التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

فی أجواء الثورة الاسلامیة .. ثورة قیادة وشعب اسقطت رهانات الغرب؟ 

في مثل هذه الأيام, وطأت أقدامه أرض ايران, واضعة بداية النهاية لزمن من حكم الشاه الملكي وتسلط قرار دول الغرب التي تحكم فعليا من وراء صورة الشاه, الدول التي عاثت فسادا في مقدرات الدولة وأموال الشعب واملاكه وعاشت على صحنه الذي حرم منه, وجعلت لسنين من الحكم البهلوي شعبا وتاريخا وحضارة فارسية عريقة في قفص محجوب

هو ذاك الرجل العظيم, ينام هادئا هانئا في رحلة الطائرة التي تقله من فرنسا الي ايران وبعض من اصحابه ومعاونيه, فخلال الرحلة المهددة بالقصف من قبل نظام الشاه, نقل من رافق الامام أن عينيه غفت في امان اثناء الرحلة, ما أظهر قوة وايمان وثبات وطمأنينة هذا القائد العظيم .

هو الامام روح الله الموسوي الخميني آت ويحمل معه في قلبه المطمئن تحققا لاحلام وأمنيات شعب مقهور يريد أن ينتزع كرامته وحقوقه المهدورة خلف اسوار القصور الباهرة للعائلة البهلوية الملكية وأصدقائها الغربيين.

في مثل هذا اليوم, قرر الامام روح الله الموسوي الخميني, ان يلبي مطالب شعب يتوق لرؤية قائده,  بعد ان ابعد الامام قسرا من قبل نظام الشاه عن ايران, وأقام قسرا في فرنسا, ولكن رغم التهديد والخطر الكبير الذي كان ينتظر الامام , قرر ان لا يخذل شعبا ناداه توقا للثورة, واتخذ القرار بالعودة لصنع ما لم يكن في حساب اعداء الشعب الايراني.

هو قائد عظيم بعيون شعبه وكل مستضعف على وجه الارض. عظيم لأن شعلة ثورته المعدومة الامكانات انتصرت بدم شعب مخلص لقضاياه, لتسقط نظاما ملكيا تعاونه وتحفظه الدول الغربية بكل امكاناتها وقدراتها.  فحين نزل الامام الى المطار متحديا النظام ومن يقف خلفه من انظمة غربية سياسية واستخباراتية, وبكلماته التي حاكت قلوب مخلصة بذلت الاف الشهداء, بدأ الشاه وحاشيته ومن وراءه من الدول الغربية يدركون أن يوما جديدا في القريب سيأتي, يوم لم يطل قدومه, حتى انقلب المشهد بعد فترة وجيزة من ذاك الهبوط المبارك, ويصبح الشاه هذه المرة في طائرة هاربا ويسقط النظام الشاهي بيد ثورة وضعت باليد الحمراء وردة في زناد يطلق النار عليها , ويقيم الامام حكما اسلاميا أصيلا عبر استفتاء الشعب الذي بذل الاف الشهداء في ثورة راقية جذرية مهيبة واستثنائية ما زالت تصنع تاريخ العالم الجديد دون اي مبالغة !!

قصص كثيرة من قصص العز والاخلاص, بين قائد حقيقي استثنائي وشعب مضح ومخلص, وكيمياء حب ما زال يحيا  لقائد غادرت روحه ايران ولكن لم تغب يده التي كان يرفعها ليبارك فيها رؤوس ابنائه من الشعب الايراني.

هي ثورة اسلامية, جعلت من ايران الماضي الفريسة التي تنهش فيها اطماع الغرب, جمهورية اسلامية لا شرقية ولا غربية في الحاضر, تحمل الامل للمستضعفين في كل العالم, تقارع استكبار دول الغرب التي تريد ان تجعل من المنطقة مستعمرة تمتص منافعها وخيراتها لينعم شعبها وراء البحار بعيش طيب ورفاه !!

لم يحكم الامام الجمهورية الاسلامية, ولم يمتلك ابناؤه الامتيازات كحال اي ثورة حول العالم تكرس قائدها حاكما, على العكس عاش فقيرا في منزل متواضع جدا في احياء طهران, واكتفى بحضانة من شعبه الذي عشقه لحد الجنون, واتخذ بعد انتصار الثورة له بيتا صغيرا بجانب مسجد للعبادة والجهاد يعرج فيه الى حيث أراد.

واكب الامام اقامة تشريعات ونظام اسلامي عصري حضاري, واشرف على انجاز الدستور والهيكل الاداري للحكم, وشيع على طريق استقرار الجمهورية الاسلامية أغلب رفاقه شهداء من كوادر الثورة والاف الابناء, وخط رغم انوف الغرب المنتفع من ايران الشاه بداية الجمهورية الاسلامية الايرانية التي ان اراد احد من الغرب التحدث عنها يدرك أن عليه التعاطي مع دولة مستقلة الى ابعد الحدود في قراراتها, تتبنى اقدس القضايا المحقة حول العالم وتتبناها, ويدرك أن ايران لم تعد لقمة سهلة في فم اطماع الغرب.

انها دولة صاعدة احترمت شعبها وصانت كرامتها واسترجعت حقوقها بالقوة وفرضت احترامها على العالم, ورفضت ان يستمر نظام ملكي على اراضيها يعبث ويسترخص مقدرات الدولة والشعب الايراني وحضارته العريقة, فاقتلعت الثورة ايادي الغرب العابث, وباتت دولة ثورية وسط منطقة تسود حكومتها في هذا القرن الانظمة الملكية وتمتص مقدرتها السياسات الغربية والامريكية دون ان يحرك شعبها ساكن.

تتفرد الدولة الثورية بأصالة في منطقة ثورات حولها كلام كثير, فرغم كل العوائق والتحديات والضغوطات الغربية التي بدأت مع انتصار الثورة الاسلامية, كل المؤشرات والدراسات والتحاليل تشير الى ان الجمهورية الاسلامية ستحتل في قادم السنوات مكانا مهما جدا ترتقي فيه الي مصافي الدول اللاعبة بقوة في الساحة الدولية وستكون من الدول الكبرى والبارزة في المنطقة.

تاريخ الثورة, جزء مهم من تاريخ المنطقة, ومفردات الثورة مدرسة بحد ذاتها دون اي مبالغة وانحياز, محروم جدا من لم يطلع عليها سواء للنقد او للاطلاع المفيد, ثورة قلما نجد مثلها حول العالم, في جذريتها واصالتها قامت وسط تحديات جسيمة تواجهها وواجهتها, وفوق كل هذا تاريخ وحاضر تقارع فيه الجمهورية الثورية رهانات الطامعين التي لم تيأس من ان تلتف على الثورة وتنهار قيمها بعد ان تشيخ ويشيخ الجيل الذي عاش احداثها وذاق طعم انتصاراتها.

 فكما راهن المتربصون على فشل برنامج الثورة في الحكم بعد الانتصار مباشرة واسقط رهانهم الامام مشعل ثورة المستضفين الذي كان يمتلك رؤية ثاقبة وكاملة لكيفية اسقاط الحكم وما بعد اسقاطه, رؤية فاجأت المراهنين على هذا الاستحقاق حيث اكملت الثورة مسارها بنجاح رغم استشهاد واستهداف اغلب كوادرها ونخبها, ووصلت الجمهورية في طريق مثقل متعب بعناد صاحب الحق الى حالها اليوم.

ايران التي كان يتمتع فيها المواطن البريطاني والامريكي والاجنبي عموما بامتيازات, اكثر من المواطن الاصيل, وعاش حاكمها في اروع وافخم القصور حيث كانت اسرته تعتبر ايران مزرعة لها وكل من فيها من الشعب, هم عمال وخدم.

هي اليوم, تخرج من حدود المزرعة الشاهنشاهية, لتصبح دولة اقليمية وازنة واعدة, حرة في قرارها, لها حلفاؤها الفاعلون بقوة في لعبة توازنات استراتيجية تبنيها ضمن علاقاتها الدولية التي تجمع فيها بين المصلحة والمبدأ, في سياسة فريدة تلتزم فيها الدولة بمبادئ ثابتة تدفع لقاءها اثمانا وتتحمل الضغوطات.

