التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

قراءة فی نتائج التحالف الدولی بعیون أمریکیة 

لا يختلف اثنان على فشل التحالف الدولي حتى الآن في القضاء على تنظيم داعش الارهابي، رغم استمرار الغارات الجوية لقوات التحالف على مواقع التنظيم في كل من سوريا والعراق، ولو أردنا ادراك مدى الفشل الغربي في القضاء على “داعش” يكفي الاطلاع على التقرير “المضحك المبكي” لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية حول نتائج ضربات التحالف ضد داعش.

لم تر صحيفة وول ستريت جورنال نتائج ترقى للدخول في تفاصيل التقرير الذي صدر مؤخراً سوى المالية منها، وقد أوضحت الصحيفة إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا ضد تنظيم “داعش” شن ما مجموعه ١٨٤٩ غارة جوية ضد التنظيم في الفترة بين ٧ أب و٣٠ كانون الاول ٢٠١٤، بتكلفة تبلغ نحو مليار دولار خلال الأشهر الأربعة.

 واشارت الصحيفة الأمريكية في إحصاءاتها حول الغارات الجوية الى أن عدد الغارات التي شنها التحالف في العراق بلغ ٨٤١ غارة، فيما شن ٥٥٩ غارة فى سوريا، وفى مدينة كوباني ٤٢٨ غارة، و٢١ غارة جوية على حلب.

 اذاً، يرى الأمريكيون أنفسهم أن أهم نتائج ضربات التحالف هي”تكاليف العمليات” الممولة من بعض دول المنطقة، فلا نتائج عسكرية تذكر، لأن القصف الجوي المدعوم من ستين دولة، لم يعط حتى يومنا هذا  “ثماره” المرجوة، في اضعاف “داعش” تمهيدا للقضاء عليها، خاصةً أن  هذه القوات  بدأت بالتأقلم مع هذا القصف الجوي الذي لم  يغن ولم يسمن من جوع حتى يومنا هذا.

 الصحيفة استشهدت بقول وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، التي أعلنت إن تكاليف العملية فى الأشهر الأربعة الأولى في سوريا والعراق ناهزت مليار دولار، إذ تكلف العمليات يوميا ٨ ملايين دولار، أو أكثر من ٣٣٠ ألف دولار في الساعة،( إلا أن ذلك لا يمثل أرقاما نهائية في حساب التكاليف، خاصة أن مساحة ومجال الغارات الجوية زادا منذ الضربة الأولى على العراق في اب الماضي)، لكن غاب عنها “الانجاز الأمريكي” المتمثل باسقاط داعش احدى الطائرات المغيرة، اردنية الهوية، امريكية الصنع، واسر طيارها الذي قدم معلومات “قيمة” لآسريه عن الاماكن التي تنطلق منها الطائرات، وآلية عملها.

 اذاً، وول ستريت تفادت الدخول في انجازات التحالف”ان وجدت”، فضلاً عن عدم التطرق الى الاخفاقات ، هاربةً الى تفاصيل الأرقام، فقد أردفت في تقريرها ان تكاليف قذيفة “توما هوك” تبلغ نحو ٢ .١ مليون دولار، وتحتاج الطائرات الحربية لأموال طائلة للتشغيل، وتبلغ تكلفة قاذفة القنابل من طراز “بي -١” ٠٠٠ .٨٥ دولار للطيران ساعة واحدة فقط، وتكلف مقاتلة “أف-١٥ إي” أكثر من ٣٩ ألف دولار فى الساعة، وتبلغ تكلفة تشغيل “أف-٢٢ رابتور” الطائرة الحربية المطورة، التي صنعت للحرب في سوريا، ٦٨ ألف دولار فى الساعة، وتبلغ قيمتها ٣٥٠ مليون دولار.

 في الخلاصة، أرادت الصحيفة الأمريكية أن “تكحل” ضربات التحالف “فعمتها”، لذلك كان حريّ بها ان ترفق بعض أسباب الفشل الأمريكي في ضرب التنظيم الارهابي والذي يتمثل بعدة نقاط أبرزها:

أولاً: محدودية الضربات العسكرية للتحالف

 تعتبر الضربات العسكرية المحدودة من أبرز العوامل التي سببت اخفاقاً في التحالف الدولي، فقد نفذ الجيش الأمريكي أكثر من ٢٦٠ غارة جوية في سوريا خلال شهر، بعضها أصاب اهدافا غير محددة لها. ولكن لوعدنا قليلاً الى الوراء لأذعنا أن ضربات التحالف الدولي ضد «داعش» خلال شهر، كان محدودًا بالمقارنة مع الضربات التي نفذها حلف «الناتو» في ليبيا، خلال ٢٠١١، إذ نفذ نحو ١٦ ألف طلعة جوية فوق ليبيا، مما أسهم في تحقيق نتائج مهمة على الأرض.

 ثانياً: غياب القوات البرية

 يؤكد العديد من الخبراء العسكريين أن إخفاق الضربات الجوية في القضاء على داعش، يعود إلى غياب قوة عسكرية برية، تؤازرها الضربات على الأرض، فعلى سبيل المثال لم تجبر الضربات الأمريكية تنظيم  “داعش” على التراجع عن مواقع تقدمه في كوباني، كما لم تجبره على الانكفاء في مواقع سيطرته في شمال وشرق سوريا.

 ثالثاً: التخبط والتخاذل الأمريكي

 من الواضح مدى التخبط والارتباك  في الإدارة الأمريكية حول كيفية مواجهة قوات «داعش»، فقد تغيرت السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في عهد اوباما، والذي انعكس في قرار سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان. أوباما الذي نقل مركز القوة الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط إلى آسيا باعتبارها المنافس والمهدد المستقبلي للولايات المتحدة، عاد إلى الاهتمام مرة أخرى بالمنطقة عبر تحالف دولي جديد. من جهة ثانية لا يخفى على أحد أن الدعم العسكري التي تلقته جحافل داعش من قوات التحالف عدة مرات، يؤكد نظرية المؤامرة من الادارة الأمريكية، بغية تحقيق مآرب سياسية.

 في الختام ، صحيح أن قوات التحالف الدولي حققت بعض النتائج المتواضعة جداً بالمقارنة مع الامكانات في مواجهتها لتنظيم داعش في سوريا والعراق وأبرزها، إعاقة تحركه بسهولة في بعض مناطق سيطرته، وتجفيف مصادر تمويله إلى حد لا بأس به، لكن واقع الميدان يؤكد أن تلك النتائج غير كافية، ولو نظرنا الى الواقع من زاوية أوسع لوجدنا أصحاب مصانع السلاح هم الأكثر ارتياحاً بسبب أرباحهم الهائلة من بيع الأسلحة والذخائر وقطع الغيار، سواء للجيش الأميركي أو الجيوش العربية والدول المشاركة في التحالف، ما يضعنا أمام عدة تساؤلات أبرزها: ما مدى جدية هذا التحالف الضخم ذي العدّة والعتاد في القضاء على العصابات الإرهابية اذا لم نر نتائجه على أرض الواقع؟ ولو نظرنا الى كلفة الحرب ضد «داعش» والتي تجاوزت الآن المليار دولار منذ بدء العملية العسكرية قبل عدّة أشهر، والتي ستدفعها بكل تأكيد  بعض دول المنطقة، هل سيبقى سعر برميل النفط على حاله، أم سيعود الى سابق عهده لتغطية نفقات الحرب على أقل تقدير؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق