تركيا في مواجهة داعش… سياسة مبهمة في سلة واحدة
كان موقف تركيا تجاه الازمة السورية واضح منذ البداية، فهم لا يريدون بقاء الأسد في السلطة مهما كان الثمن، وفي سبيل لك قدموا الدعم الكامل للجماعات المسلحة المناهضة للنظام السوري، والتي وصلت لدرجة أكد فيها نائب الرئيس الأمريكي ما ذهبت اليه تركيا بالقوال “مشكلتنا الكبرى كانت حلفاؤنا في المنطقة، الأتراك أصدقاء كبار لنا وكذلك السعودية والمقيمون في الإمارات العربية المتحدة وغيرها، لكن همهم الوحيد كان إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة إلى كل الذين يقبلون بمقاتلة الأسد”.
ويبدو ان تركيا تحاول توضيح موقفها المبهم امام المجتمع الدولي (سيما بعد اتهامها من قبل بعض الأطراف الغربية بالغموض في سياستها تجاه تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف والذي اثار لديها الكثير من الشكوك والربية)، خصوصا مع الاتهامات الأخيرة للحكومة التركية والتي نشرتها وسائل إعلام تركية ادعت بأن أنقرة بادلت رهائنها الذين كان يحتجزهم تنظيم “الدولة الإسلامية” بنحو 180 جهاديا، وبحسب ما ذكرت صحيفة التايمز، أنها تملك قائمة بالجهاديين المفرج عنهم، ومن بينهم 3 فرنسيين وبريطانيان وسويديان ومقدونيان وسويسري وبلجيكي، كما أفادت قناة البي بي سي البريطانية نقلا عن مصدر حكومي بريطاني بأن التقرير الصحفي “موثوق”، الامر الذي خالف ما ذهب اليه اردوغان من ان الافراج عن الرهائن الاتراك تم من خلال “المفاوضات الدبلوماسية والسياسية فقط”.
ويرى باحثون ان لتركيا أسبابها الخاصة في تبني هذه السياسية المبهمة او المترددة تجاه الدخول في مواجهة عسكرية مع داعش، فمصلحة تركيا لا تقتصر على إرضاء المجتمع الدولي على حساب مصالحها الخاصة، وكما يعبر مراقبون ان تركيا تريد ان تجمع “البيض في سلة واحدة”، فهي في حال قامت باي تدخل عسكري مؤثر في سوريا، فإنها بالمقابل تريد ضمانات حقيقية بسقوط نظام الأسد (الذي بات اقوى من ذي قبل)، إضافة الى تخوفها من اكراد سوريا، الذين اصبحوا اقرب الى حكم انفسهم من أي وقت مضى، إضافة الى مسالة مقاتلة تنظيمات جهادية أخرى قد تقرر مقاتلة تركيا في حال شنت الأخيرة هجومها العسكري ضد داعش، وهو ما اوضحه رئيس الوزراء التركي (أوغلوا) بالقول “مستعدون للقيام بكل شيء إن كان هناك استراتيجية واضحة تضمن أن بعد داعش ستكون حدودنا آمنة، نحن لا نريد قوات النظام بأن تكون على حدودنا لدفع الناس إلى تركيا ولا نريد منظمات إرهابية أخرى لتنشط في المنطقة، إذا ذهبت داعش قد تأتي منظمة متطرفة أخرى”.
انتقاد تركيا
فقد اكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو ان لا احد له الحق في انتقاد انقرة بخصوص الموضوع السوري بعدما اتهم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن تركيا بتمويل وحتى بتسليح الجهاديين قبل ان يعتذر عن تصريحاته، وقد اتصل بايدن هاتفيا بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليقدم له اعتذارا على تصريح اتهم فيه تركيا ودولا اقليمية اخرى بتدريب وتمويل تنظيمات جهادية في سوريا، لكن تصريحات بايدن ضربت وترا حساسا في تركيا التي تعتبر ان الغرب لم يقدر لها مساهمتها عبر استضافة حوالى 1,5 مليون لاجئ سوري هربوا من النزاع، وقال داود اوغلو امام حشود من المؤيدين في اسطنبول “من المستحيل لنا ان نقبل بهذا الانتقاد”، واضاف في خطاب نقله التلفزيون “لا احد له الحق في انتقاد تركيا وتجاهل التضحيات التي اضطرت امتنا العزيزة للقيام بها”.
وكان اردوغان رد بعنف على تصريحات نائب الرئيس الاميركي قائلا “اذا كان بايدن قد قال هذا الكلام فهذا يجعله بالنسبة الي رجلا من الماضي”، واصدر مكتب بايدن بيانا في واشنطن قال فيه ان نائب الرئيس الاميركي اتصل باردوغان لتوضيح تصريحاته، وما يزيد من حساسية هذا الموضوع هو ان بايدن يعرف اردوغان جيدا وكان احد ابرز محاوريه في واشنطن في السنوات الماضية، وقال داود اوغلو “ان رئيسنا قام بالرد المناسب وكما تعلمون تم تقديم اعتذار”، وقال مسؤول تركي في انقرة ان “الجانب التركي قبل الاعتذار” وان الموضوع يعتبر الان منتهيا، وفي خطاب القاه في جامعة هارفرد حول سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط قال بايدن ان “مشكلتنا الكبرى كانت حلفاؤنا في المنطقة”. بحسب فرانس برس.
واضاف بايدن “الاتراك اصدقاء كبار لنا وكذلك السعودية والمقيمون في الامارات العربية المتحدة وغيرها، لكن همهم الوحيد كان اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الاطنان من الاسلحة الى كل الذين يقبلون بمقاتلة الاسد”، مؤكدا ان اردوغان “اعترف بخطئه” في هذا الشأن، ويحمل الكثير من المعلقين داود اوغو الذي اصبح رئيسا للوزراء حين تولى اردوغان الرئاسة، مسؤولية اغراق تركيا في الازمة السورية بسبب سياساته الطموحة جدا حين كان وزيرا للخارجية.
أحلام تركيا والغرب
الى ذلك لا يبدي رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أي أسف عن سياسة خارجية تسببت في عزلة بلاده بل يشعر بالإحباط لرفض الغرب الاستماع لنصائحه في سوريا والعراق وما زال غير مستوعب لانهيار جماعة الاخوان المسلمين، ويخبو حلم داود أوغلو بشرق أوسط يحكمه الاسلام السياسي تكون جماعة الاخوان وتركيا في قلبه فيما تهدد الفوضى في سوريا والعراق حدود بلاده ولا تزال علاقاتها الدبلوماسية مع مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان سيئة، ويبدو أن رهان تركيا على السقوط السريع للرئيس السوري بشار الأسد ودعمها الصريح للرئيس المصري المعزول محمد مرسي لا يعدو كونه حسابات خاطئة تعرقل تطلعها لأن تكون قوة عظمى على المستوى الإقليمي، فالأسد لا يزال في السلطة كما تجازف الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بدعمه دون قصد، أما دعم أنقرة المستمر للاخوان فقد وسع من هوة الخلاف مع دول عربية خليجية.
لكن داود أوغلو الذي ظل لسنوات يضع السياسة الخارجية لتركيا أولا بصفته مستشارا للحكومة ثم وزيرا للخارجية لم يظهر أي بادرة على تغيير المسار منذ أن تولى رئاسة الحكومة قبل أكثر من شهر، بل انه يلقي ببعض اللوم في صعود الدولة الاسلامية على قصر نظر المجتمع الدولي ويرفض المزاعم بأن فشل تركيا في السيطرة على حدودها لعب دورا رئيسيا، وقال في اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي في اسطنبول “هز الزلزال العالم الغربي والولايات المتحدة للتو وهم يتخذون الآن الاجراءات الاحترازية، ظللنا نحذر العالم منذ سنوات”، وأضاف في إشارة إلى خطر الدولة الاسلامية “تدفع تركيا والمنطقة الثمن ويقدم الآخرون المواعظ بشأن ما ينبغي علينا فعله، هذا ليس عدلا وغير مقبول”.
في غمار كل هذا جاء قرار أنقرة دعم الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية الأخرى أثناء احتجاجات الربيع العربي المطالبة بالديمقراطية ليضعها على طرف نقيض مع قوى راسخة أثبتت أنها أكثر مرونة مما توقعه صانعو السياسة الأتراك، وفي حين رأى داود أوغلو في انتخاب مرسي فجرا لعصر جديد تمحى فيه الهياكل القومية العربية القديمة فإن دولا كالسعودية رأت في جماعة الاخوان تهديدا لوجودها وبدأت في قمع نشاطاتها، وحتى السلطات القطرية الحليفة التقليدية لأنقرة بدعمها لجماعة الاخوان رضخت للضغوط الاقليمية التي تطالبها بوقف دعم الاسلاميين وطردت سبعة من كبار قيادات الاخوان، وسارعت تركيا بعرض أن تكون ملاذا لهم، وقال آرون شتاين الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن “لا أرى سبيلا في ظل هذا المناخ يمكن من خلاله أن يكون لتركيا علاقات وثيقة مع قوى كبرى في المنطقة باستثناء قطر”.
خضعت علاقات تركيا مع حلفائها الغربيين الذين يرون فيها شريكا مهما وحصنا لحلف شمال الأطلسي من جهة الجنوب الشرقي للاختبار بعد تردد أنقرة حتى الان في لعب دور رئيسي في تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية، وما زالت مترددة خشية أن تسفر الضربات الجوية وحدها عن تفاقم انعدام الاستقرار على أعتابها، وتكافح تركيا بالفعل لاستيعاب نحو 1.5 مليون لاجئ من الحرب الأهلية السورية كما سقطت قذائف مورتر طائشة مرارا في أراضيها مما دفع أنقرة إلى تعزيز المواقع العسكرية على طول الحدود، ويعبر مسؤولون أتراك منذ وقت طويل عن خيبة أملهم فيما يعتبرونه تجاهلا للغرب لتحذيراتهم من أن استمرار الأسد في السلطة والسياسات الطائفية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي تجعل الاستقرار الاقليمي في خطر وتنثر بذور الفكر الأصولي السني، لكن تركيا أساءت قياس مدى استعداد المجتمع الدولي للتدخل. بحسب رويترز.
وعندما كان الرئيس التركي رجب طيب ارودغان رئيسا للوزراء زار البيت الأبيض في مايو ايار 2013 وعقد العزم على دفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتدخل عسكريا بشكل يضعف الأسد إلى الحد الذي يجبره على ترك السلطة، وأشار المسؤولون الاتراك الى حملة القصف الجوي التي شنها حلف شمال الاطلسي طوال 11 اسبوعا على صربيا عام 1999 خلال حرب كوسوفو، وقال داود أوغلو “دعمت الولايات المتحدة وأوروبا رياح التغيير في البلقان وكنا متأكدين من أنهم سيدعمون رياح التغيير في الشرق الأوسط، واستعرض داود أوغلو ركائز سياساته في كتابه “العمق الاستراتيجي” الصادر عام 2001، وبتركيزه على تصالح تركيا مع ماضيها واحياء العلاقات الاقليمية المهملة منذ فترة طويلة وصف البعض فكر داود أوغلو بأنه “عثمانية جديدة” وهو اتهام يرفضه بشدة.
وبعدما أصبح وزيرا للخارجية التركية في 2009 تكثفت جهوده لرأب الصدوع في إطار سياسة نالت الثناء حينها وقامت على أساس “لا مشاكل مع الجيران” لكن انتفاضات الربيع العربي والحرب في العراق وسوريا جعلت هذه الجهود تذوي وأسفرت عن انتقادات بأن تركيا السنية لها أجندة طائفية، ويقول سابان كارداس الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة الاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة إن دعم تركيا لجماعة الاخوان المسلمين بصفتها حركة شعبية ورغم الضرر الذي يلحقه هذا الدعم بالعلاقات الاقليمية يأتي في إطار سياسة خارجية “أخلاقية” أصبحت علامة مميزة لداود أوغلو، وقال كارداس “من غير المرجح أن تغير تركيا موقفها القائم على المبادئ تجاه الاخوان المسلمين قريبا، لذا فإن نفس الآليات (المتوترة) قد تستمر لفترة”.
وقال ابراهيم كالين وهو من كبار مستشاري اردوغان العام الماضي إنه إذا انفردت تركيا بموقفها في الشرق الأوسط فإنها ستكون “عزلة جديرة بالاحترام” ورغبة في الالتزام بقيمها ومبادئها حتى اذا رفض حلفاؤها، لكن بهلول اوزكان الاستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة مرمرة بإسطنبول والذي تتلمذ على يد داود أوغلو يختلف مع هذا الرأي، ويرى اوزكان أنه بعيدا عن المبادئ تهدف استراتيجية رئيس الوزراء إلى تصدير النموذج التركي للاسلام السياسي وتعزيز التضامن السني لتوسيع نفوذ تركيا، وكتب اوزكان في عدد شهر يوليو تموز من دورية سرفايفال الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يقول “لا تنطوي العزلة على أي نبل وبدلا من الدفاع عن حقوق الانسان أو الحريات الفردية تطبق تركيا سياسة خارجية توسعية لأسباب أيديولوجية”، وأيا كان الدافع فإنها استراتيجية يعتزم داود أوغلو الاستمرار فيها فيما يبدو، وقبل أربع سنوات قال داود اوغلو في ثقة إنه “لا تسقط ورقة شجر في الشرق الأوسط دون علمنا” في إشارة إلى نفوذ تركيا المتنامي في المنطقة لكن هذا قد يبدو الآن كبرياء ما قبل السقوط، ومع ذلك يظل موقف داود أوغلو ثابتا، وقال رئيس الوزراء التركي في اجتماع اسطنبول “هناك دول لديها رؤية للمنطقة التي تعيش فيها وللعالم، ستكون (تلك الدول) النجوم الصاعدة.
التدخل في سوريا
من جهته حذر نائب رئيس الوزراء التركي “بولنت أرينتش” من أن المتشددين الإسلاميين في تنظيم “الدولة الإسلامية” يتقدمون نحو مقبرة تضم رفات “سليمان شاه” جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية، والتي تقع في جيب تركي بشمال سوريا مقام من الحجر الأبيض ويحرسه عشرات من الجنود الأتراك، ويقبع الضريح فوق عشب مشذب أسفل علم تركي على ضفة نهر الفرات، وأصبحت هذه المقبرة أراضي تركية بموجب معاهدة وقعت مع فرنسا في عام 1921 عندما كانت فرنسا تحكم سوريا، وتعتبرها أنقرة أرضا ذات سيادة وأوضحت مرارا أنها ستدافع عن الضريح إذا تعرض لهجوم، وقال “إلبر أورتايلي” وهو مؤرخ تركي بارز في جامعة غلطة سراي في إسطنبول “لا يمكننا ترك ذلك المكان التابع لنا بموجب اتفاقيات دون حماية، بغض النظر عن الكبرياء فإن هذا مهم لذاكرة التاريخ لدينا، وهو مهم للجميع لا للأتراك وحسب”.
وكانت تركيا مترددة حتى الآن في القيام بدور نشط في الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقال رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو (الذي كان وزيرا للخارجية في ذلك الوقت) في مارس آذار إن تركيا سترد على أي هجوم على المقبرة التي تبعد 30 كيلومترا عن الحدود التركية مع تشديد تنظيم “الدولة الإسلامية” قبضتها على المناطق المحيطة، ودمر التنظيم المتطرف وحركات “جهادية” أخرى العديد من المقابر والمساجد في سوريا، وتتبنى هذه المنظمات تفسيرا متشددا للإسلام يرى في تبجيل المقابر وثنية، وسليمان شاه هو جد عثمان الأول مؤسس الإمبراطورية العثمانية في عام 1299، وسقط أثناء سفره (عبر سوريا الحديثة الآن) مع قبيلة قايي من على جواده وغرق في نهر الفرات بالقرب من جعبار جنوبي الموقع الحالي للضريح وفقا لما يقوله المؤرخون، واستقرت قبيلة قايي في الأناضول التي أصبحت قلب الإمبراطورية العثمانية.
واتهمت وزارة الخارجية السورية تركيا بارتكاب عمل من أعمال العدوان وحذرتها من العواقب الوخيمة بعد ان فوض البرلمان التركي حكومة أنقرة الأمر بالقيام بتوغلات عبر الحدود لمكافحة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وقد وافق البرلمان التركي على اقتراح يسمح للحكومة بالتفويض بالقيام بتوغلات عسكرية عبر الحدود في سوريا والعراق لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، ويسمح الاقتراح أيضا بنشر جنود أجانب في تركيا واستخدام قواعدها العسكرية للغرض نفسه، وقالت وزارة الخارجية في رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن إن “النهج المعلن للحكومة التركية يشكل انتهاكا سافرا لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وقالت الرسالة عن قرار البرلمان التركي في الرسالة التي نقلتها وكالة الأنباء السورية “يشكل ذلك عدوانا موصوفا على دولة هي عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة”، وقال التلفزيون السوري الحكومي إن “تركيا لن تكون بمأمن من العواقب الكارثية”، ونقل عن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد وصفه هذه الخطوة بأنها خطر على السلام والأمن، وقال مبعوث سوريا لدى الأمم المتحدة في جنيف حسام الدين علاء إن تركيا تريد التدخل في بلاده لأنها تقوم بتمويل المقاتلين الإسلاميين ومنهم تنظيم الدولة الإسلامية وهو ما تنفيه تركيا، وانتقد أيضا دعوات تركيا إلى فرض منطقة حظر طيران في شمال سوريا لحماية اللاجئين، وقال علاء “تركيا ليست البلد الوحيد الذي يقدم الدعم للإرهاب لكن الدعوة الى منطقة حظر طيران هدفها التغطية على تدخلها في سوريا والدعم الذي يقدمونه للإرهابيين”. بحسب رويترز.
واضاف قوله “السؤال هو كيف أتى المقاتلون الأجانب الذين يقاتلون مع الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والمنظمات الإرهابية الأخرى؟ كيف أتوا جميعهم أو بعضهم عبر تركيا والبقية من خلال الأردن؟”، وكرر وجهة نظر سوريا القائلة إن السعودية وقطر ساندتا في الواقع الجماعات المتشددة بتمويلهما المتشددين الذين يقاتلون حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ولم تظهر أي بادرة على عزمهما على التوقف عن ذلك، وتنفي قطر والسعودية تمويل المقاتلين الإسلاميين لكن دبلوماسيين ومصادر المعارضة يقولون ان قطر تساند المعارضين المعتدلين نسبيا الذين تدعمهم أيضا السعودية والغرب لكنها ساندت ايضا فئات متطرفة تسعى لإقامة دولة إسلامية متشددة.
تركيا والأكراد
من جهة أخرى وجهت قوات حماية الشعب الجماعة المسلحة الكردية الرئيسية في سوريا نداء الى الاكراد في أنحاء المنطقة لمساعدتها في منع وقوع مذبحة في بلدة كوباني السورية مع اقتراب مقاتلي الدولة الاسلامية المدعومين بدبابات من مشارف البلدة وقصفها بالمدفعية، وجاءت مكاسب الدولة الاسلامية في ميدان المعركة في وقت تركز فيه قوات الرئيس بشار الاسد على جماعات معارضة أخرى وأشارت تقارير الى ان قوات الجيش تقدمت صوب مدينة حلب إلى الغرب فيما يهدد خطوط امداد المعارضة، وتقصف القوات التي تقودها الولايات المتحدة من الجو أهدافا للدولة الاسلامية في سوريا والعراق لكن هذه العمليات لم تفعل شيئا يذكر لوقف تقدم مقاتلي التنظيم في شمال سوريا نحو الحدود التركية وهو ما يزيد الضغط على أنقرة للتدخل.
وقالت كندا انها سترسل طائرات مقاتلة وطائرات اخرى للمشاركة في الضربات التي تقودها الولايات المتحدة ضد الدولة الاسلامية في العراق لفترة تصل الى ستة أشهر، وقالت تركيا انها ستفعل ما في وسعها لمنع سقوط كوباني في أيدي الدولة الإسلامية، ويغلب الاكراد على سكان هذه البلدة التي تقع على الحدود الجنوبية، لكن تركيا لم تصل الى حد الالتزام بأي تدخل عسكري مباشر، وتعهد بيان صادر عن قوات حماية الشعب وهي الجماعة المسلحة الكردية الرئيسية بمقاومة “لا تنتهي أبدا” ضد الدولة الاسلامية في تقدمها نحو كوباني، واضاف البيان ان كل شارع وكل منزل سيكون مقبرة لهم، واضاف البيان “دعوتنا الى الشبان والشابات في كردستان، هي ان يتقدموا ليصبحوا جزءا من هذه المقاومة”. بحسب رويترز.
وقال عصمت الشيخ قائد القوات الكردية التي تتولى الدفاع عن كوباني (التي تعرف بالعربية باسم عين العرب) إن المسافة التي تفصل مقاتليه عن مقاتلي الدولة الاسلامية باتت أقل من كيلومتر واحد، وقال “نحن في منطقة صغيرة محاصرة، ولم تصلنا أي تعزيزات والحدود مغلقة”، وأضاف “أتوقع أن يحدث قتل ومجازر ودمار، هناك قصف بالدبابات والمدافع والصواريخ وقذائف المورتر”، واستمر القتال بعد غروب الشمس حيث أطلقت قذائف مدفعية على مناطق سكنية الى الشرق والجنوب الغربي من وسط كوباني، وقالت مراسلة على الجانب التركي من الحدود ان الاكراد ردوا على اطلاق النار وان طلقات مضيئة تستهدف معاقل الدولة الاسلامية في شرق المدينة مرت فوق أسطح المباني، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن ان 80 قذيفة على الاقل سقطت على كوباني، ووقعت اشتباكات عنيفة على الجبهة الشرقية وفي الجنوب الشرقي، ودفع القتال الاكراد من أنحاء شمال سوريا الى مغادرة منازلهم عبر الحدود الى تركيا.
وقال المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو جوتيريس “هذه ماساة انسانية مثيرة كما شاهدنا جميعا، انه أكبر تدفق للسوريين خارج البلاد في بضعة أيام بلغ 160 ألف شخص”، وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ان تركيا ستفعل ما في وسعها لمنع سقوط كوباني في أيدي المتشددين لكنه لم يقدم أي تعهد بالتدخل الذي طالب به الاكراد، وقال داود أوغلو خلال حوار مع صحفيين بثته قناة الخبر التلفزيونية التركية “لا نريد سقوط كوباني، سنفعل كل ما في وسعنا للحيلولة دون ذلك”، لكن داود أوغلو تراجع بعد ذلك خلال حوار استمر ساعتين فيما يبدو عن اي تفسير قد يعني أن تركيا تخطط لتوغل عسكري قائلا إن مثل هذه الخطوة قد تجر أنقرة إلى صراع أوسع على طول حدودها الممتدة لمسافة 900 كيلومتر.
ونقل عن وزير الدفاع التركي عصمت يلمظ قوله للصحفيين إنه سيكون من الخطأ توقع القيام بعمل عسكري وشيك بعد التفويض البرلماني، لكن أنقرة مترددة خشية أن يعمق التدخل العسكري حالة عدم الاستقرار على حدودها من خلال تعزيز موقف الرئيس السوري بشار الأسد وتقوية شوكة المقاتلين الأكراد المرتبطين بحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمردا ضد الدولة التركية استمر 30 عاما.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق