التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

مفارقات بين الدكتاتور.. وابن الشعب ؟ 

د . ماجـــد أســد
 في سياق بناء علاقة سليمة _ وليست قائمة على المفارقات _ بين الحاكم ايا كان ، وبين المحكوم اي بين الاول الذي اصبح في المقدمة ، وبين الثاني الذي مكث في القاع ، نتساءل : ماهي – عامة – مؤهلات الاول كي يتسنى له ان يقفز من حاكم الى دكتاتور والى طاغية ، وما – هي – الاسباب التي تركت الاخر ان يحافظ على موقعه في قاع الحياة ؟
      لنتساءل : ماهي معارف وثقافة وخبرة وعلم وفلسفة الحاكم الذي تحول الى طاغية ، قياسا بالاخر ابن الفقراء وعامة الشعب الذي لم يفلح في مغادرة موقعه ، ولم يستطع القفز من موقع المستضعف الى المراتب المتقدمة …؟
     فكم انفق الاول زمنا وتجربة كي يصل الى المقدمة ، وكم اهدر الثاني من الزمن كي يتشبث بموقعه ؟ كم انشغل القائد في بناء مجده ، ليس على حساب اشلاء ضحايا فحسب ، بل على حساب ما تبقى له من مصير سيذهب مع الريح ؟
     كم هي معارف ومعلومات الزعيم من علوم عصره في الفيزياء و في الكيمياء و الرياضيات و اللغات و المعتقدات وعلم النفس و الاجتماع ، وما هي ثقافة المحروم من الماء الصالح للشرب ومن الكهرباء ومن الغذاء الجيد ومن … اساسيات الحياة .. ام المسافة ستبقى شاسعة بينهما لانهما في الغالب يعيشان الخوف ، الاول من الفقراء ومن الضحايا والثاني من البطش و القسوة حد الجوع ؟
     يضاف الى المفارقة اسئلة اخرى : فكم حجز الرئيس من النساء لخدمة ملذاته وكم افتقد الاخر الى شريكة واحدة لا تقاسمه الا الفاقة والشقاء و الحزن … ؟
     كم جند الجنرال القائد من العيون و مراقبة الرعية والاتباع لا لرعاية شؤنهم والحكم بالعدل ، بل لترك الرعايا يبحثون – من الليل الى النهار / ومن النهار الى الليل – عن ملاذ خارج تلك العيون والمراقبة و الرصد … ؟
     كم جمع الدكتاتور من الكنوز و الثروات و كل ماهو نادر وثمين ، وكم افتقد الاخر الى رائحة الخبز الحار و الى احلام يرى فيها كم هو شبيه بالطيور لا تبحث الا عن غابة خالية من الصيادين !
     ترى هل سأل القائد الدكتاتور نفسه : ماذا يريد .. وهل يعرف انه يعرف مايريد حقا .. وهل فكر الاخر المستضعف انه لا يخفي في اعماقه ، الا دكتاتورا مخبأ في لا وعيه السحيق !
     هل فكر الطاغية مع نفسه للحظة انه ليس الا ضحية ان لم يستطع رؤية مصيره مع مصائر اقرانه من الطغاة ، لانه لن يستطيع ان يخفي دوره في الانحدار الى الزوال .. والنسيان والمجهول !
     ام ان الاختلاف – والمفارقات – محض لا ارادة عمياء قسمت البشر الى : صيادين / ماكرين / قساة / واخرين : طرائد / وضحايا ؟
     ام ان المسافة ماهية الا مسافة في المعرفة والتربية والخلق والايمان بين من يعاقب الاخر ، ويسرق احلامه ويدمر مصيره ، وبين من يمضي حياته هاربا من رصاصات الدكتاتور ولحظات غضبه ؟ بين من يسرق الثروات وبين من بلغ به الذعر والخوف والضعف حد الصمت ، لاجل البقاء على قيد الحياة .. لا اكثر ولا اقل !
     ام المسافة قائمة على المفارقة حيث الدكتاتور ، مثلما الضحية عندما – كلاهما – لا يتركان للتاريخ الا صفحات جديرة بالتذكر واخرى خارج الذاكرة !
      ام ان تاريخ تراكمات الظلم والغبن والايذاء والجهل والرداءة .. ستبلغ حدا تتهدم فيه المسافات فينهض الفقراء بقوة لن تمنعها حصون ولا حرس ولا ثروات ولا باقي ادوات الدكتاتور مهما بلغت من الشدة والحزم والجبروت .. ذلك لان القائد الطاغية سيدرك انه لم يترك للاخرين كلمة طيبة ولا حسنة تذكر ولا علم ينتفع به ولا مودة تسكن القلب .. انذاك يكون الدرس قد بلغ نهايته!!

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق