هل “يغامر” حزب الله بحرب جديدة مع “الاسرائيلي”؟!
علاء الرضائي –
الكمين او العبوة التي فجرها حزب الله ـ مؤخراً ـ بالقوة الصهيونية داخل مزارع شبعا المحتلة، لم تكن حدثاً عابراً وفق جميع المحللين، مؤيدين لسياسات الحزب وأفكاره او معارضين له وحتى معادين.. بل أعتبرها كثيرون اعلان الحزب استعداده للدخول في مواجهة جديدة مع العدو الصهيوني، مما أثار حنق أعداء الحزب في الداخل اللبناني وخارجه، لأن الحزب لايزال يهيمن على قرار الحرب والسلم في الدولة، على حدّ زعمهم.. فما هي دلالات هذا العمل وما هي الرسائل التي أراد الحزب ايصالها للعدو الصهيوني اولاً ولبعض الانظمة الاقليمية وحلفائها في سوريا ولبنان خاصة؟
بداية، لابد من الاقرار بأن العمل الذي قام به الحزب في التصدي للقوة الصهيونية لايحتاج الى قرار من الدولة اللبنانية، لانه يأتي ضمن حق المقاومة في تحرير ما عجزت الدولة عن تحريره عبر أجهزتها من أرض او نفر.. وهو حق مشروع تكفله جميع المواثيق الدولية فضلاً عن البيان الوزاري اللبناني، طالما انه وقع ضمن نطاق الارض اللبنانية المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي.. وبالتالي فلا مجال لأن يصفها البعض بالمغامرة او مصادرة قرار الدولة و…الخ من أدبيات الخنوع والاستسلام وحتى التباني مع العدو والتي مللنا من سماعها خلال السنوات الأخيرة من أبواق 14 آذار ودول الرجعية العربية التي تسمى ظلماً بالاعتدال العربي.. أما الدلالات والرسائل التي بعث بها الحزب الى كل من “يهمه الأمر” من خلال العملية المقاومة، فهي:
1. ان المعركة مع العدو الصهيوني هي المهمة الأساسية للحزب وان كان يواجه في الظروف الحالية أدوات المشروع الأميركي والصهيوني من رجعية عربية وتكفيريين ارهابيين، لذلك فلن تؤثر المواجهة مع التكفيريين على المواجهة مع الصهاينة المحتلين.
2. ان الحزب مستعد وفي جهوزية كاملة لتسخين الجبهة مع العدو المحتل ومواجهة جميع استفزازاته، ضمن اطار القرارات والمواثيق الدولية، وعدم السماح له بربط عملاءه في الساحتين السورية واللبنانية.
3. كسر هيبة العدو في التصدي لأخترقاته اولاً وتبنيها بشكل صريح وواضح.
4. كشف عمالة القوى المناوئة للمقاومة والممانعة ومدى ارتباط أجندتها مع أجندات العدو الصهيوني، بل انها ذهبت الى أكثر من ذلك وهو التنسيق مع العدو في ضرب قوى المقاومة.
5. رسالة واضحة الى الولايات المتحدة ودول التحالف في ان المقاومة لن تسلم الارض التي عليها وان خياراتها ـ اي المقارمة ـ مفتوحة ومتعددة.
كما انها خطوة باتجاه زيادة الهوة بين الموقف الأوروبي ـ الأميركي من جهة والموقف الصهيوني، لأن توسيع دائرة الحرب سيعني تدخلاً برياً غربياً الأمر الذي تخافه أوروبا وأميركا ويطمح له كيان الاحتلال والرجعية العربية وتركيا!
6. رسالة حزب اللهية ـ ايرانية مشتركة، في ان نظام الرئيس الأسد في سوريا يعتبر خطاً أحمر وأنهما على استعداد للدفاع عنه أكثر مما تم ومما يتصور الآخرون!
يدعم هذا التحليل ما صرح به مساعد وزير الخارجية الايرانية السيد حسين أمير عبد اللهيان قبل ثلاثة أيام، وأيضاً الموقف الأيراني تجاه سياسة تركيا والغرب في كوباني (عين العرب).
7. الدفع بأتجاه ربط مسارات المقاومة في مواجهة المحتل الصهيوني والتكفير الوهابي في كل من غزة والضفة والجولان وجنوب لبنان وكوباني والعراق.. وهذه النقطة ممكن أن تقلب الطاولة على الدول المصدرة للأرهاب وسياساتها في المنطقة.
8. تصحيح اتجاهات المقاومة التي يحاول بعض العرب وتركيا بالتعاون مع قيادات فلسطينية ولائها المذهبي والحزبي يفوق ولائها الوطني والمقاوم، جره نحو الأقتتال الداخلي ولصالح أجندات أميركية رجعية.
9. كشف دجل بعض الأنظمة التي تدعي الدفاع عن المقاومة، مثل: تركيا وقطر وحقيقة موقفها الداعم للأرهاب كما كشف ذلك مواقفها تجاه “داعش”.
10. احراج القوى التكفيرية والارهابية وخطاباتها المظللة.. وهكذا فيما يتعلق بالقوى التي تشكل غطاءاً للتكفير والارهاب في لبنان وخاصة حزب المستقبل والقوات اللبنانية…
11. ورسالة حزب الله فيها جانب سلبي أيضاً، وهي أنها تجعل الأنظمة العربية المساندة للأرهاب بعيدة عن مرمى المقاومة حسب منطق الاولويات الذي تتبعه!
في حين أن منطق محاربة الأرهاب يقضي بتجفيف مصادره أولاً، لأن تجفيف المصادر أهم من ضرب الارهاب نفسه او على الأقل لا يقل أهية عنه.
الرسالة التي بعث بها حزب الله فهمها العدو الصهيوني بشكل جيد، وهكذا فهمها حليفه الأميركي الذي يخاف من حماقة “الاسرائيلي” بما يجعل من سوريا ولبنان مستنقعاً يسعى الأميركي بكل جهد الى تجنب الوقوع فيه منذ فترة، لكن متى يفهم الأعراب ذلك.. سؤال لن تجد أجابة له مادامت نار الحروب بعيدة عن آبار النفط!