صفعة روسية لـ آل سعود… سوريا و إيران خط أحمر
محمود عبداللطيف
تكشف وسائل الإعلام عن صفعة روسية قوية لـ «الدبلوماسية السعودية» إن صح لفظ دبلوماسية على ما تمارسه حكومة آل سعود من ممارسات سياسية، فالمملكة التي نشأت بفعل قوة النفط و مدى تأثيره على بوصلة الطموحات الغربية تحاول أن تلعب دوراً يوحي بأنها خارج إطار التبعية الأمريكية، فتخفض أسعار النفط و تحاول أن تمرر مقابل خفض تصديرها و رفع الاسعار مطالب لا يمكن للروسي أن يقبلوها، وربما رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستقبال وزير الخارجية السعودي «الهزاز» سعود الفيصل واحدة من الصفعات القوية التي يمكن أن يتلقاها آل سعود على الصعيد السياسي، فالفشل الكبير في إدارة دفة الخليج و التحكم به بما تشتهي الحكومة الأمريكية بات يقض مضاجع الأسرة الحاكمة التي تراقب متغيرات الساحة الداخلية في أمريكا بحذر مخافة أن يطاح بعرش آل سعود كقربان ضمن حرب «الوجود السياسي» في واشنطن، فـ مستشاري الملك أن يتلقفوا تضحية أوباما بـ وزير دفاعه تشاك هاغل مقابل إسكات منتقديه على إن الرئيس الأمريكي يمتلك سياسة تقبل حرق الأوراق مقابل بعض المكاسب.
خروج الفيصل من موسكو غاضباً بحسب ما نقلته وسائل الإعلام عن مصادر دبلوماسية يعني أن ما سمعه الوزير السعودي من نظيره الروسي سيرغي لافروف لم يكن وفق ما تشتهي السعودية سماعه من الروس الذين من المفروض أن يتأثروا بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليهم، وبالتالي فإن اعتقاد السعوديين بأن موسكو يمكن أن تتخلى عن شركائها مقابل أن تنجو وحيدة من السفية قبيل غرقها لم يكن في محله، و مما قد يكون سمعه الفيصل من لافروف ( إيران و سوريا خط أحمر)، وعلى هذا لملم الفيصل أرواقها المصفرة و غادر العاصمة الباردة، فمن المعروف عن الروس أن العلاقة التي تبقى مع أي شريك تقوم على مبدأ الندية و التكافؤ، فلا يغتر الروس بقوة تأثيرهم بالقرار الدولي وقدرتهم على حماية أصدقائهم من مشاريع القرارات التي تصاغ لتقدم إلى مجلس الأمن الدولي رغبة بتمرير بعض الرغبات السياسية عبر البوابة الأممية، كما حاولت أن تفعل أمريكا و حلفاءها مراراً بما يخص الشأن السوري، ولا تحول موكسو شركاءها إلى اتباع و لا تتعامل معهم على هذا الأساس.
و أكثر ما صدم السعوديين و من قبلهم الأمريكيين من المواقف الروسية الأخيرة، هو ما نقل عن المحادثة الهاتفية بين الرئيس بوتين و نظيره الإيراني حسن روحاني و التي أكد فيها بوتين نية موسكو رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران و لو من جهة واحدة، ومن ثم جاءت زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم، لتطلق المواقف الروسية الأكثر قوة خلال المرحلة الماضية، فموسكو حريصة على التعاون مع الأسد و دعم سوريا في مكافحة الإرهاب، و برأيها الحوار «السوري- السوري» هو الحل على ألا يكون ثمة جنيف3، وهذا ما سيربك السياسة السعودية التي تحاول اللعب بورقة أسعار النفط، وكأن السعوديين ومن يحركهم يغيب عن بالهم أن الغاز الروسي و الإيراني أكثر تأثيراً في أسعار الطاقة في أوروبا، و العزف على وتر «أسعار الطاقة» هو عزف روسي منفرد الإيقاع.. فما الذي يتوقعه الغرب و حلفاءه.
الغريب أن تحاول الشخصيات المقربة من الفيصل تحميل فشله في اقناع الروس بالرأي السعودي إلى عدم استقبال بوتين له و يعللون ذلك بحرب داخلية في أوساط آل سعود بالقول أن دورا سلبيا لمنع هذا الإستقبال قام به الأمير بندر بن سلطان من خلال علاقاته النافذة في موسكو، وذلك بسبب خلافات قديمة بين الفيصل و بندر، وبكون الأخير يعتبر أن ملف التواصل مع روسيا من ملفاته الشخصية في المملكة ولن يسمح بأن يشغل مكانه أي شخصية سعودية مهما بلغت درجة قربها من الملك السعودي، وكل هذه التكهنات و التصريحات الخفية الإسم عبر وسائل الإعلام ما هي إلا محاولة من السعوديين أنفسهم للتشويش على القرارالذي اتخذه الرئيس الروسي بعدم استقبال الفيصل لتكون صفعة قوية لـ آل سعود يجب أن يفهموا منها أن ما يحاولون الوصول إليه من خلق حالة من الخلاف و الشقاق في تحالفات روسيا مع كل من سوريا و إيران ستبوء بالفشل.
لكن الأكثر طرافة في فشل «الهزاز» في جملة مهامه وعلى اعتبار أنه بات وزيراً منتهي الصلاحية تبعاً لسوء وضعه الصحي، فالسؤال يقول: لماذا لام يدرج تحت بند بـ «رغبته» الذي اعتادت السعودية أن تأطر فيه أياً من مسؤوليها الفاشلين في مهامهم – وما أكثرهم-، خصوصاً و إن الفيصل ومنذ بدء الأزمة السورية يعجز عن تحقيق أي مكتسب سياسي للمملكة، فهل سيقرأ اسم سعود الفيصل مقالا من منصبه بحجة مرضه قريباً..؟
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق