ماذا يختبئ داخل سرتك؟
أثر واحد يذكر الإنسان بالأشهر التسعة التي كان قد أمضاها في رحم أمّه: السرّة. يتساءل بعضكم عن سبب وجودها، أسباب الروائح التي تصدر عنها، وظائفها، وماذا يختبئ خلفها.
وجدت مجموعة من باحثي جامعة Caroline الأميركية في دراسة لها نشرت في مجلّة Plos One أنّ سرّة الإنسان تحتوي على البكتيريا. فقد تمكن الباحثون من استخلاص 2368 نوعاً من البكتيريا من سرّة 60 متطوّعاً! والمدهش أكثر أنّ هذه الأنواع تختلف من إنسان إلى آخر، فلم يتمكن الباحثون من تحديد سوى ثمانية أنواع مشتركة من البكتيريا لدى 70% من المتطوّعين الستين وأسباب التنوع هذه ما زالت مجهولة حتى كتابة هذه السطور.
كما تبيّن عبر دراسة أخرى نشرت في الـ International Journal of Design and Nature and Ecodynamics أن للسرّة تأثير على الأداء الرياضي. فقد أثبت باحثو جامعة ديوك Duke University الأميركية من خلال هذه الدرسة أنّ السرّة تعتبر مركز الثقل في جسم الإنسان وتتواجد في المنطقة التي تحدد 56% من طوله. هذا ما يفسر سبب تفوّق السود على البيض في الركض وتفوّق البيض على السود في السباحة. بمعنى آخر، موقع السرّة في جسم الإنسان وليس طول الإنسان، هو الذي يحدد أداءه الرياضي. فعند الأفريقيين، تقع السرّة في منطقة أعلى من سرّة الأوروبيين بثلاث سنتيمترات وذلك بفضل ارتفاع أرجلهم وطولها، ممّا يجعلهم أكثر سرعة من البيض في الركض. بينما أثبت أنّ البيض في المياه يتفوقون على السود في السباحة وذلك لأنّ أجذاع أجسامهم أطول، ما يفسر سبب وجود سرّتهم في مكان أدنى من الأفريقيين.
وفي حديث مع “النهار”، يوضح اختصاصي التوليد والجراحة النسائية ومعالجة العقم في مستشفى الروم، جوزف غانم، أنّ السرّة هي أثر حبل السرّة الذي كان مفيداً أثناء الحمل: فينقل حبل السرة الدم والأوكسيجين والعناصر المغذيّة من الأم إلى الجنين. كما يمكن الكشف من خلاله عن حالة النقص في الدم أو الغذاء الذي يؤثر في الطفل عبر فحص الـ vélocimétrie du sang. أضف إلى ذلك استخلاص الخلايا الذكية أو الـ smart cells منه، والتي يتمّ وضعها في بنوك خاصة كي تستعمل لاحقاً في علاج قد يحتاج إليه الفرد. (يرجى مراجعة أسفل الصفحة)
أما بالنسبة إلى احمرار السرّة والروائح التي قد تصدر منها، فهي بحسب غانم، دليل على التهاب ناجم عن تراكم الباكتيريا في السرّة. وفي حال ملاحظة إفرازات من السرّة، يصبح من الضروري إجراء الزرع للتأكّد من أسباب هذه الإفرازات، ويكون العلاج بالتالي مرتبطاً بنتيجة الزرع. ويشير الدكتور غانم أنّ الآفات المسببة للأمراض على صعيد البشرة سببها عموماً الـ Staphylococcus aureus
الخلايا الذكية:
يوضح موقع الـ eurostemcell الذي يضمّ 90 مختبراً أوروبياً مخصصين بإجراء بحوث عن الخلايا الذكية أنّ سابقاً كان يتمّ التخلّص من دم الحبل السري، لأنّه لم يكن في حينها أيّ فائدة له. إنّما، وابتداءً من العام 1989، بدأ استعمال دم الحبل السري لمعالجة الأولاد من أمراض الدم، ومازالت البحوث مستمرّة حتى اليوم لمعرفة كيفية استعماله في معالجة البالغين أيضاَ. فيتمّ بعد ولادة الطفل تجميع الدم من الحبل السري والمشيمة دون أن يشكل ذلك أيّ خطر على صحِة الأم والمولود. إنّ الـsmart cells التي يتمّ استخلاصها ليست سوى الخلايا الجذعية الجنينية المتواجدة في نخاع العظام وهي قادرة على إنتاج جميع أنواع خلايا الدم: الكريات الحمراء، الكريات البيض والـplaquette، كما وأظهرت دراسات أخرى أنّ الخلايا الجذعية الجنينية تحتوي أيضاً على خلايا الجهاز العصبي، غير أنّ هذه الفرضية لا تزال مثار جدل في عالم الطب حتى اليوم. البحوث مستمرّة حتى كتابة هذه السطور لمعرفة ما إذا كانت الخلايا الذكية قادرة على معالجة أمراض مختلفة من أمراض الدم.
طباعة الخبر
ارسال الخبر الى صديق