التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

على نفسها جنت “السعودية”! 

علاء رضائي –

الحادث الارهابي الذي تعرض له أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في ليلة العاشر من المحرم بشرق المملكة السعودية وبالتحديد في قرية الدالوة بالاحساء، لم يكن حدث صدفة وأمراً عارضاً، رغم أنه الأول من حيث استخدام السلاح الناري في الاعتداءات، بل جاء كنتاج طبيعي ومنطقي لسياسة نظام آل سعود بحق المكون الشيعي في الجزيرة العربية والحجاز..

وعندما نقول طبيعي ومنطقي لابد ان نحدد قبل كل شئ سياسات وممارسات منظومة الحكم السعودي على مدى ثمانية عقود من هيمنتها على البلاد..

 

1. تبنى آل سعود وبشكل علني وفض المنهج الوهابي الذي يكفر جميع المسلمين وخاصة اتباع أهل البيت (ع)، بل يعتبرهم ملة أخرى، يحرم مجالستهم ومعاشرتهم وحتى السلام عليهم او رده لهم، بل يتقربون الى الله بقتلهم والتنكيل بهم!

ولا ادري من اين جاءوا بهذه الفكرة وهي لابد من قتل كل مسلم يختلف معهم في الرأي والعقيدة.. في حين انهم يسالمون الصهاينة ويوالون الغرب؟!

 

 

2. اعتبار الشيعة في المملكة بشتى مذاهبهم مواطنين من “الدرجة الثالثة”.. لانهم يفضلون عليهم حتى المقيمين في كثير من الاحيان.

فهم مقصيون عن المرافق الحساسة في الدولة وخاصة القوات المسلحة في حين يجري استقدام وتوظيف مرتزقة من باكستان والمغرب وبنغلاديش والاردن لحفظ الأمن!

3. قمع الامراء والمسؤولين للشيعة، بل لكل من يتعاطف او تكون له علاقات ودية معهم.. فقد تسجن اسبوعا او اكثر اذا ما احتفلت في بيتك بذكرى مولد احد ائمتك (عليهم السلام).

ومؤخراً قضت محكمة سعودية على شخص بالسجن والجلد 200 سوط لانه على علاقة تجارية بشيعة من أهل القطيف ولأنه التقط صورة مع رجل دين منهم!

4. الاهمال الذي تتعرض له مناطق المكون الشيعي والتي تعتبر مصدر البترول السعودي الذي يتلاعب بريعه الامراء واعوانهم ومرتزقتهم في داخل السعودية وخارجها، والذي يصرف الكثير منه على الملاهي والمراقص والارهابيين في معطم البلدان الاسلامية.

5. وقد ازداد الشحن الاعلامي والنفسي خلال السنوات العشر الاخيرة بشكل غير طبيعي ضد الشيعة، على خلفية ظهور الاحزاب الشيعية في العراق والتدخل السعودي السافر والجنوني في الأزمة السورية، فاستعرت فتاوى التكفير مرة أخرى وأرتفعت وتيرة التخوين والاستعداء، وصار كل من هب ودب وكل مرتزق “وشحات” يستضاف في قنوات الفتنة والارهاب (مثل وصال وصفا والمجد و…) التي اضيفت لقائمة ابواق السباب والشتم الوهابي ضد “انحرافات” الشيعة وعقائدهم “الباطلة”!

وبغض النظر عن المناهج الدراسية التي يدرس فيها كفر الشيعة وارتدادهم.. صار الاعلام السعودي ودعاته المحليين والمستوردين يحرضون على قتل الرافضة علانية..

ومن الطبيعي أن ينشأ جيل في السعودية يتقرب الى الله بقتل الشيعة اينما كانوا في داخل السعودية او خارجها، لان القتل يبرر عقائدياً وليس سياسياً.. فلماذا يحل قتل المرتد والمبتدع الرافضي في العراق وسوريا واليمن وباكستان وافغانستان ولبنان ومصر بفتاوى السعودية واموالها وسلاحها، ولايجوز ذلك تحت سلطتها وفي بلاد التوحيد كما يسمونها؟!

6. التدخل العسكري السعودي في البحرين والتي لها علاقات اجتماعية وفكرية متداخلة مع سكان الاحساء والقطيف، فالجيش السعودي المحتل للبحرين يمارس ما مارسه الارهابيون في مجزرة الدالوة كل يوم بحق الشيعة في الجهة الاخرى من الجسر الذي يربط بين المملكتين!

7. التخوين المستمر والصاق اي تحرك لاهل المناطق الشرقية ذات الاغلبية الشيعية بانه يحمل اجندات ايرانية! حتى صار المتطرفون الوهابيون يدعون الى طرد السكان وتهجيرهم من ديارهم الى خارج البلاد لانهم لايؤمنون بالوهابية ومتمسكون باتباع مدرسة أهل البيت (ع).

