التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

وتبقى للشعوب احلامها ..! 

د . ماجـــد أســد
     لم يكن نابليون بونابرت يستند قوته من اقتصاد فرنسا الذي وضع بين يد الامبراطور ولا بالفيالق التي كانت بأمرته ولا بصعوده من ضابط الى امبراطور ولا من عبقريته الاستراتيجية – التكتيكية فحسب ، بل كما قال هو من احلام جنوده النائمين !
     ولان الكلمات لها مظهرها الخادع كما في كثير من المواعض او من الاناشيد او رسائل العشاق . فأن نابليون لم يكن محللا نفسيا او مراقبا لأحلام جنوده النائمين من الداخل فحسب ، بل كان يعمل على تفكيك تلك الاحلام للانتقال منها – كأشارات – الى فضاء الحركة و قلب معادلة المستحيلات الى ممكنات و استبدال الامنيات والانتظار بالوقائع والتطبيقات والافعال .
     اننا – عمليا – نلفت النضر الى المركز – الامبراطور – من غير اشارة الى الكتل البشرية وما كانت تحلم ان تحققه وقد اصبحت طوع يديه فالحرب ليست نزهة او مسرحية او حكاية ترويها الفضائيات . انها ازمنة عصيبة يتخلى فيها الانسان عن ( مودته ) نحو : اقتل قبل ان تقتل ولعل خسائر الامبراطور المتعاقبة التي افضت به الى المنفى و الموت تكفي للتحدث عن انتصارات وهمية بعد ان هدر الدم الفرنسي في الاراضي التي وطئتها اقدام هؤلاء الجنود النائمين !
     في مشهدنا الدولي والعربي … وفي بلدنا هل ثمة قادة يستمدون خططهم من احلام شعوبهم النائمة ام لم تعد لمظاهر الكلمات الخداعة قيمة تذكر ؟
     الفضائيات ككل وسائل الخطاب لا تخفي مصادر حضورها ، بل وعبقرية هذا الحضور في الحفاظ على زخم التناحر و التصادم بأي شكل من الاشكال : من الاديولوجيات الى القومية ومن الدين الى الحضاري ! فالاقوى عمليا من يمتلك : المال و تقنيات الاسلحة والاعلام . والاضعف يبقى يتخبط بما يصدر عنه من انين .. او عويل .. او تحمل !!
     وهذه هي المعادلة بعيدا عن ( غوايات ) الكلمات وسحرها وجاذبيتها : ثمت انتصارات – كأنتصارات نابليون او هتلر او اي زعيم اخر – ليس بأستطاعتها ان تتستر على الوجه الاخر لها : دماء الارواح البشرية وتدمير ممتلكات الشعوب وايقاف نموها المعرفي بل والانساني …
     مع ذلك فالمشهد المحلي عندما يتسائل الناس : متى تبدأ الحياة ؟ لا نجد اجابة توازي الازمنة التي استنزفت حياتهم .. واحلامهم .. ومواردهم . من اجل آمال مؤجلة ! فالوعود تعقبها الوعود .. والمؤتمرات تتعاقب ، بعد ان كف الذين كانو يمثلون عملية التغيير عن التوحد … وعن المصالحة … وعن الشراكة ايضا !
والسؤال : اية قوة كامنة معلنة او لا مرئية تكمن وراء تأجج الصراع بأشكاله كافة ، من زعزة الامن .. الى ضعف الخدمات .. والى شغف التصريحات وفتنتها و اية قوة – هي – هذه التي لا تدع غالبية السكان يحلمون ! كي نجد من يتعرف عليها ويعالجها بحكمة ، بدل ترك خاتمة التناحر تحافظ على ديمومتها …. وفي الغالب : على ديناميتها !
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق