المسلمون بين رحمة الإختلاف و نقمة التكفير
ماجد حاتمي –
لو افترضنا ان الوهابية التي تدين بها كافة المجموعات الارهابية كعقيدة ، هي فكرة صحيحة وان معتنقيها هم من “الفئة الناجية” ، ترى هل يحق لاتباع هذا المذهب ان يحملوا الناس على اتباع مذهبهم بحد السيف؟ ، وهل يمكن اقناع الناس بهذا المذهب “الناجي” بهذا الشكل العنيف والقاسي؟، وهل يمكن ، ونحن نعيش القرن الحادي والعشرين ، ان نقنع الناس بالسيف بفكرة او عقيدة ؟، من الممكن ان نصنع قالبا لشيء مادي نستنسخ منه الملايين ، او ان نستنسخ ملايين النسخ لورقة كتبت عليها فكرة ما ، ولكل هل يمكن ان استخدام هذه الالية مع الانسان وخاصة في القضايا العقيدية والدينية والفكرية ؟، وقبل كل هذا وذاك ما الضير في وجود المذاهب في الاسلام ، كما هي موجودة في الاديان السماوية الاخرى ؟، ما الضير بوجود قراءات متعددة للاسلام ، تعكس فهم البشر لهذا الدين العظيم ، دون ان تخرج هذه القراءات عن اركان وثوابت ومبادىء الاسلام؟، ترى اي مذهب من المذاهب الاسلامية المتعددة ، يمكن ان يحتكر حقيقة الاسلام ويدعي انه يمثل الاسلام كما انزل ، وانه الوحيد المتحدث الرسمي باسم هذا الدين ، وان كل ما يقوله هو ما قاله الله سبحانه وتعالى وما قاله نبيه الكريم صلى الله عليه واله وسلم ، بالضبط ودون زيادة او نقصان ؟، وهل المذاهب الاسلامية سوى مساع ومحاولات انسانية لفهم ودرك هذا الدين ؟، هل يجوز شرعا ان يقتل بعضنا بعضا ويكفر بعضنا بعضا ، لاننا نختلف في وجهات نظر انسانية ازاء الدين؟، ومن الذي اعطانا الحق في ان نزهق ارواح مئات الالاف بل الملايين من الناس لانهم يختلفون معنا على فهمنا للدين؟، هل نحن انبياء او اولياء معصومون لكي نجسد ارادة السماء؟.
ان وجود الاختلاف بين الناس هو ارادة الهية وحكمة ربانية ، صدح بها الحق تعالى في كتابه الكريم:”ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” ، هذه الحقيقة الازلية الابدية في طبيعة البشر ، اكد عليها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم ولنا وللناس جميعا ، وهو يرى حزن نبيه (ص) على كفر بعض الناس وعدم ايمانهم بما نزل عليه من الحق، بل ان الله سبحانه وتعالى نهى نبيه الكريم عن استخدام الغلظة لحمل الناس على دخول الاسلام ، بل على العكس تماما امره ان يتلمس كل اساليب اللين والخطاب المنطقي في التعامل معهم ، حيث يقول عز من قائل
: “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.
هناك حديث مأثور للنبي (ص) ، ذكرته كتب الحديث على اختلافها ، لكنه ضُعف من قبل اصحاب الفكر الاقصائي لانه يفسد عليهم عقيدتهم التكفيرية ، حيث يقول نبي الرحمة : “اختلاف امتي رحمة” ، حديث معجز لان قائله تنبأ بما سيعانيه المسلمون من بعده ، من قبل اصحاب القراءات التكفيرية والاقصائية والمتزمتة ، فاراد بذلك قطع طريق احتكار الاسلام عليهم ، واراد ايضا ان يذكر المسلمين ان الاختلاف ليس دائما نقمة ، بل هو في احيان كثيرة نعمة ، بل وشيء صحي وحيوي للدين واتباع هذا الدين ، لانه ، وهو النبي الخاتم والمسدد من السماء ، كان يتمنى قبل غيره ان يؤمن الناس جميعا ، فجاءه الخطاب الالهي ، فكان فصل الخطاب:”إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء”.