 

وفي مثل هذه السياسات العدائية والاجواء المشحونة بالحقد الاعمى، التزم المكون الشيعي التهدئة وعولوا على العقلاء في النظام السعودي وبعض الاصوات المعتدلة داخل الاسرة الحاكمة.. لكن هذه التهدئة والحلم من طرف واحد لم تزد المتطرفين في الحكم والمؤسسة الدينية واتباعهم الا استكلاباً وتمادياً في العداء والايذاء والتضييق، حتى انتهى الأمر الى مجزرة حسينية الدالوة.

وباعتقادي، قد يكون هذا الاعتداء الارهابي متأخراً بعض الشئ مقارنة بحجم التحريض الذي يمارسه آل سعود ضد المكون الشيعي، الا انه يؤشر الى فقدان السلطة قدرتها في السيطرة على الاوضاع واختلال امكانياتها في ضبط ايقاع سياساتها الداخلية والخارجية، ولعل القادم أصعب بكثير ما لم يعالج بتغيير هيكلي للسياسات القائمة.. لا لان جهاز الأمن السعودي ضعيف ومتهالك فقط وان المتطرفين متغلغلين في مفاصله بسبب طبيعة التركيبة القبلية والدينية، بل لأن منظومة الحكم السعودي قائمة على هذا العداء والتكفير والقمع، فهل يعقل ان ينزع النظام جلده الذي يحمله منذ ثمانية عقود بين ليلة وضحاها؟!

ان الانفعال السعودي الواضح في التعامل مع مجزرة الدالوة في الاحساء وصيحات التهدئة وعويل المواطنة والاستغاثة باللحمة والوطنية التي تذكرتها اليوم ابواق النظام و”مكفريه الرسميين”.. والذي بدى في الحديث عن اغلاق قناة وصال (علماً انها لاتزال تبث افكارها التكفيرية والارهابية من الرياض) واقالة وزير الاعلام اثر ذلك او في زيارات الامراء والمسؤولين لجرحى المجزرة او من خلال الحديث عن سرعة اعتقال المنفذين (وهم يعرفونهم جيداً!)، ما هو الا دليل على تخبط النظام السعودي وشيخوخته واشتداد الصراعات بين اجنحته والتيارات المتصارعة بين جيش امراءه…

 

ان الزهايمر السعودي الذي نشاهده وفقدان السيطرة على الأمن لربما ينتهي الى ما هو اسوء اثر هزة امنية اخرى، وقد تكون المؤشرات تسير بهذا الاتجاه، لأن التكفير والحكم بالردة لم يعد يقتصر على الشيعة فقط بل صار يطال رجال أمن النظام ايضاً، وهو ما تؤيده أحداث اليومين الاخيرين في بريدة شمال الرياض العاصمة، من قتل بالرشاشات ودهس بالسيارات لعناصر الشرطة..

فلم يعد النظام السعودي نفسه مشروعاً برأي هؤلاء الذين انتجتهم مطابخ النظام الاعلامية والعقدية، بل مجموعة من المرتدين والمبتدعين الذين يتقرب الى الله بقتلهم والتخلص منهم، في ظل عجز واضح من قبل المؤسسة الدينية الرسمية في لملمة الاوضاع…

 

 

لذلك، اتفق تماما مع الاصوات السعودية المطالبة بأمن ذاتي للمكون الشيعي ومستلزماته، لأنه لايمكن التعويل على المنظومة الأمنية الرسمية السعودية الضعيفة والمخترقة، وعلى سلطات هي مصدر الارهاب وداعمته بالفتوى والمال والسلاح..

وايضاً لابد لدول العالم والمنطقة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام من الضغط على الحكومة السعودية لوقف سياساتها الخاطئة والاذعان لمطالب المكون الشيعي، لأنه السبيل الوحيد لبقاء منظومة السلطة في ظل الانتكاسات الخارجية والمشاكل الداخلية.. فنحن وان كنا نختلف مع السعودية في عقيدتها التكفيرية وسياساتها الطائفية وتبعيتها المطلقة للغرب، الا انه ليس من مصلحتنا ومصلحة شعوب المنطقة الذهاب نحو فوضى أخرى واقتتال داخلي حتى لو كانت في السعودية مصدر الأرهاب الوهابي وممولته الأولى..

 

وليعلم حكام وأمراء آل سعود ان أتباع أهل البيت (ع) في داخل المملكة وخارجها، ليسوا كغيرهم ممن تربوا في مدارسكم التكفيرية، ولن يشكلوا تهديداً لحكم عادل يحترم نفسه ومكونات شعبه، بل هم سند لمثل هذه الحكومات ويمكن الرسملة على وطنيتهم وسلميتهم ووفائهم وأخلاقياتهم وتعايشهم مع المكونات الفكرية والمذهبية والدينية الاخرى.. فمن مصلحة السعودية أن تتصالح معهم وتكف عن استعداءهم وقتلهم في الداخل والخارج..

وصدق رب العزة عندما قال: (اسْتِكْبارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) فا

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق