التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

كذبة كوباني 

هادي جلو مرعي

يبدو إن الأمور تسير بالكيفية التي تريدها تركيا، وليس سواها، وليس داعش حتى، ولا الغرب، ولا الكورد الذين إبتلاهم الله بداء التطرف الديني بعد أن كانوا يرتعون في تطرف قومي أملته عليهم ظروف القمع والإستبداد والتهميش والإذلال عبر قرون من الزمن ومن دول المحيط القاسية والمتشنجة والتائهة هذه الأيام.

تبدو كوباني المسماة عين العرب على الحدود التركية كمكان غير آمن، أو مؤهل ليمثل حلما لداعش إلا إذا كانت تريد تأمين حلم لآخرين ( الأتراك) فالتنظيم الديني الحليف الأقرب الى أنقرة ينفذ مخططا محكما وضعته أجهزة الإستخبارات التركية برعاية من دولة الرئيس رجب طيب أوردوغان منذ أن كان رئيسا للوزراء، وفي هذا السياق فإن داعش تركت كل المناطق الكردية الأخر، أو أهملتها، وتركت قتال الجيش السوري، ولم تتفرغ لإستراتيجية حقيقية في مواجهة الخصوم الداخليين من حلب في الشمال الغربي حتى درعا في الجنوب مرورا بدمشق وهي تركز على تحقيق مكاسب في كوباني، بينما تترك الحسكة والقامشلي، دون تجاهل إنها تسيطر على أجزاء عدة من مناطق الكورد لكنها لاتتحرش كثيرا بأخرى، بينما تبقي كل الثقل في مدينة صغيرة محاذية للحدود التركية، وتقاتل منذ أسابيع طويلة قوات الحماية الكردية المدعومة شكليا من التحالف الدولي، والمحاصرة من قبل الجيش التركي الذي يمنع مرور المساعدات للأكراد المحاصرين، بينما يبقي الباب مفتوحا للإنتحاريين الذين يبعث بهم التنظيم من داخل أراضيه ليفجروا مواقع المقاتلين الأكراد!

العجيب في الأمر إن داعش لم ينجح حتى اللحظة في القضاء على بعض المقاتلين الكورد، ولم يتمكن من فرض نفوذه على المدينة الصغيرة وينشغل بمعارك مضحكة ( كر، وفر ) ويتحدث عن دعايات تقابلها دعايات مماثلة من قوات الحماية الشعبية الكوردية، ويشير محللون ومراقبون الى نوايا تركية مبيتة في إستخدام كوباني كورقة ضغط على الجانب الكوردي وذريعة لإرغام العالم على تأسيس منطقة عازلة على الحدود في العمق السوري ليتسنى لأنقرة تنفيذ مخططات معينة تتعلق بالسيطرة على مناطق الأكراد والفصل بينهم، والتخلص من مشكلة حزب عبدالله اوجلان والقوات المساندة له، ومنع قيام إدارة كردية قد تدفع الى تحالف أكبر ممتد من الحدود الإيرانية شرقا حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط، وفي جعبة أوردوغان الكثير من الأهداف غير ذلك. رويدا تتحول معركة كوباني الى فلم هندي، أو كذبة يتقاتل من أجلها الناس ويهجرون ويدفعون ثمنا قاسيا.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق