التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

صندوق الستر والأمان 

فالح حسون الدراجي

   أمس كنت في حضرة العراقيين (الكرماء)، وأقصد بهم الأخوة في صندوق الإسكان التابع لوزارة الإعمار والإسكان. وطبعاً فإن الناس الكرماء ليسوا بالضرورة أن يعطوا مالاً من جيوبهم، أو أن يكرموا ضيفاً في موائدهم، إنما الكرم الحقيقي صفة تمتزج بالشجاعة، والخلق الرفيع، والإنسانية النبيلة، والمواطنة الطاهرة.. لقد كان علي بن أبي طالب شجاعاً، فمن الطبيعي أن يكون كريماً رغم عوزه المالي، لذلك أعطى ابو الحسن يوماً زاد فطوره لفقير، وهو صائم، ولم يبق من فطوره، لفاطمة، غير رغيف خبز يابس وقدح ماء وصم ملح!! 

الكرم الحقيقي في الجود بالقليل الذي معك، وليس بالكثير الذي تعطيه من كثيرك، فليس عظيماً أن تعطي مليون دينار لشخص، وأنت تملك مئات الملايين، إنما العظمة في أنك تعطي ديناراً واحداً لاتملك غيره. سأعترف أمامكم وأقول بإني معجب جداً بأداء بعض شركات، ودوائر ومنشآت وزارة الأعمار والإسكان. فثمة شركات بهذه الوزارة بيّضت الوجه الكالح للحكومات العراقية، ليس بإنجازاتها الإستثمارية، والإعمارية الكبيرة فحسب، إنما أيضاً بنظافتها، ونزاهتها وإخلاصها. فشركة المنصور مثلاً، وشركة حمورابي، وشركة الفاو، وغيرها من شركات وزارة الإسكان باتت اليوم مفخرة من مفاخر الإنجاز الوطني العراقي. فبالقدر الذي أحيي فيه أداء وزارة الإعمار والإسكان، سواء في عهد وزيرها السابق المهندس محمد صاحب الدراجي، الذي أثبت بأنه واحد من أفضل الوزراء الذين مروا بوزارات الدولة العراقية في مختلف عهودها وعصورها الحكومية، وانتهاءً بوزيرها الجديد طارق الخيكاني، ذلك الوزير الشاب الذي تمكن عبر فترة قصيرة من وضع بصمة خاصة به في سجل الأداء الوزاري، ونجح كثيراً في أن ينسج له شخصية قيادية مميزة.. وإذا كنت معجباً جداً بأداء شركات وزارة الإعمار والإسكان، فإني في الحقيقة معجب بشكل أكبر بأداء صندوق الإسكان التابع لهذه الوزارة. ولعل سائلاً يسألني ويقول: لماذا صندوق الإسكان؟
فأقول: إن لصندوق الإسكان علاقة مباشرة بحياة (ووطن) الناس، فهذه الميزة جعلتني أمنحه الأفضلية في الحب والإعجاب.. سيما وإني كنت قد لمست جهد هذا الصندوق ومآثره الكريمة بنفسي قبل سنوات، حين إحتجت اليه في بناء قطعة الأرض الصغيرة التي وفرتها لي، ولغيري من الزملاء، نقابتنا الصحفية العزيزة. فكان لهذا الصندوق موقف لا ينسى أبداً، على الرغم من إني لم أحظ بأي إستثناء من إدارة الصندوق، ليس لأن هذه الإدارة لا تعطي الصحفيين تميزاً في التعامل إنما لأني في حقيقة الأمر لم أكن محتاجاً لمثل هذا الإستثناء، خاصة وإن معاملتي كانت تمشي بشكل طبيعي، بل وكانت تركض ركضاً مع معاملات المواطنين الآخرين دون الحاجة للتوسط عند الإدارة أو لدفع الرشوة لاسمح الله. وللحق فإن مؤسسة صندوق الإسكان- ويشهد الله  عليَّ ورسوله – من أشرف وأنزه وأنبل المؤسسات الحكومية العراقية التي عرفتها في حياتي، بعد أن تابعت أداءها بنفسي وراقبت موظفيها بدقة، وسألت عن نزاهة مسؤوليها العشرات، والمئات من المراجعين، فما سمعت من أحد شكوى ضد موظفيها، ولا إستغاثة من أحد عن أية رشوة، أو فساد. لقد أحببت هذا الصندوق، لأنه متخصص في مساعدة العراقيين على بناء بيوت تحمي أطفالهم ومتخصص بإسناد المحتاجين في محنتهم السكنية. هل جرب أحدكم يوماً وهو يبني بيتاً ليكون عشاً له، وملاذاً آمناً لأطفاله، فيصِل بناؤه حد السقف، ثم يجد مدخراته قد نفذت، وماله قد تبخر بين مفردات الطابوق والإسمنت وشيش الحديد، فيركض محتاراً هنا وهناك عسى أن يقرضه أخ، أو صديق بعضاً من المال ليكمل فيه البناء، أو عسى أن يجد مصرفاً يساعده على تجاوز هذا الظرف الصعب.. فيفشل في العثور على إبن حلال يساعده، لكن فجأة ينبري له هذا الصندوق الكريم ليعطيه مالاً بلا منة، ولا فوائد؟! هل جرب أحدكم هذه المحنة، فوجد أمامه يد (صندوق الإسكان)، لتعطيه قبل أن يطلبها بيسر، وهدوء، وكرامة؟
لذلك، ومن أجل هذا أعطى قراء جريدة (الحقيقة) أصواتهم لصندوق الإسكان الكريم، عبر الإستفتاء الشعبي لأفضل مؤسسة خدمية لعام 2014، لاسيما أصوات الذين رأوا بعينهم مواقف هذا الصندوق، إذ ليس من السهل أن يعينك هذه الأيام أحدٌ مهما كان على بناء بيت تلوذ به، وتحتمي بظله  في حر الصيف وبرد الشتاء دون مقابل. لذلك  سأقول ومعي الملايين ألف شكر لهذا الصندوق، وألف شكر لمن يقف خلفه دون ضجيج وإشهار. وفي الختام أقول بصوت عال، للنواب العراقيين، وللحكومة العراقية، ولكل من يشعر بقيمة البيت، التي لا تقل عن قيمة الوطن، أقول لهم جميعاً، قفوا مع صندوق الإسكان، وأعطوه من الموازنة ما يمكنه من دعم المحتاجين، ومن مساعدتهم على بناء بيوت صغيرة لهم، ولأطفالهم، وأقطعوا من رواتبكم، ومن تكاليف حماياتكم، ومن مصروفاتكم الشخصية، بل وإقطعوا حتى من مصروفاتنا، ومن كل ما يأتي في باب الكماليات، كي يظل صندوق الإسكان قادراًعلى توفير الدعم للفقراء، لأن هذا الصندوق ليس صندوقاً لإسكان العراقيين فحسب، إنما بات اليوم صندوقاً لأمانهم، وستراً لعيالهم، وضماناً لمستقبلهم..

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق