التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

بعد مؤتمر باريس.. هل سيكون العراق مقبرة داعش؟ 

محمد علي جواد تقي –

  في سياق الحرب على الارهاب، هنالك من وصف العراق بانه “بوابة الحرب على الارهاب”، وقبله صدر وصف البلد بانه سيكون “مقبرة لداعش”.. وبموازاة ذلك نشهد الحشد الدولي المنقطع النظير ضد هذا التنظيم الارهابي، حيث اعلن وزير الخارجية جون كري أن “40 دولة في العالم أبدت استعدادها للمشاركة في الحرب على داعش”.

قبل ان يذهب المدعوون الى باريس للمشاركة في المؤتمر الدولي حول الارهاب، تحت عنوان “المؤتمر الدولي حول السلام والأمن في العراق”، كانت واشنطن قد أعدت “خارطة طريق” نحو الهدف المنشود، فقد نقلت المصادر عن كيري، انه حدد الاطر العامة لانماط المشاركة لعدد من الدول، مثل استراليا التي تشارك بمقاتلاتها الحديثة طراز “أف 18” وطائرات الاستطلاع، فيما تقوم بريطانيا بتسليح قوات البيشمركة، فيما تشارك المقاتلات الفرنسية مثيلاتها الامريكية بعمليات القصف الجوي لمواقع “داعش” شمال العراق، وهولندا تتخذ اجراءات للحد من تدفق المقاتلين الاجانب الى صفوف “داعش”، وتفعل تركيا الشيء نفسه – حسب الوصفة الامريكية طبعاً- بأن تتخذ بعض التدابير للحد من تدفق الاموال والعناصر الارهابية الى سوريا ومنها الى العراق.

أما الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، فان مشاركتها ستكون على شكل تدريب مقاتلي المعارضة السورية التي يفترض ان تخوض قتالاً في جبهة اخرى ضد “داعش”، فيما تكتفي الاردن التي ما برحت تعرب عن مخاوفها من المشاركة في هذه الحملة المجهولة العواقب حالياً، بالمشاركة المخابراتية!. بأن توفر المعلومات الاستخباراتية  المتوفرة لديها في سجلات المخابرات الاردنية عن عناصر وقادة ومنظري التنظيم.

تبقى الارض عراقية، كما أن طرفي الحرب في داخل العراق هم عراقيون – على الاغلب- ما خلا عدد من العناصر الارهابية الوافدة من الخارج، حيث تؤكد المصادر أن معظم العناصر الارهابية، هم عراقيون يعتقدون انهم يدافعون عن انفسهم ويطالبون بحقوقهم بهذه الطريقة.

لذا عندما تقع البراميل المتفجرة على مناطق يعتقد انها حواضن للارهابيين في الفلوجة او غيرها – طبعاً هذا قبل وقف القصف- فانه اول المصابين هم الاطفال والنساء والمدنيين، تماماً كما يحصل مع سكان القرى والاقضية الشيعية التي تعرضت خلال الاشهر والسنوات الماضية الى حملات إبادة مريعة بالذبح والقتل الجماعي والتشريد من قبل العناصر الارهابية باكثر من حجة و ذريعة.

هنالك أكثر من رأي في الاسباب الحقيقية خلف صناعة هذه السمة للعراق والعراقيين، ليس اليوم إنما منذ سنوات بعيدة، عندما تم استنزاف هذا الشعب في حروب كارثية مدمرة قبل ان يواجه الابادة على يد تنظيمات تكفيرية وارهابية، من هذه الآراء؛ وجود ارضية لصناعة حالة “المظلومية” من خلال مشاهد المقابر الجماعية او المجازر التي ترتكب ضد الشيعة، وآخرها ما جرى في قاعدة “سبايكر” وايضاً في سجن “بادوش” واماكن اخرى اقتحمها “داعش” وقتل العشرات بل المئات على الهوية ممن كانوا في طريقهم.

وحسب بعض المراقبين وخبراء متابعين، فان هنالك أيادي فاعلة ومتنفذة تخلق أزمات أمنية شديدة الوطأة كما حصل في ناحية “آمرلي” واشباهها، لتكون مادة سريعة الاشتعال امام العناصر الارهابية، لاسيما اذا كانت هنالك مشاهد لآثار الحصار والتجويع التي تطال النساء والاطفال، وحتى حالات للاغتصاب والذبح وغيرها من الفظائع.

وهنالك رأي آخر يقول بحاجة العراق في الوقت الحاضر الى اكتساب المكانة الدولية والاقليمية، مع الاخذ بنظر الاعتبار الموقع الجغرافي الاستراتيجي والمعقد من حيث تقاطع مصالح دول الجوار. وحسب المعطيات الموجودة على ارض الواقع فان الدور الايراني بات في مقدمة الاطراف الاقليمية والدولية المؤثرة في القرار العراقي، سياسياً وعسكرياً وامنياً، وهذا ما لا ترتضيه الدول العربية، في مقدمتها السعودية، كما لا ترتضيه الولايات المتحدة لحدود معينة.. الامر الذي يتعين على العراق، وهو يواجه خطر تنظيم ارهابي معروف المناشئ، أن يخلق نوعاً من التوازن بين مصالح الاطراف الاقليمية، وتحديداً بين ايران والسعودية، وهذا التوازن يتحقق من خلال مهمة “الشرطي” الذي يحافظ على مصالح الجميع في منطقة واحدة.

هذا الواقع المرير يتكرس في الارض مع المساعي الجارية لمحاربة الارهاب حسب ادعاء الاطراف الاقليمية والدولية التي تقول انها هبّت لنجدة العراق في محنته الراهنة، في وقت بقيت الحواضن والمناشئ والادمغة التي أوجدت هكذا تنظيم وهكذا عناصر تعتقد جزماً وبشكل لا يخالطه شك في نفوسها أن الذبح والحرق والقتل الجماعي وحتى الاغتصاب، إنما هو حق شرعي يؤديه وإن قتل فيكافأ بالجنّة!.

من هنا يرى المراقبون في العراق، إن على الساسة العراقيون في حال توفر الارادة الحقيقية لصياغة وضع امني واستقرار اجتماعي وسياسي في البلد، أن يطالبوا بادانة رسمية من كل الدول والاطراف التي ساعدت على نشوء التنظيمات الارهابية بالتمويل والتدريب والتثقيف وايضاً الدعم اللوجستي، وليس فقط الاعراب عن التذمر واللوم الذي نسمعه من هذا المسؤول وذاك بدعم اطراف اقليمية للارهاب او نصحهم بأن “الارهاب سيطالكم ويهددكم…”!. فالذبح والحرق والقتل الجماعي لم يطل أي بلد في المنطقة ما عدى العراقيين. فهل هذا هو قدرهم؟!.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق