داعش “.. موسم الهجرة الی الشمال!
مروة ابو محمد –
عندما سقطت الموصل بید برابرة ” داعش “، كان هناك فریقان من مكونات الشعب العراقي، أو بتعبیر أدق من مكونات النخب السیاسیة العراقیة، فرحین بما حصل ویحاولان استثماره لصالحهم.. وهؤلاء هم: الاكراد والعرب السنة!
نعم، سقطت الموصل بید ” داعش ” لكن الجرح كان عراقیاً، تحمل أعباءه أهل الجنوب بالدرجة الاولی، فمن جهة تحول النصر الداعشي الی مذبحة لشباب الجنوب في ( بادوش ) و( سبایكر ) ولمجازر بحق اخوتهم في المذهب في تلعفر وبشیر وطوزخرماتو وبلد، فضلا عن الحصاد الیومي في بغداد والحلة وغیرها بالمفخخات والعبوات…
نعم كان جرحاً عراقیاً بكل معنی الكلمة تتحمل الحكومة ذله ویتحمل أهل الجنوب تبعاته من دماء أبناءهم.. لكن حینها كان بعض “شركاء الوطن” یفكرون بالتمدد في المناطق المتنازع علیها وبالتعاون مع ” داعش ” التي قال بعضهم أنها رفعت الضیم عن ” أهلنا ” في المحافظات المنتفضة!!
لكن صلابة الموقف المستند الی فتوی المرجعیة، أنقذ الموقف وأعاد الوضع الی جادة الصواب، فتدفق المجاهدون نحو ساحات الوغی واستیقض الذین أسكرتهم نشوة الاحتلال والتمدد.. وتغیر كل شئ!
اصبحت “داعش” تبحث عن مخرج لازمة تصریحاتها وظهر للجمیع عدم قدرتها في التقدم نحو بغداد كما قالت، وتبین لها ان بغداد عصیّة اكثر مما تتصور، والحرب النفسية ومحاولات ارعاب الناس فيها لم تجد نفعا، وأنه لایمكن ان تكون بناتها ونسائها سبياً كما حصل في حواضن ” الثوار” وان جهاد النكاح لا یقع في كل مكان، بل له أهله ومدنه وبوادیه الخاصة، مع جل احترامنا للشرفاء من ابناء نینوی وصلاح الدین والانبار…
وكان علی بعض المتحالفین مع الدواعش، من امثال علي حاتم السلمان ان یحلق “شواربه ” كما وعد بذلك من قبل، خاصة وان مدّت الـ 48 ساعة انتهت منذ اسبوع او اكثر!
أما مكون التمدد والانفصال، فان قراره السئ بالتخلي عن بلاده وتركه المكون الجنوبي وحليفه التاريخي الحقيقي في مواجهة الارهاب لوحده، فقد كلفه الكثیر، فصار نصیبه أعباء النازحین وتدهور الوضع الاقتصادي، رغم كل الوعود التي قطعت له من قبل تركیا وحلفاءه في الاردن الذین لایزال یؤویهم ولايزالون هم یهددون باسقاط العملیة السیاسیة في العراق.. عفواً من حق السید مسعود بارزاني ان لایقلق علی ذلك، لانه اختار الانفصال!
وداعش التي تبحث عن المال لتسییر أمور دولة الخلافة التي أعلنتها ما كانت لتترك انبوب النفط الذي یربط شمال العراق بمیناء جیهان التركي والذي یمر بالقرب منها، ولا كانت لتترك منشآت سدّ الموصل ومياهه التي يصل تهديدها حتى بغداد، ولا منفذ ابراهیم الخلیل الذي يدر مئات الملايين من الدولارات سنوياً على الاقليم وتسبب بنزاعات حتى بين الاشقاء الاكراد انفسهم.. فجمیع ما ذكرناه یمثل اغراءات كبیرة للدواعش..
یضاف الی ذلك ان ” داعش ” ترید ان تغطي علی فشلها في مواجهة الحكومة العراقیة المدعومة بفتوی المرجعیة والمسنودة من ( ایران وروسیا ) فكانت قوات البیشمركة اللقمة السائغة التي أمامها، وهي تعلم ضعف تدریبها وتسلیحها… فسقطت قلاع الآسايش والاشاوس الذي كانوا یسخرون من الجنود العراقیین لأنهم خسروا معركة الموصل أمام داعش، وأضحی الباحثون عن السبي علی بعد 30 كیلومترا من عاصمة الاقلیم وقلعة السید بارزاني بعد ان سبوا نساء جماعته المسيحيين والايزديين في سنجار ومخمور وبعشيقة، وقد أربيل بدت غیر محصنة خلافا لما كنا نتصور؟!
أما مسعود بارزاني الذي له سجل سابق في التحالف مع صدام حسین ضد شریكه في حكم كردستان عام 1996 فقد عاد الی نفس ” اللعبة ” وطلب من “دكتاتور” الحكومة المركزیة التي كان یقول ان كل مشاكل العراق منها، المساعدة.. فلم يبخل علیه حاكم بغداد بالاسناد الجوي والسلاح والعتاد، دون ان تدخل دباباته الاقليم كما حصل مع الدكتاتور السابق قبل 18 سنة مضت، حتی انه سلم قوات البيشمركة مروحیات قتالیة.. فضلا انها لم تطلب منهم تسلیم الاسلحة التي سرقوها من معسكرات الجیش العراقي في الموصل وكركوك..!!
وحسنا فعلت داعش!! فقد بینت لنا مواطن الخلل وأعادة بعض الذین انتتفخوا في السلطة والمعارضة والاقلیم الی بعض حالتهم الطبیعیة.. لیعلموا ان فوق كل ذي علم علیم وأن يد الله فوق ايديهم..!
أن موسم هجرة ” داعش ” نحو الشمال یجب أن یستثمر.. أولا، بتنظیف الوسط وحزام بغداد منها، وثانياً، بمحاصرتها ووضعها بین فكي كماشة ونصف طوق محكم يدفعها نحو الصحراء، وثالثاً، يجب أن يستغل الحدث لرأب الصدع مع الاكراد، خاصة وان مسعود هو الذي اتصل ببغداد و”مام جلال” عاد الی أرض الوطن ولابد من احتفال وترحيب في بغداد!