التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

إصرار “داعش” على دخول كوباني فضح أردوغان 

ماجد حاتمي –

مازال المراقبون لتطورات الاحداث في سوريا مختلفين حول الاسباب الحقيقية التي تدفع “داعش” الى ان تصر كل هذا الاصرار الغريب على احتلال بلدة كوباني (عين العرب) الكوردية في شمال سوريا ، رغم كل الخسائر التي تتكبدها يوميا بالارواح والعتاد.

البعض رأى ان مردّ هذا الاصرار هو ايجاد حلقة وصل بين الاراضي التي تحتلها “داعش” في سوريا وبين الاراضي التركية ، لتكون ممرا لتهريب النفط السوري الى تركيا ، والبعض الاخر راى ان سبب هذا الاصرار هو استكمال ربط المناطق الشمالية لسوريا ببعضها عبر السيطرة على كوباني ، وهناك من يرى في التحالف غير المعلن بين حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي وبين الحكومة السورية بانه السبب الذي جعل الكورد هدفا ل”داعش” ، وهناك من يرى ان هذا الاصرار ليس شيئا غريبا عن طبيعة “داعش” التي تسعى ان تُظهر نفسها بانها قوة لا تقهر ، وهناك من اعتبر العنصر النسائي في قضية كوباني هو السبب الرئيسي وراء هذا الاصرار ، فمقاتلي “داعش” يرون ان العار سيلحق بهم والى الابد اذا ما انهزموا امام وحدات حماية الشعب الكوردية ، التي تتجاوز نسبة الفتيات فيها الاربعين في المائة !!.

كل هذه الاراء لا يمكن ان تكون سببا رئيسيا وراء اصرار “داعش” ، فهي تتراجع امام اي مقاومة حقيقية تواجهها ، وقد اثبتت ذلك المعارك التي خاضتها مع الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي العراقية والبيشمركه ، حيث هربت “داعش” من امام هذه القوات عن مناطق في غاية الاهمية ، مثل آمرلي وجرف الصخر و زمار.

اذن لماذا لم تتراجع “داعش” عن فكرة دخول كوباني ، رغم فشلها المتكرر في السيطرة عليها ، وتكبدها خسائر فادحة على يد مقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب الكوردية ، ورغم تعرضها لقصف جوي شبه يومي من قبل طائرات التحالف ، ورغم اهتزاز الصورة التي حاولت رسمها  لمقاتليها على انهم اوحش من الوحوش ، ورغم الانتكاسة المعنوية التي منيت بها وانكشاف ضعفها؟.

من المؤكد ان  “داعش” لم تكن راغبة في ان تتحول الى اضحوكة عند ابواب كوباني ، ولم تكن راغبة في ان تتحول الى هدف مكشوف لطائرات التحالف ، ومن المؤكد ان قيادة هذا التنظيم التكفيري تتمنى ان يخرج التنظيم من عنق زجاجة كوباني باسرع وقت ممكن ، الا ان الحقائق على الارض وكذلك القرائن ، وكذلك تطورات الاحداث بشكل عام ، كشفت ان التنظيم ينفذ مهمة كُلف بها من قبل القيادة التركية ومن شخص الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، الحليف الاكبر ل”داعش”  ، لذا ليس امام هذا التنظيم الا التنفيذ ، رغم ان يعلم جيدا ان الكلفة ستكون باهظة.

لا نكشف سرا ان قلنا انه لولا تركيا لما وصلت داعش” الى وصلت اليه اليوم في سوريا والعراق ، فالدعم التركي ل”داعش” هو امر يقر به حتى حلفاء تركيا وفي مقدمتهم امريكا ، فتركيا الى جانب بعض الانظمة العربية في الخليج الفارسي ، اوجدت “داعش” بهدف الاسراع في اسقاط الحكومة السورية ومحاربة الحكومة العراقية ، الا ان تركيا اضافت الى جانب هذين الهدفين هدفا ثالثا وهو ضرب كل محاولة كوردية في سوريا يمكن ان تنتهي الى اقامة ادارة ذاتية لمناطقهم ، والتي قد تنعكس على الجانب الكوردي من تركيا ، وهو ما يفسر كل هذا التمرد التركي على السيد الامريكي ورفض الانخراط بالتحالف الدولي لمحاربة “داعش” ، ف”داعش” تحارب نيابة عن تركيا ضد ثلاث جهات ، يرى فيها اردوغان  اعداء اللداء لتركيا ، وهذه الجهات هي الكورد والحكومة العراقية والحكومة السورية.

تركيا حاولت عبر التسويف والمماطلة ان تمنح وقتا اكبر ل”داعش” لانهاء الوجود الكوردي في كوباني ، الا انه لا انقرة ولا حلفاؤها “الداعشيين” لم يتوقعوا هذه المقاومة الشرسة من قبل المدافعين عن كوباني ، حتى امريكا كانت ترى سقوط البلدة بيد “داعش” ليس الا مسألة وقت ، فاذا بمقاومة اهالى كوباني تُسقط اوراق التوت عن عورة قادة تركيا ورقة ورقة وانكشفوا على حقيقتهم ، حلفاء ل”داعش” في حربها ضد ابناء الشعب السوري بمختلف قومياته ومذاهبه.

ان التخبط المشهود في السياسة التركية في التعامل مع قضايا المنطقة وخاصة مع الازمة في سوريا ، سببه انكشاف حقيقة التحالف بين انقرة و “داعش” ، لذلك تحاول تركيا من خلال اتخاذ مواقف مضحكة ، التغطية على عورتها ، ومنها الاصرار على رفض الانخراط في التحالف الدولي الا بعد ان يكون اسقاط النظام السوري هدفا لهذا التحالف ، وتارة ترفض تقديم اي مساعدات حتى انسانية للمحاصرين في كوباني وهو ما أثار استنكارا لدى الرأي العام العالمي ، ومرة تضغط على ما يسمى الجيش الحر لارسال مقاتلين الى كوباني للدفاع عن المدينة بدلا عن اهلها ، واخيرا وفي محاولة لذر الرماد في العيون سمحت تركيا بعد كل هذه المواقف الساذجة ، بعبور 150 من مقاتلي البيشمركه العراقيين الى كوباني.

كل هذه المواقف لن تستر عورة اردوغان  بل على العكس زادت من فضيحته امام الرأي العام العالمي ، وصدقت ايران عندما اتهمت وزارة خارجيتها تركيا بانها السبب الرئيسي وراء اطالة الازمة في سوريا التي ادت الى سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين السوريين الابرياء ، وانه كان بالامكان إنهاء الأزمة لو كان المسؤولون الأتراك توقفوا عن المطالبة بتغيير النظام ودعم الجماعات الارهابية في سوريا.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق