صحيفة إسرائيلية تبدي قلقها من تحول السياسة السعودية تجاه إيران
وكالات ـ الرأي ـ
سلطت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أضواءها على ما يحدث داخل المملكة السعودية، مشيرةً إلى أبعاد القرارات التي اتخذها الملك حديث العهد سلمان بن عبد العزيز آل سعود، قبيل دفن سلفه وأخيه غير الشقيق عبد الله.
وقالت الصحيفة: “يتضح أن سلمان، الذي كان كما يبدو على نزاع مع عبد الله يسرع جدًا، إلى إعداد الميراث القادم”، مشيرةً إلى قائمة التقارير الطبية غير الرسمية بأنه مصاب بمرض “الزهايمر”، وهو مشلول في إحدى يديه، جراء جلطة دماغية، ويعاني مرض السكري – باختصار، لم يتبق كما يبدو للملك ابن الـ 79 عامًا فترة طويلة من حياته”.
ولفتت إلى أن تقارير مشابهة نشرت عن سلفه الملك عبد الله الذي تجاوز الفترة التي أعدت له، منوهةً إلى أن سلمان قام بخطوة أولى، حتى قبل أن يبحث في مواضيع مصيرية كأزمة النفط، الأزمة في سوريا أو النزاع مع الأردن، حين عزل وعيّن عشرات الأمراء في المملكة.
وعلقت “هآرتس” على هذه القرارات: “بصورة غير مفاجئة، أغلبية المعزولين كانوا مقربين من الملك عبد الله. مثلًا قام بعزل ابنين من أبناء سلفه – مشعل الذي كان حاكمًا لمكة، وتركي الذي كان حاكمًا لمدينة الرياض العاصمة – وكذلك خالد بن بندر الذي كان رئيسًا لجهاز المخابرات، وسلفه بندر بن سلطان الذي كان رئيس جهاز المخابرات السابق، وبعد ذلك السكرتير العام لمجلس الأمن القومي”.
وبحسب الصحيفة فإن “هذه التغييرات لم تأتِ من فراغ، فالحديث يدور عن برنامج مرتب، فقط انتظر موت الملك من أجل أن يتحقق. ومن خلف هذا البرنامج يقف هدف مزدوج. أولًا، تطهير البلاط من رجال الملك عبد الله، وعلى رأسهم ابنه متعب، الذي كان يتوق إلى الوصول لرأس هرم السلطة عن طريق تعيينه وليًا للعهد في المستقبل، ثانيًا، إغلاق الحسابات مع عدد من أعداء سلمان، الذين تآمروا على إبعاد الجناح السديري من الحكومة، أبناء الأميرة حصة السديري، وهي واحدة من عشرات زوجات الملك المؤسس عبد العزيز”.
ونوهت الصحيفة إلى أن المتآمرين ومن ضمنهم متعب، ورئيس البلاط الملكي خالد التويجري، وبندر بن سلطان، الذي كان طوال عشرات السنين سفير السعودية في واشنطن ورجل الاتصال الاكثر أهمية بين المملكة والإدارة الأميركية، وكذلك محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد حاكم دولة الإمارات العربية، ركزوا جهودهم على الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي كان وزير داخلية قوي، وبعد موته – خلفه ابنه محمد بن نايف. لقد خافوا أنه كابن لأحد الأمراء “السديريين” أن من الممكن أن يرث الحكم، وبهذا يتم وضع نهاية لطموحاتهم”.
وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أسرار العلاقة بين ولي عهد دولة الإمارات، متعب، بندر والتويجري، موضحةً أنها تأسست قبل سنين عديدة، عندما قرر محمد بن زايد أن عليه انشاء تحالف سعودي – إماراتي مكون من أبناء الجيل الشاب، يقوم بإملاء الخطوات السياسية في المنطقة.
وأضافت: “ابن زايد، وهو واحد من أثرياء دول الخليج الفارسي، تبنى الأميرين بندر ومتعب ورئيس البلاط الملكي خالد التويجري الذي كان بمثابة الحاجب الذي يقرر من يقابل الملك ومن لا يقابله، وأنفق عليهم أموالًا طائلة. كانت تلك مجموعة متكتلة جدًا ومصممة، تلقت ضربة قوية عندما قرر الملك عبد الله عزل بندر من رئاسة المخابرات بسبب فشله في إدارة الأزمة بسوريا”.
أما الأمير متعب وكذلك “طباخ المؤامرات” التويجري – بحسب الصحيفة – تم ابعادهما عن مناصبهما (رغم أن متعب يواصل عمله كوزير مسؤول عن الحرس الملكي)، بقي لمحمد بن زايد القليل من الأمراء في المملكة السعودية، منبهةً إلى أن العلاقة بين المجموعة السعودية وبين ابن زايد توضح ليس فقط التوق للحفاظ على مكانتهم في السلطة من قبل أبناء عائلة عبد الله المتوفى، ولكن أيضًا بهدف تقليص قوة المدرسة الوهابية المتشددة في المملكة.
وطبقًا للصحيفة فإن “الجيل الشاب الذي تعتبر هذه المجموعة المطرودة منه، ترى في الملك سلمان ومقربيه من العائلة – لاسيما الأمير محمد بن نايف – محافظون يعارضون رياح التطور التي تتأجج في أوساط الشباب السعودي”.
كما أن الاختلافات السياسية – تتابع الصحيفة – تُميِّز الملك الجديد عن خصومه، مثلًا سلمان يعارض العقوبات التي فرضت على قطر، وكان يعتقد أنه يمكن إخضاعها لإرادة المملكة بطرق ليّنة. كما أنه لا يعارض التعاون بين السعودية وإيران، خلافًا لموقف عبد الله.
واستطردت “هآرتس”: “الخوف من تحول السياسة السعودية تجاه إيران، وربما أيضًا العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين يقلق المصريين الذين تلقوا دعمًا غير محدود من الملك عبد الله، الذي أعلن الجماعة في السعودية كتنظيم إرهابي”.
كما وكشفت الصحيفة نقلًا عن بعض المصادر النقاب عن أن حاكم الإمارات عارض اتفاق المصالحة مع قطر، وحسب رأيه فإن الدوحة لم تعرض أي تنازلات من جانبها مقابل هذا الاتفاق. وفي رده على الاتفاق – ادعت “هآرتس” – أن حاكم الإمارات سعى إلى تطوير علاقات بلاده مع إيران، كما أنه دعم الحوثيين في اليمن، وذلك خلافًا لموقف الملك عبد الله.
وختمت الصحيفة الإسرائيلية تقريرها: “لا يسود الهدوء الآن في المملكة السعودية، ولن يكون الأمر مملًا في الزمن القريب. المشكلة هي أن شبكة العلاقات الشخصية هذه يمكن أن يكون لها تأثير هام على التطورات في المنطقة، ولاسيما أن السعودية تحولت إلى محور مركزي تدور حوله المعارك السياسية. انتهى