التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

قرار مشترک من کابول وإسلام آباد لمکافحة الإرهاب مع اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺗﯾن مختلفتین 

الهجمات الإرهابية على مدرسة الجیش الباكستاني في مدینة بيشاور ومقتل أكثر من ١٣٠ طالباً، أعاد إلی الأذهان خطر الإرهاب في المنطقة من جدید، وأظهر النتائج المدمرة التي یمکن أن تنتج عن اللامبالاة حیال ذلك.

بالطبع ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فیها مراكز الجيش والحكومة الباكستانية إلی مثل هذه الهجمات من حركة طالبان الباكستانية، ولکن یبدو أن الصدمة کانت قویة هذه المرة للمسؤولین في إسلام آباد، ما حملهم علی أخذ إجراءات مثل خطة من ٢٠ بنداً لمكافحة الإرهاب.

في أول خطوة بعد هذا الهجوم، وصل إلی کابول بعد يوم من الحادث رئیس هيئة الأركان المشتركة للجيش الباكستاني الفريق أول “راحیل شریف” برفقة رئيس الاستخبارات العسكرية الباکستانیة لإجراء محادثات مع المسؤولين الأفغان، وتحدث مسؤولو البلدين عن المعركة المشتركة ضد الإرهاب ، ودعوا إلی وضع استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب.

يقول الخبراء إن هذه الاجتماعات والمناقشات ليست جديدة، حیث جری خلال رئاسة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي مثل هذه المحاولات أیضاً، ولکنها لم تؤد إلی نتائج عملية هامة.

والآن إذا قلنا إن مثل هذه الزیارات التي تقوم بها الأحزاب الباكستانية یمکن أن تحل جزءاً من المشاکل، فيبدو ذلك متفائلاً أکثر من اللازم؛ لأنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا کانت الحکومة الباکستانیة قد اقتنعت بأن “من یشعل الحرائق یمکن أن یحترق بها أیضاً”.

المشاكل بین كابول وإسلام آباد کثیرة جداً ، وللأسف لا توجد هناك إرادة للتعبير عنها وحلها، والنزاعات التاريخیة-الحدودیة من المشاكل الرئيسية بين البلدين ، وحتی الآن لا أحد یتحدث عنها فضلاً عن محاولة حلها.

والمشكلة الأخرى بین حكومتي أفغانستان وباكستان هي توجیه التهم ضد بعضهما البعض، حیث يتهم كل منهما الآخر بالتآمر مع الإرهابيين. فالسلطات الأمنیة في باكستان تتهم الحكومة الأفغانية بدعم طالبان باكستان، ومن جهة أخری کانت الحكومة الأفغانية تؤکد دائماً أنه طالما لم تقدم باكستان علی التعاون الصادق في مكافحة الإرهاب معها، فإن السلام والأمن لن یتحققا في أفغانستان.

ولإزالة مثل هذه الاتهامات جرت على مدى السنوات القليلة الماضية عدة محادثات بين أفغانستان وباكستان بواسطة دولة ثالثة، ولکنها لم تخرج بنتائج مفيدة وعملية.

وفي أحدث ردود على السياسات الباكستانیة في أفغانستان، کتب مستشار الأمن القومى للرئيس الأفغاني السابق “رانجين دادفر سبانتا” في مقال له في إحدی الصحف الصادرة في كابول: إن باكستان تطالب بالسيطرة على السياسة الخارجية لأفغانستان، وهم یریدون أن تتم صیاغتها علی حسب رغبات إسلام آباد.

وهذا الکلام الذي یصدر عن مسؤول رفيع المستوى في حكومة أفغانستان السابقة في حال صحته، یدل علی الأهداف الاستراتيجية لإسلام آباد في هذا البلد، والتي تواصل تجهيز المعارضة المسلحة في كابول وتشجیع طالبان لتحقیق هذه الأهداف.

من جهة أخری، فإن مزاعم باكستان، إذا كانت صحيحة ، تعني أن الحكومة الأفغانية أيضاً قد وصلت إلى استنتاج مفاده أن المفاوضات السياسية لن تؤدي إلی نتیجة، ولن یتحقق السلام والمصالحة مع حركة طالبان الأفغانية، ولذلك ستقوم بالرد ومن خلال إسکان طالبان الباكستانية في الحدود بين البلدين، ستعمل ما عملته باکستان في السنوات الثلاث عشرة الماضية.

ونتيجة لذلك فإن الحلول القصيرة المدى لتقارب البلدين تبدو بعيدة الاحتمال، إلا إذا وصلت كابول وإسلام آباد إلى قناعة بأنه من دون التعاون الصادق في مجال اجتثاث الإرهاب، فلن یسلك أي من البلدین طریق السلام والمصالحة.

ولکن هناك طریق آخر أیضاً وهو أن تجلس دول المنطقة بما فیها جمهوریة إیران الإسلامیة وأفغانستان وباکستان وبمشارکة دول آسیا الوسطی علی طاولة واحدة، لتجد حلاً للمشاکل عن طریق التعاون الإقلمي المشترك.

ومن جهة أخری علی الدول خارج الإقلیم أن تکفّ عن السیاسات المزدوجة وغیرالشفافة، إذ إن الولایات المتحدة الأمیرکة هي صدیقة باکستان وتقدّم مساعدات ضخمة للجیش الباکستاني، کما هي تتودّد إلی أفغانستان أیضاً، ولهذا فإن الإزدواجیة الأمیرکة قد منعت حلول الاستقرار والأمن في أفغانستان والمنطقة .

 ومع أن السلام المستدام یتطلب جهود جمیع الدول، ولکن الدور الحاسم في هذا الأمر ستلعبه إرادة الأفغان والباکستانیین معاً، وإذاما حاولت السلطات الباکستانیة حمایة مصالحها الوطنیة عن طریق الحوار السیاسي والتعاون ، فإن ذلك یمثل خطوة کبری في سبیل السلام ومحاربة الإرهاب بشکل جاد.

 وإن الظروف التي تعیشها أفغانستان لا تسمح لها بتصدیر الإرهاب إلی باکستان انتقاماً، ولذلك فإن الاتهامات الباکستانیة لها لیست صحیحة تماماً، وحتی الشعب الأفغاني یخشی تکرار مأساة بیشاور في کابول.

وفي کل الأحوال طالما هناك عداء خفي وغير معروف، وطالما أن القرار المشترك والصادق لمكافحة الإرهاب والتعاون الإقليمي غیر موجود لدی أفغانستان وباكستان، فإن أیادي التطرف والإرهاب سوف لن تنقطع في كابول وإسلام آباد.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق