بعد خنقنا لكل هذه السنين نعلم أن حصار غزة سينكسر”، وبذلت الولايات المتحدة والأمم المتحدة جهودا دبلوماسية مكثفة مع القوى الإقليمية لكنهما فشلتا في تحقيق وقف مقترح لإطلاق النار مدته أسبوع يهدف الى كسب الوقت لإجراء محادثات بشأن تخفيف الحصار وتنفيذ طلبات اسرائيل.

ورفضت الحكومة الاسرائيلية الفكرة وأظهرت تصريحات سربها مسؤولون غضبا مما اعتبروه رضوخا أمريكيا لمطالب حماس، وتقول مصادر من حماس إن الحركة كانت تميل لقبول بنود الهدنة، ومن أسباب جمود الموقف العداوات التي تكونت جراء الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي عام 2011 وأدت الى تشكيل معسكرين متنافسين في المنطقة، فقد ساندت قطر وتركيا أول المستفيدين من هذه الانتفاضات وهي جماعة الاخوان المسلمين التي تتبنى حماس فكرها بينما ترفض مصر ومعظم دول الخليج وحركة فتح جماعة الاخوان ولا تثق في حماس، وعزلت قيادة الجيش المصري الرئيس المنتمي لجماعة الاخوان محمد مرسي العام الماضي إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه ودمر مئات من أنفاق التهريب على الحدود بين مصر وغزة والتي كانت شريان الحياة لغزة وحماس على حد سواء. بحسب رويترز.

ونتيجة لهذه الخطوة اشتدت وطأة الحصار الذي تفرضه اسرائيل منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، في حين اقترحت مصر وقفا فوريا لإطلاق النار في 14 يوليو تموز ووعدت بتخفيف القيود على معبر رفح دون ذكر تفاصيل قالت حماس إنه لم يتم التشاور معها ورفض جناحها العسكري الخطة بوصفها “مبادرة ركوع وخنوع”، ووافقت اسرائيل على المبادرة بحماس، وحين انهارت جهود مصر برز دور قطر في الوساطة ودافعت عن حماس مطالبة بتغيير أساسي في الموقف في غزة، وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية “طلبات الاخوة الفلسطينيين هي طلبات عادلة وهى تعتبر الحد الادنى لطلبات العيش الكريم، ما هو المطلوب الان في غزة هو تطبيق اتفاقية 2012 واتفاقية 2011، ايجاد ميناء تجارى لأهل غزة ليستطيعوا ان يعتاشوا، استغلالهم لمياههم الاقليمية الى 12 ميلا بحريا وهذا حق لهم، السماح لهم بالحصول على رواتبهم من السلطة هي مطالب مشروعة وتعين اهل غزة على حياتهم”.

واستخدم العطية نبرة تصالحية عند حديثه عن مصر وقال إن بعد فشل الجهود الدبلوماسية الأمريكية فإن مسؤولية التوصل الى هدنة تقع على عاتق القاهرة، وقال إن قطر تعتبر دور مصر مهما وضروريا وإنها يجب أن تكون في صدارة هذه القضية، وحددت حماس عددا من الشروط من أجل عقد هدنة منها الإفراج عن سجناء ألقي القبض عليهم مؤخرا في الضفة الغربية، لكن أقرب حلفائها وهي حركة الجهاد الإسلامي أوضحت أن القضية الرئيسية هي القيود على الحدود، وقال زياد نخلة نائب الأمين العام لحركة الجهاد إن الحركة منفتحة على المقترح المصري لكنها تسعى الى تحسينه وتعديله حتى يشمل إنهاء الحصار، وقال لإذاعة القدس إنه لم يتبق سوى ايام على إنهاء المعركة وإن السحب ستنقشع وسيشهد الفلسطينيون النصر.

وفي معظم الأحيان تبتعد حركة الجهاد عن الصراعات السياسية وهي لا تجازف بفقد مكانتها بعد ظهور نتيجة المعركة على عكس حماس التي تدير القطاع على الرغم من اتفاق الوحدة الذي وقعته مع فتح في ابريل نيسان، وقيادات حماس موزعة بين السجون الاسرائيلية وغزة ومصر وقطر كما أن جناحها العسكري يبدو أقل حرصا على الحديث عن هدنة، لكن الحركة لاتزال تشكل جبهة موحدة على الرغم من تعدد قياداتها، وقال مصدر بالحركة إن ساستها يركزون على المحادثات بينما يحرس مقاتلوها الخطوط الأمامية، وأضاف المصدر أن القيادة السياسية “ليست مضطرة للتواصل مع الجناح العسكري طول الوقت، لها مطالب وحين تنفذ يمكن إجراء مناقشات، في الوقت نفسه يقوم المقاتلون بما يجيدونه وهو القتال”.

مذبح القصف الإسرائيلي

من جهتها قالت وزارة الصحة في غزة إن قصفا إسرائيليا أدى إلى مقتل 15 فلسطينيا على الأقل كانوا يحتمون في مدرسة تديرها منظمة تابعة للأمم المتحدة و17 اخرين قرب سوق مع عدم ظهور أي هدنة في الأفق، وقرر مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر المعني بالشؤون الأمنية مواصلة الهجوم في القطاع، وقالت وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن نحو 3300 فلسطيني بينهم الكثير من النساء والأطفال كانوا يحتمون بالمدرسة في مخيم جباليا للاجئين لدى تعرضها للقصف وقت الفجر تقريبا.

وبعد ان تفقد ممثلو الوكالة الموقع وفحصوا الشظايا والحفر التي أحدثها القصف والأضرار الأخرى أصدر المفوض العام للأونروا بيير كرينبول بيانا قال فيه “تقديرنا المبدئي هو أن المدفعية الإسرائيلية هي التي ضربت مدرستنا”، وتناثرت الدماء على الأرض وعلى الحشايا داخل فصول مدرسة جباليا الأساسية للبنات وأخذ بعض الناجين يجمعون أشلاء الجثث وسط الحطام لدفنها، وقال كرينبول في بيانه “أدعو المجتمع الدولي إلى القيام بتحرك سياسي دولي مدروس لوضع نهاية فورية لهذه المذبحة المستمرة”، وقالت وزارة الصحة في غزة ان عدد القتلى في المدرسة 15 بالإضافة إلى أكثر من 100 مصاب، وقالت الأمم المتحدة إن 16 شخصا قتلوا في الهجوم، وذكرت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي أن نشطاء أطلقوا قذائف مورتر من مكان قريب من المدرسة وإن القوات الإسرائيلية ردت على النيران، وأضافت أن الحادث ما زال رهن للتحقيق. بحسب رويترز.

وقال الجيش إن ثلاثة جنود إسرائيليين قتلوا عندما انفجرت قنبلة كانت مخبأة عند مدخل نفق كانوا قد اكتشفوه في منطقة سكنية في جنوب قطاع غزة، وقالت الأونروا إنها عثرت على مخبأ للصواريخ في مدرسة اخرى تديرها في قطاع غزة وهي الواقعة الثالثة من نوعها منذ بدء الصراع، ونددت المنظمة بفصائل مسلحة لم تسمها لتعريض حياة المدنيين للخطر، وقال كرينبول إن الوكالة أبلغت الجيش الإسرائيلي 17 مرة بالموقع المحدد للمدرسة وإنها تؤوي آلاف النازحين وكان اخرها قبل ساعات فقط من القصف المميت، وندد الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون متحدثا في كوستاريكا بالقتل، وقال “هذا فظيع، لا مبرر له، ويتطلب مساءلة وعدالة”.

وفي البيت الأبيض قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برناديت ميهان “نشعر بقلق بالغ لأن آلاف الفلسطينيين النازحين داخليا والذين طالبهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم ليسوا في أمان في ملاجئ حددت بانها تابعة للأمم المتحدة في غزة”، وأضافت “ندين أيضا المسؤولين عن اخفاء أسلحة في منشآت تابعة للأمم المتحدة في غزة”، وفي حادث منفصل قالت وزارة الصحة إن قصفا إسرائيليا قتل ما لا يقل عن 17 شخصا وأصاب نحو 160 اخرين قرب سوق للفاكهة والخضراوات في حي الشجاعية الذي يتعرض لقصف عنيف والواقع على الأطراف الشرقية لمدينة غزة، وقال شهود عيان إن الحشد تجمع لرؤية محطة بنزين تعرضت للقصف في وقت سابق وكانت النيران تشتعل بها من على بعد، ولم يصدر الجيش الإسرائيلي اي تعليق فوري، وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس إن المذبحة تتطلب ردا مزلزل.

وقالت وزارة الصحة في غزة ان عمال الإنقاذ انتشلوا 20 جثة أخرى في أجزاء مختلفة من غزة ولم يتضح هل قتل الأشخاص العشرون جميعا، وأعلنت وزارة الصحة في غزة ان 1346 فلسطينيا معظمهم مدنيون قتلوا منذ بداية الهجوم في الثامن من يوليو تموز بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية عبر الحدود والتعامل مع شبكة انفاق حماس، وقتل 99 فلسطينيا في يوم فقط.

وتقول الأمم المتحدة إن القصف الإسرائيلي خلال الأسابيع الثلاثة الاخيرة دمر أو ألحق أضرارا جسيمة بأربعة آلاف منزل فلسطيني وعشرات المدارس ونحو 24 منشأة صحية، وقالت الأمم المتحدة إن نحو 240 ألف شخص في قطاع غزة لجأوا للحماية في مدارس تابعة لها أو مع أقارب أو أصدقاء، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن غزة أصبحت “منطقة كارثة إنسانية” وحث الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية على الاضطلاع بمسؤوليتها في تلبية احتياجات الفلسطينيين في القطاع المحاصر.

وقال عباس في رسالة إلى بان حسبما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا “إنني أدعوكم لتحمل مسؤولياتكم على النحو المبين في ميثاق الأمم المتحدة وخاصة المادة 99 منه وتطبيقها على حالة الطوارئ الإنسانية في قطاع غزة”، وأضاف قوله إنه يدعو إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة والمتاحة للوقوف على الاحتياجات الملحة واستخدام كافة الأدوات المتاحة داخل منظومة الأمم المتحدة لتقديم الإغاثة والمساعدة اللازمة للشعب الفلسطيني، ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومجلس الأمن الدولي الى هدنة فورية تتيح وصول قوافل المساعدات إلى 1.8 مليون فلسطيني يعقبها مفاوضات بشأن وقف مستمر للأعمال القتالية، ووسط اراقة الدماء قالت سويسرا إنها تستطلع امكانية عقد مؤتمر للسلام بالشرق الأوسط في وقت لاحق هذا العام بعد طلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

شروط الهدنة

فيما تتداعى هدنة هشة في قطاع غزة قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن دعوة الامم المتحدة لوقف اطلاق النار تتجاهل الاحتياجات الامنية لبلده، وقال مسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية أصابت حديقة في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال غزة مما أدى إلى مقتل ثمانية أطفال وشابين في نهاية على ما يبدو لتهدئة للقتال خلال عطلة عيد الفطر، وقال شهود عيان إن انفجارا آخر زلزل أرض مستشفى الشفاء دون ان يتسبب في أي إصابات، من ناحية أخرى قال مسعفون إسرائيليون إن قصفا فلسطينيا بالمورتر من قطاع غزة أدى إلى مقتل أربعة أشخاص في جنوب إسرائيل، وقال رئيس خدمة ماجين دافيد أدوم للإسعاف في تصريح لراديو الجيش إن عددا من الناس أصيبوا في الهجوم ونقلوا إلى المستشفيات.

وقالت القوات الاسرائيلية انها ستطلق النار فقط اذا تعرضت لإطلاق النار فيما يرصد مهندسو الجيش أنفاق المتسللين من الحدود الشرقية لقطاع غزة، وهم يتهمون الفلسطينيين بإطلاق 17 صاروخا عبر الحدود لم تسبب أذى، وقال مسؤولون فلسطينيون إن سبعة اشخاص بينهم خمسة على الاقل من القصر قتلوا في الضربات الإسرائيلية، وكان قادة حماس التي تسيطر على غزة قد دعوا الى وقفة في القتال قبل بدء عطلة عيد الفطر، لكن اسرائيل تخلت عن عرضها بتمديد هدنة مدتها 12 ساعة.

وتصاعدت الضغوط الخارجية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حيث دعا كل من الرئيس الامريكي باراك اوباما ومجلس الامن الدولي الى وقف فوري لإطلاق النار يسمح بوصول قوافل المساعدات الى 1.8 مليون فلسطيني يعقبها مفاوضات بشأن وقف مستمر للإعمال القتالية، وتطالب اسرائيل بضمانات تفيد بأنه سيتم تجريد حماس من الانفاق ومخزونات الصواريخ، وهي تشعر بالقلق من ان الحركة الاسلامية ستستثمر محادثات الهدنة التي توسط فيها اصدقاء في قطر وتركيا لتخفيف الحصار الاسرائيلي والتدابير الامنية المشددة التي تفرضها مصر علي الحدود مع غزة، وإتهم نتنياهو الذي تحدث الى الامين العام للأمم المتحدة بان جي مون مجلس الامن بالانحياز الى جانب حماس.

وقال نتنياهو “البيان، يتعلق باحتياجات جماعة ارهابية قاتلة تهاجم المدنيين وليس لديه رد على الاحتياجات الامنية لإسرائيل -ومن بينها نزع سلاح قطاع غزة”، ونقل مكتب نتنياهو عنه قوله “اسرائيل قبلت مقترحات الامم المتحدة بهدنة انسانية وحماس انتهكتها جميعا”، وفي نيويورك شجب بان ما وصفه بأنه افتقار للإرادة لدى كل الاطراف في الصراع، وقال للصحفيين “انها مسألة ارادتهم السياسية، يجب عليهم ان يظهروا انسانيتهم كزعماء سواء الاسرائيليين أو الفلطسينيين”، وقال “لماذا يدع هؤلاء الزعماء شعبهم يقتل بأيدي آخرين، انها قيادة غير مسؤولة، وهذا خطأ أخلاقي”، وكان المسؤولون الاسرائيليون أكثر تكتما بشأن المحادثة الهاتفية بين أوباما ونتنياهو التي بدا ان الرئيس الامريكي يربط فيها بين أي نزع للسلاح في غزة وبين اتفاق سلام مع الفلسطينيين لا يبدو في الافق.

وتجنب وزير الشؤون الاستراتيجية في اسرائيل يوفال شتاينتز الافصاح عما اذا كانت حكومة نتنياهو قد تتحدى حليفها الامريكي برفضها هدنة اخرى بنفس الشروط، وقال “سيتعين علينا ان نفكر في كل شيء، لن أخوض في تفاصيل في هذا الشأن”، واشار الاسرائيليون الى انهم يفضلون وقفا متبادلا فعليا في القتال وليس اتفاقا يحفظ لحماس ترسانتها ويعزز الوضع من خلال تحسين الاقتصاد المتعثر في غزة، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال موتي ألموز لراديو اسرائيل “تسري الآن هدنة غير محددة الاجل، إن جيش الدفاع الإسرائيلي يحق له الهجوم بعد أي إطلاق للنار حال حدوثه”، وأشار سكان غزة الى قصف اسرائيلي في شرق وشمال غزة وقالت وزارة الصحة إن شخصين أحدهما طفل في الخامسة قتلا في إحدى هذه الهجمات، وقالت متحدثة إنها ستتحرى عن هذا الحادث. بحسب رويترز.

وقال جبريل جنيد والد الطفل إن إبنه سامح كان يلهو مع اولاد عمه عندما انطلقت طلقة من جانب القوات الاسرائيلية التي تعمل على مشارف مخيم جبالايا وهو أكبر مخيم للاجئين في شمال غزة أصابته وسقط على الارض وهو ينزف، وقال الاب فيما قامت والدة الطفل ومشيعون آخرون بتقبيل وجنتيه قبل دفنه “في يوم العيد أنا فخور بأنني ضحيت بابني من اجل انتصار المقاومة وانتصار ارادة الشعب الفلسطيني”، وقال الجناح المسلح لحركة حماس إنه قتل جنديين إسرائيليين في شمال القطاع، في حين قالت متحدثة باسم الجيش الاسرائيلي إن جنديا جرح فقط ونفت علمها بوقوع أي وفيات، وقال عدد من سكان غزة إنهم تلقوا رسائل مسجلة باللغة العربية على هواتفهم تخاطب حماس بالقول إنه اذا ما زالت الحركة حية عليها أن تعلم أن الجيش الاسرائيلي سيرد بعنف اذا ما استأنفت هجماتها.

كما ألقت الطائرات الاسرائيلية منشورات على غزة تورد أسماء العشرات من المسلحين من حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي قال الجيش الاسرائيلي إنهم قتلوا منذ بدء العملية العسكرية، وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة العاشرة ان غالبية كبيرة من الاسرائيليين تؤيد استمرار الهجوم على غزة الى ان يتم “نزع سلاح” حماس، وقال زياد النخالة نائب الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي ان الوساطة حققت تقدما وان الحركة تعمل مع مصر للتوصل الى اتفاق، وقال لراديو القدس التابع للجهاد الاسلامي انهم على بعد أيام من نهاية المعركة وان السحب ستتبدد وسيرى الفلسطينيون الانتصار، وأضاف أنهم لن يقبلوا بأي شيء آخر دون إنهاء الحصار، وزار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المنطقة في محاولة لوقف نزيف الدم وسهلت مصر وتركيا وقطر والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يدعمه الغرب اتصالاته مع حماس التي تقاطعها واشنطن رسميا.

وربط أوباما على ما يبدو مطلب اسرائيل الأساسي بتجريد حماس من الصواريخ التي تعبر الحدود والأنفاق باتفاقية سلام مع الفلسطينيين ليس لها مكان في الأفق الدبلوماسي، وفشلت المفاوضات المتكررة التي تقودها الولايات المتحدة على مدى 20 عاما في التوصل الى اتفاق دائم، وانهارت أحدث جولة من المفاوضات في ابريل نيسان حيث الفلسطينيون غاضبون من بناء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة والاسرائيليون في أشد الغضب من ان عباس شكل حكومة توافق مع حماس.

وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية إن اسرائيل لم تحترم وقف اطلاق النار الذي أنهى حرب عام 2012 وان الوقت حان لرفع الحصار عن غزة، وقال “كدنا مع وزير الخارجية الامريكية ان نصل الى نتائج ملموسة وجيدة والاخوة في حماس عملوا بروح ايجابية جدا ولكن من الذى رفض ورقة كيري، إنها اسرائيل”، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة إن أكثر من 167 ألف فلسطيني نزحوا إلى مدارسها ومبانيها بعد دعوات إسرائيل المتكررة للمدنيين بأخلاء أحياء كاملة قبل العمليات العسكرية.

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق