أسرار علنية !!
بقلم : عبدالرضا الساعدي –
لست خبيرا عسكريا ، ولست مولعا كذلك بالقضايا والأحداث العسكرية ، ولكن عندما ترغمك ظروف الوطن العزيز أن تكون قريبا ومشاركا وذا دور حتى ولو برؤية أو كلمة في هذا المجال أو ذاك ، ستجد نفسك ، وبدافع الحس الوطني والغيرة أن تقول كلمتك واضحة وبصوت عال : كفى .. كفى استخفافا بأسرار البلد الأمنية والعسكرية ، وبهذه الطريقة المخزية التي راح المحللون والخبراء وحتى الجنود أحيانا ، المساهمة في الإفشاء عنها عن طريق قنواتنا الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى ، وكأنهم يتحدثون عن مسلسل تلفزيوني يستمتعون بسرد أحداثه وتحليله وإعطاء انطباعاتهم وآرائهم للجمهور ، بينما المعارك ما تزال في أوجها ولم تحسم بعد والأمور غامضة على الجميع والناس بحاجة إلى بصيص معنويات ، لتأتي هذه الفضائيات ويأتي المحللون بطريقة وكأنهم يتحدثون عن أسرار وأوضاع بلد آخر،من دون مراعاة لأسس وضوابط الجيش والمعركة ومستلزمات النصر لها ، ومن بينها الحرب النفسية التي بدلا من توجيهها إلى جهة العدو صرنا نراها موجهة للشعب الذي يتابع هذه القناة وتلك الجهة وهذا المحلل وذاك الخبير !
وفجأة اكتشفنا محللون وخبراء فطاحل ، وقنوات تتصل بالجنود مباشرة كي نستمع لنبرات هزيمة من على شاشاتنا الإعلامية ، وبطريقة محزنة ومخيبة للآمال ..
ما الغرض من هذا ؟
ومن هو المستفيد؟
وبالمنطق العسكري والمهني والوطني .. هل يجوز ذلك ؟
نعم يحق للناس ولوسائل الإعلام وكل قطاعات الشعب أن تعرف الحقيقة وما يجري على الأرض ، ولكن ليس بهذه الوسيلة أو تلك من دون ضوابط ، وعلى الجهات المعنية في وزارة الدفاع والداخلية مساعدتنا بالأمر على ذلك ، بدلا من التهرب والتغيب عن ذلك مفسحة المجال بهذا السلوك لكل من هبّ ودبّ لكي يدل بدلوه من دون مراعاة لهيبة الأسرار العسكرية وخطورتها على مستوى النصر أو الهزيمة .. ولكن على ما يبدو أن الحزبية والكُتلية والعقلية الضيقة والمحاصصاتية للسياسيين في البلد هي التي أوصلتنا إلى هذا الحال ..
أقول .. على البرلمان والحكومة أولا أن يكونوا قريبين وواضحين من أجل إيصال الحقيقة ، وحازمين كذلك بهذا الصدد وعدم السماح للمستخفين بأسرار البلد الأمنية والعسكرية ومن الذين جعلوا منها نشرة أخبار علنية للملأ ، وعلى مؤسسات المجتمع المدني وسائر الجهات المدنية أن يراعوا بدورهم ومن خلال التوعية الجماهيرية والثقافية ،هذه القضية ، ومن دون الإخلال طبعا بحقهم في الحصول على المعلومة والحقيقة خدمة للصالح العام.