 باتت هذه الدولة التي قرأ مفجر ثورتها نقاط قوة كبيرة يختزنها شعبها المقهور, وأخرج طاقات هذا الشعب بثورته, وبقيت بعد توديع الامام في تصاعد للقوة, ليكمل الحارس المخلص الحريص على حفظ ميراث الثورة وضمان الاستمرارية ومتابعة اداء الامانة وسط تزايد الضغوط والصعوبات التي لها لوحدها كلام اخر طويل, فيعترف خصوم ايران اليوم عبر تصريحات يخرج العديد منها الي الاعلام بأن قيادة مرشد الثورة الاسلامية الايرانية السيد على الخامنئي, تجنب البلاد المزالق التي تكاد لها ويدير البلاد عبر جمع التيارات السياسية الموجودة على الساحة بطريقة تحول دون امكانية الالتفاف على الثورة كما حصل في الاحداث الداخلية الايرانية عقب الانتخابات الرئاسية ما قبل الاخيرة, التي اظهرت تعرض ايران لمؤامرة كبرى قادتها الاستخبارات البريطانية الامريكية والاسرائيلية, وتحدث العديد من الكتاب والمحللين والسياسيين ان حكمة الحارس الامين للثورة السيد على الخامنئي الذي احسن مخاطبة الشعب وتوعيته لما يحصل جنبت البلاد هذه المحنة.

لن نكثر الحديث عن وصف ثورة قادت بقائدها وشهدائه المخلصين مسار نقل ايران الشاه الى جمهورية اسلامية لا الى ايران الخميني!!

 مسار نقل مع متغيراته المنطقة كلها من التطبيع مع اسرائيل  الى مرحلة شهدت صعود تيار مقاومات اسلامية وضعت اسرئيل في مرحلة خطيرة جدا, وأهدت الامة انتصارات عجز عن تحقيقها الملوك والأمراء وتسوياتهم المخزية.

الثورة الايرانية النموذجية, تاريخ يمكن أن يطلع عليه كل من اراد أن يبحث في التاريخ ليدرك عبر مقارنته بالحاضر ما يحصل وما سيحصل في المستقبل, لكن الأهم ما يجب ذكره وقوفا عند انجازات ثورة تتعرض لحملات وحشية من التضييقات والاغتيالات وتصفية القدرات واعاقة التطور والعقوبات الاقتصادية لبلد الثورة العلمية والطموح الرائع, لبلد يحاول الغرب ان يفصل قيادته وثورته عن شعبه, ويضرب هذه الرابطة النادرة التي انتجت نصر ثورة مستدامة تشكل خطرا علة الفكر الاستعماري الاسرائيلي وتضع حدا لمشاريع الغطرسة الامريكية وتقارع التيار التكفيري الوليد الهجين لانظمة وهابية تكفيرية عربية واستخبارات امريكية اسرائيلية بريطانية.

لذا يراد لهذا الشعب عبر التضييق الاقتصادي الذي يلاحق لقمة العيش, أن يتحلل من قيم وثورة دفع لأجلها الدماء, ويقابل هذا حرب ناعمة تهدف لتغيير البنية الثقافية للمجتمع مع قادم السنوات, عبر استهداف الشباب في غزو ثقافي ممنهج, يستهدف قتل القيم الثورية في وسط الجيل القادم وفصله عن قيم اهله واجداده ليلتف على ثورته بنفسه ويتحقق حلم المتربصين الذين, يجبرون اليوم بفضل قوة ما انتجته الثورة وامتداداتها, على مفاوضة ندية حول قدرات ايران النووية السلمية التي يدرك القاسي والداني أنها ستكرس ايران دولة اقليمية وازنة وستفتح الطريق امام ايران لتحقيق فتوحات علمية وانجازات رائدة وتطور سيرفع من شأنها يوما بعد يوم, وهذا ما تعارضه اسرائيل وبعض الدول العربية التي تتهيب من ذاك اليوم الأتي رغم أنوف من كره الثورة وانجازاتها وراهن على سقوطها, فسقطت رهانات وبقيت الثورة, بقيادة حكيمة مخلصة, ما زالت تتخذ من البيت المتواضع مقرا لها, وما زالت تعتبر الشعب كأحد ابنائها.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق