التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

مسخرة ! 

عبدالرضا الساعدي /
جميل جدا أن تعود الحياة الى المسرح .. وما زلنا نتذكر المقولة المهمة (( أعطني خبزاً و مسرحاً أعطيك شعباً مثقفا )) .. فالمسرح هو أبو الفنون جميعا ، وهو واجهة ثقافية وفنية مؤثرة ومباشرة مع الجمهور الذي يبحث عن المتعة والفائدة معا .. ونحن مع عودة المسارح ودور السينما بقوة وبجدية ، في بغداد وفي المحافظات ، بدلا من اندثارهما،كوسيلتين كبيرتين من وسائل ديمومة الحياة والثقافة والبهجة .. ولكن هل ما تعرضه مسارحنا اليوم ، وتحديدا مايعرف بالمسرح الكوميدي أو الهزلي ، هو بمستوى ما تريده وما تطمح إليه الناس اليوم ، أو ما تبحث عنه ثقافتنا وشريحة المثقفين والمبدعين في هذا البلد الحضاري.
ما الذي قدمته وتقدمه هذه المسرحيات الهزلية ،اليوم ؟!..
تكاد تجتمع هذه الأعمال ، بشكل عام ، على مجموعة من الحركات والنكات المرتجلة القريبة من التهريج الذي يصل حد الإساءة أحيانا للذائقة ، يفتعلها بعض الممثلين الذين عرفوا من خلال التكرار في الظهور على شاشات التلفاز أو المسرح ، والآخر غير المعروف الذي يبحث عن حظه في هذا المجال _ لأنه الأسهل باعتقادهم _ ، متمادين في السطحية والطروحات الساذجة ، حيث السخرية من الناس أنفسهم ، أولا ، والسخرية من أنفسهم ثانيا ! ، مع تكرار في النمطية والإتجاه صوب شرائح محددة في المجتمع العراقي ، لا سيما شرائح المجتمع الريفي الجنوبي البسيطة ، وتقديم نماذج مشوهة ومفبركة حد المسخرة ! ، لأن بعض المتعاملين مع هذا النمط من المسرحيات ، تمتد أصولهم إلى الجنوب ، ويجيدون لهجات تلك الشرائح البسيطة الطيبة ، بينما الآخر يحاول افتعالها ، لأنها تثير ضحك المشاهد _ باعتقادهم _ ، وكأن الشخصية الريفية معروضة للضحك والسخرية لا أكثر ! ، أو كأن حاجة المسرح والثقافة والناس لا تتعدى ذلك.
ونتذكر أيضا ،حين كانت تعرض المسلسلات والأعمال البدوية سابقا ، من على شاشة التلفاز ، لم يكن أحد من المتعاملين مع هذا النمط من الأعمال _ على اختلاف توجهها طبعا _ باعتبارها أعمالا درامية وليست كوميدية ، أن يتجرأ ويسيء الى هذه الشريحة من المجتمع ، على بساطتها .. بل لم يتجرأ أحد أن يفكر في تقديم الشخصية البدوية على المسرح بالشكل الذي يحصل مع الشخصية الريفية الجنوبية .. لماذا؟! ..
والحال بقدر ما هو واضح للغالبية التي ترتاد هذه المسارح الهزلية في بغداد_ على قلتها وندرتها _ ، فإنه يدعو للتوقف والتساؤل ،وكذلك البحث عن حلول وبدائل منطقية وواقعية .
نعم للمسرح وحياته وديمومته من أجل ديمومة الحياة نفسها ، ومن أجل منفعة الناس وبهجتها وتواصلها مع الفن والحضارة والمتعة الراقية، ولسنا مع السخف الذي يطال عقول المشاهدين ويستخف بهم تحت يافطة هذه الكوميديا الرخيصة.
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق